عضوة في اللوردات تطالب بكشف مصيرهم

الإنجليز اختطفوا نصف مليون مصري «في الحرب الأولى» ووزّعوهم على المستعمرات

صورة

كشفت ندوة استضافها «بيت السناري» بالقاهرة، الثلاثاء الماضي، عن قيام الإنجليز باختطاف نصف مليون فلاح مصري من قرى الصعيد أثناء الحرب العالمية الأولى 1914، وتم شحنهم في السفن في ظروف أشبه بالاسترقاق وتوزيعهم على أماكن مختلفة من العالم، كما كشفت الندوة عن تواصل جهود أكاديمية وسياسية في بريطانيا والولايات المتحدة، للكشف عن مزيد من الحقائق بهذا الشأن، وعن دعوات لتعويض مصر مادياً ومعنوياً الأبرز فيها دعوة أكاديمي لتعويض مصر بثلاثة مليارات جنيه استرليني، بحساب الفوائد والتضخم حسب دراسة أجراها.

وقال الأكاديمي والسياسي المصري، مؤسس الحزب الديمقراطي الاجتماعي الدكتور محمد أبوالغار، في الندوة التي أقامتها «سيرة القاهرة» في «بيت السناري» التابع لمكتبة الاسكندرية، إن «ندوة أقامتها جامعة نيويورك احتفالاً بثورة 1919، شارك فيها أكثر من 20 أستاذ تاريخ أميركياً، قادته إلى معرفة الجهود الأكاديمية، خصوصاً تلك التي قام بها، كايل أندرسون، أدت إلى كشف واقعة (الفيلق) الذي شكّله الإنجليز من فلاحي الصعيد عام 1914، حيث تم خطف وشحن الفلاحين بما يشبه الرقيق في مراكز احتجاز مؤقتة تضم غرفاً يتم حشر من 70 إلى 80 شخصاً منهم في الغرفة الواحدة، ثم يتم شحن بعضهم على السفن لتسافر بهم عبر البحار».

وتابع أبوالغار «إن أعداد الضحايا من الفلاحين وصلت في الفترة من 1914 إلى 1917 إلى أكثر من 327 ألف شخص، ووصلت في عام 1918 إلى نصف مليون شخص، فإذا عرفنا أن عدد سكان مصر وقتها كان 12 مليون شخص، وعدد الرجال ستة ملايين شخص واستبعدنا نصف هؤلاء من الشيوخ والأطفال، لأدركنا كم يمثل رقم النصف مليون مختطف من خطورة».

وأضاف أبوالغار أن «الانجليز في بداية الأمر، وحسب ما روى أندرسون في كتابه (فيلق العمال المصريين، العرق والمكان في الحرب العالمية الأولى)، حاولوا أن يقنعوا الفلاحين بالانضمام لهم طواعية، وضمن عقد محدد المدة ومحدد الأجر بقيمة من 5 - 6 قروش في اليوم، لكنهم - أي الإنجليز - اكتشفوا بعد فترة عدم إقبال الناس فلجأوا إلى العنف والاختطاف من الأسواق والمساجد، والكنائس والشوارع، وكانوا يربطون الناس بالحبال والسلاسل ويجري وراءهم الأهالي بالصراخ والعويل، ووصل العنف إلى مقتل العشرات من رجال البوليس أثناء محاولات الاختطاف هذه، وبينما تحدث الأرشيف البريطاني عن مقتل 23 فرد بوليس في تلك الفترة تحدّث الأرشيف المصري عن أن أعداد قتلى البوليس في الحادث تعدّى الـ200 شخص».

وقال الأكاديمي والسياسي المصري البارز «إن بعض هؤلاء العمال أخذوا إلى سورية وفلسطين ولبنان والعراق، وبعضهم الآخر ويقدّر عددهم بـ20 ألف شخص تم إرسالهم إلى أوروبا، كما أن هناك أعداداً منهم تم تسخيرها للعمل في سيناء، حيث تم إنشاء خط السكك الحديدية من القنطرة إلى العريش، وخط المياه في المسافة نفسها لدعم المجهود الحربي الإنجليزي».

تجاهل مصير العمال

وحول مصير هؤلاء العمال، قال أبوالغار: «إن الوثائق أغفلت تحديد مصائر هؤلاء العمال، خصوصاً أن معظمهم أميّ فلم يسجل خط سيره، وهناك تقديرات بأن أعداد الذين ماتوا منهم أثناء الحرب، نحو 20 ألف شخص في كل العالم، لكن هناك 220 شخصاً دفنوا في بلجيكا وفرنسا وإنجلترا واليونان في قبور عليها شواهد تحمل أسماءهم، وهناك قبور جماعية لمجموعات دفنت دون ذكر أسماء».

وقال أبوالغار إن «الوثائق كشفت عن قيام عمال الفيلق باحتجاجات في عام 1917حين قارنوا أوضاعهم بأوضاع زملائهم العمال الأوروبيين، من بين تلك الاحتجاجات عصيان في ليمولس في مايو 1917 بعد تعرّض أحدهم للجلد كانت نتيجته إطلاق الرصاص عليهم ومقتل خمسة عمال، وتمرد آخر في سبتمبر 1917 قتل فيه 24 شخصاً، وأصيب العشرات».

وقال أبوالغار إن «ملف الفيلق» أعيد فتحه مجدداً منذ أسابيع، بعد أن تقدمت عضو مجلس اللوردات، البريطانية ليدي بنيت، باستفسار لوزير الحربية البريطاني عن مصائر الذين حاربوا مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى، وما إذا كانوا تلقوا معاملة كريمة أثناء دفنهم أم لا، فردت الحربية البريطانية بتقرير قالت فيه إنها «توصلت لمعرفة أماكن قبور 23 شخصاً من الفيلق المصري فقط»، كما دعا في الوقت نفسه أستاذ التاريخ الاقتصادي في جامعة نيويورك، آرون جاكس، إلى «منح بريطانيا مصر مبلغ ثلاثة مليارات جنيه إسترليني تعويضاً لها عما حدث في واقعة (الفيلق)».

توثيق

الجدير بالذكر أن المؤرخ المصري أمين عزالدين قام في فترة سابقة بمحاولة لتوثيق قصة «الفيلق»، من واقع الأرشيف البريطاني، لكن جهوده لم يظهر منها سوى رواية حملت الاسم نفسه في المكتبة المصرية.

تويتر