تأكيداً لهويته الوطنية المصرية المشتركة

يوسف شاهين أوصى بخروج جنازته من «عمر مكرم»

صورة

تصدرت سيرة المخرج الراحل يوسف شاهين مشهد الدورة الـ41 لمهرجان القاهرة السينمائي الجاري حالياً في مصر، بمناسبة الإعلان عن عرض المهرجان لفيلم يتعرض لجوانب من حياة عائلة شاهين، وتضمن الفيلم الذي تبلغ مدته 95 دقيقة لقطات نادرة من أرشيف عائلة المخرج العالمي، بما يشمل ذلك من صور وفيديوهات وتسجيلات خاصة، وكان اللافت تجدد النقاش حول حلم شاهين بخروج جنازته من مسجد عمر مكرم، وفي الخلفية تلاوة لشيخ المقرئين محمد رفعت، تأكيداً من شاهين على عمق إيمانه بـ«الهوية المصرية المشتركة».

يروي فيلم «احكيلي»، الذي أخرجته ماريان خوري، ابنة شقيقة يوسف شاهين، حياة أربعة أجيال من تاريخ العائلة التي وصفها شاهين بـ«الكوزموبوليتينية»: جيل أم يوسف شاهين، جدة ماريان، جيل يوسف شاهين نفسه، جيل ماريان، جيل سارة ماريان. ويصف الفيلم صراع الأجيال والثقافات في العائلة التي تنتمي إلى جذور كاثوليكية في زحلة في لبنان، ويونانية، وتواصل مصري، وتتكون من أرثوذكس، وكاثوليك، وبروتستانت، ومسلمين سنة وشيعة، ودروز، وتتمدد على ثلاثة فضاءات جغرافية، هي مصر، ولبنان، واليونان، علاوة على مناطق عدة، سافر أو درس أو أقام بها أفراد العائلة، مثل كوبا، وفرنسا، والولايات المتحدة، وتتحدث العائلة أربع لغات هي العربية، والفرنسية، والإنجليزية، واليونانية، وقد حلّ شاهين إشكالية هذا الصراع بانتمائه المطلق للهوية المصرية، حيث كان يعرِّف نفسه بأنه «مصري أولاً وعاشراً»، ويعتبر بقية المكونات روافد لتكوينه. وقالت خوري في تصريحات صحافية إن «الفيلم إنتاجه مصري 100%، كان من الصعب أن تشاركني شركة إنتاج وتفرض علي وجهة نظرها، أو أن أذهب إلى أحد صناديق التمويل السينمائي لأطلب دعماً، لأن (احكيلي) له خصوصية كبيرة».

مصري بالإرادة والعشق

وقال الناقد السينمائي، طارق الشناوي، في كتابة صحافية، تعليقاً على الفيلم إن «يوسف شاهين مصري أولاً وعاشراً، مصري بالإرادة والعشق، رغم الجينات الوراثية التي تحمل أصولاً عدة، فهو لم يحمل إلا جواز سفر مصرياً، ولم يمثل إلا مصر، وعندما كنت أجلس إليه يستخدم المفردات التي لا تخلو منها أحاديث أولاد البلد، وأكلته المفضلة (الكشري)، وعندما لا يعرف اسم محدثه يطلق عليه (دقدق)».

وأكد الشناوي، تفصيلاً هذه المرة ما تردد عابراً وتلميحاً في روايات سابقة، أن شاهين «أوصى بخروج جنازته من مسجد عمر مكرم». وتابع «أنا شاهد واقعة مطالبة أحد حضور جنازة يوسف شاهين بتنفيذ وصية المخرج الكبير بتوديعه من عمر مكرم، وعلى صوت تلاوة القارئ محمد رفعت»، ونوه الشناوي، منعاً لأي جدل قد يحيط بتأويل هذه الوصية، بأن «هذه الرغبة ليست من منطلق ديني»، وإنما بـ«مفهوم شاهين الإنساني العام الذي جسده في فيلم حدوتة مصرية»، المجسد في عبارته «ولا يهمني اسمك، ولا لونك، يهمني الإنسان ولو مالوش عنوان»، وهي العبارة المنقوشة على مقبرته في الشاطبي بالاسكندرية.

وصية

يذكر أن أحد تلاميذ شاهين، وهو المخرج خالد يوسف، قد ذكر في وقت سابق أن «شاهين ترك وصية بأن يقام له عزاء في جامع عمر مكرم، وأن ابن شقيقه غابي خوري، لم يمانع في ذلك، بحيث يقام عزاءان متوازيان».

ولد يوسف جبرائيل شاهين في 25 يناير 1926 بالاسكندرية، والتحق بمدارس سان مارك في المرحلة الابتدائية، ثم بكلية فيكتوريا، وسافر إلى الولايات المتحدة، حيث درس الإخراج المسرحي في معهد «ياسادينا بلا هاوس»، ثم عاد إلى مصر ليظهر موهبة مبكرة، حيث أخرج أول فيلم له (بابا أمين) وهو لم يتعد 24 عاماً، كما شارك في مهرجان كان بفيلم «ابن النيل» بعدها بعام واحد. أخرج شاهين في حياته 37 فيلماً روائياً طويلاً، وخمسة أفلام قصيرة، وتوفي في 15 يونيو 2008، ونعته أوساط ثقافية وسياسية مصرية وعربية وعالمية، ووصفه الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، بـ«المدافع عن الحريات».

متمرد

عرف عن يوسف شاهين، الذي كان يناديه محبوه بلقب «جو»، بتمرده ومواقفه غير المبالية بالقيود التقليدية، ومن أطرف المواقف مشاجرة تمت بينه وبين سيدة الغناء العربي أم كلثوم، حيث طلبت منه أن يخرج أغنية لها فرفض، وسخر منها، فضحكت أم كلثوم التي كانت معروفة بشخصيتها القوية الطاغية، وقالت مداعبة له «يا ابن المجنونة»، ونشأت بينهما صداقة ممتدة.


- يروي فيلم

«احكيلي» الذي

أخرجته ماريان خوري،

ابنة شقيقة يوسف

شاهين، حياة أربعة

أجيال من تاريخ العائلة

التي وصفها شاهين

بـ«الكوزموبوليتينية».

تويتر