بلغت ثروته 400 مليار دولار

مانسا موسى.. الحاج الذي وزّع أطنان الذهـب على الفقراء في الــطريـق إلى مكة

صورة تخيلية لحاجي مانسا موسى وجيشه المدجج بالذهب. أرشيفية

مع حلول الأيام المقدسة، وحج المسلمين إلى بيت الله الحرام، والوقوف على عرفات، تتجدد ذكريات أشهر رحلة حج في التاريخ الإسلامي، التي قام بها إمبراطور مالي في العصور الوسطى، حاجي مانسا موسى (1312 - 1337 ميلادية)، التي وزع فيها أطناناً من الذهب على فقراء البلدان والشعوب التي قابلها منذ انطلاقه من غرب إفريقيا وحتى وصوله إلى الأراضي المقدسة، وعودته بالكتب والعلم والمهندسين لبناء دولته وصروحها العلمية.

وكان من أغرب المتناقضات التي أحاطت بسيرته، أن العالم الغربي احتفى به، بينما لم يلق في العالم الإسلامي سوى التجاهل.

ويرى الباحث في الدراسات الإفريقية، أحمد عبدالغفار، أن «شخصية حاجي كانجا مانسا موسى ومسيرته تحتاج منا إلى الاحتفاء به، خصوصاً رحلته الشهيرة إلى الحج عام 1324، التي احتلت مساحة ضخمة في الجدل العلمي في الغرب، نظراً لما أحدثته من تأثيرات، من حيث الضجة التي أحيطت بها، وتوزيعه أطنان الذهب على الفقراء في طريقه من غرب إفريقيا وحتى الحجاز، إلى الحد الذي أدى إلى إفلاسه عند وصوله، وإلى خفض سعر الذهب عقداً من الزمان.

كما كان للرحلة تأثير في علاقة الغرب الإفريقي بالشرق الإسلامي، وفي مكانة مالي العلمية، ونظرة الغرب إلى إفريقيا. وأضاف عبدالغفار أن «الروايات تضاربت حول هذه الرحلة، فالبعض روى أنه كان بين يديه 500 عبد، وبيد كل منهم عصا من ذهب، في كل منها 500 مثقال من الذهب. والبعض الآخر قال إن الرحلة تكونت من 100 جمل، و1000 من العبيد، و500 من الجواري، وكان كل جمل محملاً بنحو 150 كيلوغراماً من الذهب. والبعض الثالث قال إن الرحلة ضمت 6000 عبد».

وأوضح أن «الروايات اختلفت في حجم موكبه، حيث قال ابن الوردي صحبه أكثر من 10 آلاف شخص»، أما ابن كثير فقال: «جمع ما بين الركب المغربي والسوداني، فوصل العدد إلى 20 ألفاً، أما ابن خلدون فقدرهم بـ12 ألفاً، كما اختلفوا حول حجم ما حمله ووزعه من ذهب، فابن خلدون وابن حجر قالا إنه أعد لذلك 100 حمل من الذهب، كلّ حمل ثلاثة قناطير، ومن المؤرخين من قال إنه كان معه حمل 40 بغلة من الذهب، لكن الجميع اتفق على أنه حمل ووزع الذهب على الفقراء، إلى الحد الذي وصل بالمؤرخ إسماعيل العربي إلى القول في كتابه (الصحراء الكبرى وشواطئها) إن سعر الذهب انخفض 12 عاماً متواصلة بعد رحلته. كما أن المؤرخ شهاب الدين العمري قال إن الأمر انتهى به إلى الإفلاس، وإلى الاقتراض للعودة من مكة». وقال مؤرخون إن موسى أحضر لدى عودته من الحج عشرات الكتب العلمية، التي أسهمت في النهضة العلمية لمالي، كما أحضر مهندساً معمارياً بنى مدينة تمبكتو، ومسجد جاوه، وجامعة سانكور. وكان موقع Celebrity Net Worth website قد نشر قائمة «أغنى 25 شخصية عبر التاريخ» عام 2012، جاء فيها أن «حاجي مانسا موسى ملك إمبراطورية مالي، التي كانت تشمل حينها غانا، أغنى أغنياء البشرية على مر العصور، إذ بلغت ثروته ما يعادل 400 مليار دولار أميركي بعملة اليوم». وقد تقدم موسى، بحسب هذه القائمة، بذلك على عائلة روتشيلد اليهودية، التي برز ثراؤها منذ القرن الـ18 من خلال العمل في المجال المصرفي، والتي قيمت ثروتها بحسب القائمة بـ350 مليار دولار، موزعة على أفراد العائلة في مختلف أنحاء العالم، وعلى جون روكفيلر (1839 -1937) ثالث أغنى رجل في تاريخ البشرية، بثروة قدرها 340 مليار دولار، فيما احتل الثري الأميركي الإسكتلندي الأصل، آندرو كارنيغي (1835 -1919) في القائمة ذاتها المرتبة الرابعة، بثروة قدّرها الموقع بالتقييم الحالي بـ310 مليارات دولار.


حاجي مانسا موسى أحضر لدى عودته من الحج عشرات الكتب العلمية التي أسهمت في النهضة العلمية لمالي.

تويتر