الدستور يكفل للمرأة الحرية في الاختيار

أميركيون يُرغمون زوجاتهم على انتخاب الجمهوريـين

صورة

قبل أيام، شهدت الولايات المتحدة انتخابات نصفية شابها الكثير من الجدل والنقاش. إلا أن الانقسام الواضح في المشهد السياسي قد يكون واجهة لانقسام اجتماعي أكبر؛ إذ تبين أن الأميركيين المحافظين ضغطوا على أفراد عائلاتهم من أجل التصويت لمصلحة الجمهوريين. كما أن العديد من الأزواج دفعوا زوجاتهم في اتجاه سياسي معين، دون إعطاء الفرصة لهن لاختيار من يعتقدن أنه سيمثلهن بشكل جيد.

أخبرت الناشطة أنابيل بارك عن قصة جعلت البعض يتساءل؛ وكتبت على وسائل التواصل الاجتماعي قبل أيام من انتخابات التجديد النصفي، تقول: «لا أستطيع التوقف عن التفكير في هذه المرأة التي التقيتها بينما كنت أدق على الأبواب (في إطار الحملة الانتخابية) في أحد الأحياء بمدينة دالاس»، متابعة «إنها تعيش في مجمع سكني لذوي الدخل المنخفض، وبعد أن طرقت الباب مرات عدة، أجابت ربة البيت بينما كان زوجها يقف خلفها. لقد بدت ساكنة وبدا زوجها مهدداً خلفها»، وأردفت بارك: «عندما تحدثت عن مرشح مجلس الشيوخ (الديمقراطي)، بيتو أورورك، صاح زوجها قائلاً (نحن لسنا مهتمين). نظرت السيدة إليّ وقالت بصوت خافت: (أنا أؤيد بيتو)، وقبل أن أتمكن من الرد عليها، أغلقت الباب بسرعة».

لاحقاً، تساءلت بارك «لقد كانت في ذهني دائماً. هل تعرضت للضرب؟ كان ذلك سبب خوفي». هناك شكل من أشكال ترهيب الناخبين ينتشر على نطاق واسع وغير معترف به، إنهم الأزواج الذين يتسلطون ويسيطرون على زوجاتهم، كما يشهد على ذلك عشرات المتجولين في المدن التماساً للأصوات، من منزل إلى آخر، في جميع أنحاء البلاد.

كسب الأصوات

يبدو أن من العاملين في حملة كسب الأصوات قد شهدوا أشكالاً مختلفة من هذا النوع من الترهيب والتخويف والإسكات، في ما يتعلق بهذه الانتخابات، وفي الانتخابات السابقة أيضاً. وفي بعض الحالات، سألن زوجات أزواجهن عن المرشحين الذين يتعين التصويت لهم. كما أجاب الأزواج، في الغالب، عمن يطرق الباب، ورفضوا السماح للزوجة بالتحدث إلى المرشحين أو من ينوب عنهم، أو تحدثوا أو صاحوا في وجوههن، أو أصروا على أنها ستصوت لمصلحة الجمهوريين، رغم أن الزوجة كانت ديمقراطية مسجلة.

وفي حالات أخرى يُصر رجل البيت على أنه لا يوجد هناك ديمقراطيون في عائلته. ويقول أحد المتجولين لجمع الأصوات في ولاية أيوا: «سألت امرأة أجابت على الباب ما إذا كان لديها خطة للتصويت، وظهر رجل خلفها، وقال: (أنا جمهوري). وقبل أن أتمكن من الرد، أغلق الباب في وجهي».

وقال آخر: «أخبرتني امرأة في ميشيغان أنه غير مسموح لها بالتصويت لمرشح معين». ويقول مختصون إن تلك التجارب كانت شائعة في ولايات أميركية مختلفة. في حين لم يتم رصد قصص عن ظاهرة عكسية - زوجات يسيطرن على أزواجهن، أو أزواج يدفعون زوجاتهم للتصويت لمصلحة مرشح ديمقراطي - الأكيد أن عنفاً أسرياً يحدث عبر الطيف السياسي، لكن يبدو أن «البلطجة» هي في الغالب، إما إلزام الزوجة بالميل إلى اليمين أو عدم المشاركة من الأساس.

قال أحد المتجولين بحثاً عن أصوات الناخبين في كاليفورنيا: «رصدتني ربة بيت وأسرعت لاعتراضي قبل أن أدق الباب»، متابعاً «قبل أن أتفوه بكلمة رفعت الزوجة يديها في وجهي، وقالت: (شكراً، أرجوك اذهب دون أن تُحدث صوتاً)». وكانت هذه السيدة واحدة من اللواتي بدا عليهن الخوف من أزواجهن.

بيت أحمر

طرق الأبواب خلال الحملة الانتخابية هو بالفعل تجربة غير عادية. فالباحثون عن الدعم لمرشحيهم يكتشفون الوجوه الحقيقية للناخبين، ويرصدون الانقسامات، خصوصاً في الأحياء الفقيرة، ويصادفون أناساً شرسين أو غير مبالين أو مشوشين حول الانتخابات. والأغرب من ذلك، يقابلون نساءً، وقد تملكّهن الخوف من رجل المنزل.

تقول ميلودي، التي طرقت العديد من الأبواب في الحملة الانتخابية الأخيرة بحثاً عن الدعم للمرشح الديمقراطي، إنها صادفت رجلاً من نيفادا لم يُعِر لها أي اهتمام، قائلاً: «هذا بيت أحمر. هذا البيت جمهوري!»، وتروي ميلودي «قلت له إنني جئت لأتحدث إلى دونا، فأجاب (إنها لا تريد أن تتحدث معك)».

لأن دونا تؤيد المرشح الديمقراطي، ربما تكون قد صوتت بالطريقة التي تريدها دون أن تخبر زوجها. ولكن ماذا لو اطلع عليها زوجها في كشك التصويت؟ أو صوتت على طاولة المطبخ؟ هل سيشرف على اقتراعها؟ هل تخشى أن تُدلي بصوتها وفقاً لرغبتها؟

لا أحد يعرف إلى أي مدى قد تمنع هذه الهيمنة النساء من التصويت وفقاً لمعتقداتهن الخاصة وأجنداتهن، أو تمنعهن من المشاركة على الإطلاق. بالطبع هناك الكثير من النساء اليمينيات اللواتي يصوتن بحماسة للمرشح المحافظ الذي يخترنه، لكن عندما تنظر إلى الفجوات الهائلة بين الجنسين، بين الديمقراطيين والجمهوريين، أو تسمع قصصاً لا تعد ولا تحصى، فإنك تدرك أن هناك العديد من النساء الديمقراطيات متزوجات من جمهوريين، والعديد من هؤلاء ينوون السيطرة على التعبير السياسي لزوجاتهم.

المشكلة تتعلق بحقوق التصويت، سواء أكانت تؤثر في النتائج أم لا، كما أنها تذكير بأن العديد من النساء ليس لديهن الحرية، ولا يتمتعن بالمساواة في حياتهن العائلية. وقد أفادت ناشطة حزبية أخرى بأن أحد هؤلاء الأزواج، هذه المرة في تورلوك بولاية كاليفورنيا، قال لها: «إذا كانت (زوجته) بحاجة إلى معرفة كيف تصوت، فسأقف خلفها وأضربها على ظهرها». إنها دُعابة قد تكون واقعاً تعيشه تلك المرأة.

يطرح هذا السيناريو القبيح سؤالاً آخر، حول ما إذا كان التصويت بالبريد يزيل خصوصية كشك التصويت، والقدرة على التصرف على أساس ما يعتقده الناخب دون عواقب. وهذا تذكير، أيضاً، بالسبب الذي جعل سعي المرأة الطويل للتصويت في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، مكسباً كبيراً. لقد أصرت النساء على أن التصويت يجب أن يجعلهن متساويات يتمتعن باستقلالية في الحياة العامة، مع الحق في التصرف برغباتهن ومصالحهن الخاصة.

الطاعة الكاملة

«لا يجوز للولايات المتحدة، ولا لأية ولاية فيها، حرمان مواطني الولايات المتحدة حق الانتخاب، أو الانتقاص من هذا الحق بسبب الجنس، (الذكورة أو الأنوثة)»، إنه نص واضح في الدستور الأميركي. ومع ذلك، تصادمت حركة حق المرأة في التصويت مع القوانين التي حددت وضع المرأة على أنها، في الأساس، من ممتلكات زوجها صاحب الحق في السيطرة على جسدها وعملها وأرباحها وأصولها. واشتبك هذا الحق مع العادات التي اعتبرت أن مجال المرأة هو الحياة العائلية، وأن دورها هو احترام وطاعة رجل المنزل. وعلى الرغم من صدور آخر تلك القوانين التي انتهت في التسعينات؛ عندما اعترفت الدولة الأميركية بالاغتصاب الزوجي كجريمة، فإن هذا الصدام لم ينتهِ بعد.

في الأسبوع الماضي، فاز مارك هاريس، الذي طالب الزوجات بالطاعة الكاملة لأزواجهن في الدائرة التاسعة للكونغرس بولاية كارولينا الشمالية. وبذل الجمهوريون في أوهايو مزيداً من المحاولات لإزاحة حق المرأة في السيطرة على خصوبتها. إن جدول الأعمال المحافظ، بالطبع، هو ما يمكن أن تسميه عدم المساواة في الحياة الزوجية.

الحق في التصويت وفقاً لضميرك ورغبتك ليس مختلفاً عن الحقوق المتساوية في مكان العمل. القوانين الأميركية تقول إن الجميع متساوون، ولكن الواقع يقول عكس ذلك. كما هو الحال مع التدابير الجمهورية التي لا تعد ولا تحصى لمنع المواطنين من التصويت على نطاق واسع، بما في ذلك التحقق من القيود، وقوانين هوية الناخبين، والحدود على مراكز الاقتراع وساعات الاقتراع. هذا الطغيان الداخلي هو محاولة للحد من الجهات التي تقرر ما يجب أن تكون عليه الولايات المتحدة.

277 امرأة

ترشحت 277 امرأة في الانتخابات النصفية لمجلس النواب ومجلس الشيوخ الأميركي من كلا الحزبين الرئيسين، وينتمين إلى مختلف الأعمار والأعراق والأديان والخلفيات والثقافات؛ وهو ما وصفته هيئة الأمم المتحدة للمرأة في بيانها بأنه «نصر تاريخي» ومدعاة للاحتفاء. وقد فاق العدد الإجمالي للمنتخبات في الكونغرس الـ100، هذه المرة، وهو ما يمثل رقماً قياسياً من النساء. ومن بين المنتخبات، أول ثلاث نساء من الشعوب الأصلية، وأول امرأتين مسلمتين من ولايتي ميشيغان ومينيسوتا. ومع وجود المزيد من النساء في مواقع اتخاذ القرار، سنرى قرارات أكثر شمولاً، وسنلقى حلولاً مختلفة لمشكلات طال أمدها.

صياغة التشريعات

كانت جانيت رانكين أول امرأة تُنتخب لعضوية الكونغرس. وقالت رانكين، التي كانت تمثل ولاية مونتانا، بعد فوزها في عام 1916: «قد أكون أول امرأة في الكونغرس، لكنني لن أكون الأخيرة». وفي 1933، باتت فرانسيس بيركنز، أول وزيرة للعمل في عهد الرئيس فرانكلين روزفلت، وأول امرأة تخدم في الحكومة. وكانت لاعباً رئيساً في صياغة تشريعات الاتفاق الجديد، وهو عبارة عن مجموعة من البرامج الاقتصادية لمواجهة ما عرف بحقبة الكساد الكبير، بما في ذلك وضع قوانين الحد الأدنى للأجور.

وفي 1973، اشتهرت مارغريت تشيس سميث، عضو بالحزب الجمهوري من ولاية ماين، بخطابها «إعلان الضمير» ضد الهجمات على شخصيات أميركية كانت تصدر عن السيناتور جو مكارثي. وبعد نحو 10 سنوات من ذلك، ترشحت جيرالدين فيرارو أول امرأة لمنصب نائب الرئيس. وقد صرحت في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي لعام 1984 في سان فرانسيسكو قائلة: «إذا كنا نستطيع فعل ذلك، فيمكننا أن نفعل أي شيء».

أما كوندوليزا رايس فقد كانت أول امرأة سوداء تشغل منصب مستشار الأمن القومي الأميركي، في عام 2001، في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، وأول امرأة سوداء تشغل منصب وزير الخارجية الأميركية بين عامي 2005 و2009.

- طرق الأبواب خلال

الحملة الانتخابية

تجربة غير عادية،

فالباحثون عن الدعم

لمرشحيهم يكتشفون

الوجوه الحقيقية

للناخبين، ويرصدون

الانقسامات، خصوصاً

في الأحياء الفقيرة،

ويصادفون أناساً

شرسين أو غير مبالين

أو مشوشين حول

الانتخابات.

- لا أحد يعرف إلى أي مدى قد تمنع

هذه الهيمنة النساء من التصويت وفقاً

لمعتقداتهن الخاصة وأجنداتهن، أو تمنعهن من

المشاركة على الإطلاق.

تويتر