قلق شعبي من تنامي هذه الظاهرة الغريبة

النازيون الجدد يتغلغلون في مدن كندية

صورة

لا تجذب ضاحية «روزمونت-بتيت-باتري» في مونتريال الكندية، الانتباه الدولي في كثير من الأحيان، إذ يوجد بجانبها العديد من المناطق الأكثر أناقة وحيوية في المدينة، وبالتالي فأحياء الضاحية هادئة جداً بالمقارنة بـ«روزمونت». لقد شهدت عملية تحسين بطيئة، فيما ظلت الإيجارات رخيصة لتصبح واحدة من مناطق الجذب الرئيسة للتسوق في شوارع شبه خالية، معروفة بسلع كمالية، مثل الآلات الموسيقية وتجهيزات الأعراس.

لكن المنطقة الآن أصبحت في دائرة الضوء بسبب شخص واحد من سكانها، البالغ عددهم 140 ألف نسمة، إنه أحد كبار النازيين الجدد في أميركا الشمالية، غابرييل سوهير شاوبوت، المعروف على الإنترنت باسم «زايغر» و«تشارلز تشابل». إنه لا يعيش في الحي فحسب، بل يستخدم منزله كمقر اجتماعات لأفراد آخرين يشاطرونه الأفكار المتطرفة. وبعد أن نشرت جريدة «مونتريال غازيت» تحقيقاً كشف عن هويته، اعتبر ناشطون ضد التعصب والكراهية، هذه المعلومات خطوة إلى الأمام.

خلال الأسبوعين الماضيين، غطت الملصقات المنطقة المحيطة بمنزله، التي تظهر العديد من صور زايغر وتفصّل مشاركته في حركة ما يسمى بـ«التفوق الأبيض»؛ فهو يرأس مجموعة محلية من النازيين الجدد، وكاتب غزير الإنتاج في صحيفة «ذا ديلي ستورمر»، وكان حاضراً في تجمع «وَحِّدوا اليمين» في شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا الأميركية. وتشير الملصقات إلى المدرسة الثانوية التي درس فيها، ومكان عمله، وبأحرف بارزة الى عنوانه، شقة متواضعة في الطابق الثالث على مقربة من طريق تجاري رئيس.

في المقابل، ظهرت ملصقات أخرى موجهة إلى اليميني المتطرف، ويقول أحدها «نحن نعلم أنك نازي مثير للشفقة، ونحن نعرف وجهك وأين تعيش.. نحن كثيرون ونشاهدك»، بينما كتب على ملصق آخر، «يوماً ما قد تقترب من واحد منا (لتحاول إقناعه بأفكارك)،حينها سنجدع أنفك».

شعور بالقلق

يشعر الكثير من الكنديين بالقلق من تنامي التطرف اليميني، سواء كانوا من القوميين البيض أو النازيين الجدد، أو مناهضي الإسلام، ويريدون بذل كل ما في وسعهم لوقفه قبل أن يصبح مشكلة أكبر. وتظهر دراسة حديثة أن العمل المجتمعي هو أفضل طريقة لتحدي هذا النوع من التطرف. غير أن ريمان سكريفنز، أحد مرشحي درجة الدكتوراه في كلية علم الإجرام بجامعة «سيمون فريزر»، الذي كتب الدراسة، يقول إن المواجهات الحادة مع المتطرفين اليمينيين لن تكون فعالة على الأرجح.

وتظهر أبحاثه أن المجتمعات التي عالجت المشكلة بشكل استراتيجي، في كثير من الأحيان، لجأت إلى التعاون مع الشرطة وصانعي السياسات والمربّين، وكانت الأكثر نجاحاً في عزل المتطرفين اليمينيين.

«يجب على أعضاء المجتمع، ومهما فعلوا»، يوضح سكريفنز، «ألا يفترضوا، بأي شكل من الأشكال، أو يأملوا في أن يتم القضاء على التطرف اليميني عندما يزدهر».


• المنطقة أصبحت في دائرة الضوء بسبب شخص واحد من سكانها، البالغ عددهم 140 ألف نسمة. إنه أحد كبار النازيين الجدد في أميركا الشمالية، غابرييل سوهير شاوبوت، المعروف على الإنترنت باسم «زايغر» و«تشارلز تشابل».

أما العبارة الأكثر جرأة، التي يمكن ملاحظتها خلال التواجد شمالاً عبر بارك بيرك ماركيت، والحديقة العامة، فهي مكتوبة باللون الأبيض على صندوق قمامة أزرق «أخرجوا النازيين من هنا».

وفي حيّ ينبثق فيه كثير من الكتابات السياسية، هناك شيء مختلف. ولو وقف زايغر في شرفة شقته في اتجاه الحديقة، فإنه سيرى هذه الرسالة الواضحة في وجهه.

نقص الاتصال

تقول أحدث البيانات من المسح الاجتماعي العام الذي أجرته هيئة الإحصاء الكندية، إن 42٪ من الكنديين لا يعرفون جيرانهم. كما ينتشر هذا النقص في الاتصال بين الجيران على نطاق واسع في دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ويقول بول سيرنيك، الذي يعيش في ضاحية «روزمونت-بتيت-باتري» منذ سنوات، معلقاً «لأنني أعيش بالقرب من زايغر، كان من البديهي معرفة أنه يعيش بالقرب مني»، متابعاً «لقد رأيت الملصقات في طريقي إلى المترو، إذ كان يتم لصقها في كل مكان: صناديق البريد، ومواقف الحافلات، ومقصورات الهاتف، وأعمدة الإنارة».

ويضيف سيرنيك «مع مرور الوقت، تم تشويه بعضها بطلاء أسود، أو إزالة العنوان ورقم الشقة».

ويتساءل سيرنيك ما إن كانت معرفته المحدودة بالجيران الآخرين، تحدث فرقاً في نظرته للحي أو سلامة السكان الجماعية. في أوقات معينة سيكون هناك العديد من الأشخاص في المنطقة لديهم نوع من الكراهية المعلنة. ولكن لا يعرف ما إذا كان ذلك سيعرض سلامة الأفراد الشخصية للخطر أم لا. وهناك سلسلة من السيناريوهات «ماذا لو؟».

وفي ذلك، طلب أحد جيران زايغر، أخيراً، حذف عنوان اليميني المتطرف من الملصقات، بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، فهو وآخرون يعيشون في المبنى نفسه.

إنهم قلقون على سلامتهم بسبب التهديدات على كلا الجانبين. وقالوا إن أصدقاء أو مؤيدي زايغر يمكن أن ينتقموا بأعمال خبيثة، أو أن النشطاء ضد العنصرية الذين يبحثون عن النازي المتطرف، قد يكون لديهم نوايا سيئة، ما يتسبب في ضرر للجيران.

عنوان الأخبار

لم يكن لدى سيرنيك أي شكوك حول زايغر ونشاطه الموازي، ولم يعلم بها إلا بعد أن أصبح عنوان الأخبار. وبينما استذكر الجار رؤية مجموعات من أشخاص عديدين على الشرفات في الشقة، حيث يقال إن زايغر عقد لقاءات مع متعصبين آخرين للعرق الأبيض، لم يكن هذا الأمر يثير الشكوك، «إنهم يشبهون المهووسين أكثر من كونهم نازيين، إذا سألتني عن رأيي فيهم».

وقال الجار إن بعض السكان وجدوا ملصقات وضعت مباشرة على أبوابهم من قبل النشطاء، لكنهم لم يسمعوا من الجيران الآخرين شيئاً حول أفكار زايغر المتطرفة، ما يوحي بأن البعض ربما لم يكونوا على علم بما يحدث. ومع ذلك، قالوا «إن كل شيء كان قبل أن يتجمع 100 شخص أمام المنزل للاحتجاج»، في إشارة الى احتجاج مناهض للكراهية والتعصب توقف أمام منزل زايغر، يوم السبت الماضي.

حياة طبيعية

ما يحدث في مونتريال ليس غريباً على السكان الحذرين. وقد عاشت كارلا هومولكا، التي حُكم عليها في جريمة قتل، في المدينة لسنوات عدة، وظهرت لاحقاً بشكل دوري في وسائل الإعلام، وهي تحاول أن تعيش حياة طبيعية كأم مستقرة على الشاطئ الجنوبي. وتتبعت مجموعة على موقع «فيس بوك» تحركاتها، الأمر الذي ينظر إليه البعض على أنه إجراء احترازي ضروري والآخر كتجاوز للحدود، وانتهاك لميثاق حقوق الإنسان والحريات، في ولاية كيبيك. وقال أحد الناشطين ضد العنصرية في مونتريال، رفض الكشف عن اسمه، والذي ساعد في تثبيت الملصقات، إن «كشف النازيين الجدد والمتعصبين للعرق الأبيض، في المجتمعات التي يعيشون فيها يعد تكتيكاً قديماً يستخدمه مناهضو الفاشية».

وكتب الناشطون في رسالة بالبريد الالكتروني «جمع المعلومات الحساسة ومساعدة المجتمعات على التنظيم الذاتي ضد النازيين هو مجرد تكتيك من بين أساليب عدة استخدمها مناهضو الفاشية، في الماضي، وسيستمرون في استخدامها للقضاء على التهديد النازي».

تويتر