المرصد

تغطية إعلامية مفرطة لزفاف ملكي غير عادي

بعد أسابيع من التغطية المتواصلة، انتهى الحدث البريطاني الذي تصدر العناوين وبدا كأنه زفاف القرن. الأمر يتعلق بالطبع بالأمير هاري وزوجته الأميركية ميغان ماركل. لم يتعود العالم على مثل هذه التغطية المكثفة لمناسبة من هذا القبيل. تعددت الآراء في هذا السياق، ففي حين يرى البعض أن الإعلام يركز على ما تطلبه الجماهير، يعتقد آخرون أن الآلة الإعلامية استغلت الحدث لتحقيق أهداف معينة.

قضت الصحف

الشعبية أشهراً في

تصنيع الإثارة العامة

حول هذا الزواج،

وتميزت تغطيتها

بالمبالغة والانبهار

والتكهنات غير

المنطقية.

شاهد نحو 18 مليون بريطاني تغطية حفل الزفاف الملكي يوم السبت، ما جعله أكبر حدث تلفزيوني لهذا العام، حيث شهدت الشبكات الاجتماعية والمواقع الإخبارية اهتماماً هائلاً عبر الإنترنت بزواج الأمير الشاب، فيما دخلت شبكات تلفزيونية أميركية على الخط، واستثمرت بكثافة في تغطية حفل الزفاف، وخصصت جداول أعمال خاصة بالبرمجة اليومية التي يستضيفها كبار مقدمي البرامج. ومن المرجح أن يكون قوام الجمهور العالمي، على الرغم من صعوبة تقديره، مئات الملايين. وخصصت الصحف البريطانية العشرة الأولى في المملكة المتحدة مئات الصفحات للحدث.

في الواقع، لقد قضت الصحف الشعبية أشهراً في تصنيع الإثارة العامة حول هذا الزواج، وتميزت تغطيتها بالمبالغة والانبهار والتكهنات غير المنطقية.

نشرت إحدى الصحف البريطانية الرائدة 42 صفحة عن الزوجين في نوفمبر من العام الماضي، عندما تم الإعلان عن خطبتهما، كما قامت صحيفة أخرى بنشر مئات الصور في عدد نهاية الأسبوع، بدعوى تقديم ما يطلبه الرأي العام. لقد لعبت مثل هذه الصحف دوراً قيادياً في الترويج اللافت لهذا الحدث.

ولم تتطرق الصحف ذاتها لمسألة مهمة هي حقيقة أن الأمير، وهو السادس في ترتيب خلافة العرش، قد سُمح له بالزواج بممثلة غير بريطانية، مطلّقة، وتكبره بعامين، ومن جنس مختلط.

بالنسبة إلى محرري الصحف الصفراء، فإن الأمر بالنسبة إليهم سهل كالمعتاد، وأشادوا بـ«شمولية» العائلة المالكة، فقد أشادت إحداها بما فعل الأمير الذي جلب لبريطانيا «لمحة من التنوع الذي يميز بريطانيا المعاصرة»، كما أثنت صحيفة صفراء أخرى على اختيار هاري وشكرته على ذلك.

في المقابل، فضلت صحف أخرى الاتجاه المعاكس من خلال البحث عن نقاط سوداء في ماضي العروس، وكانوا سعداء بالتوصل إلى مجموعة متنافرة من الأقارب المحرجين، بينما عرضت القناة الرابعة فيلماً وثائقياً بعنوان «لقاء مع عائلة ماركل»، لتؤكد ما أظهرته الصحف الصفراء بأن زوجة الأمير لديها عائلة غير متناسقة.

لكن هناك جانب آخر لهذه القصة، فعلى الرغم من شدة اهتمام الصحافة في ماركل، لم تكن هناك عودة إلى مسألة تطفل الصحافيين كما حدث في التسعينات؛ ويرجع ذلك بالكامل إلى الطريقة التي تعاملت بها العائلة المالكة مع الإعلام في حقبة ما بعد ديانا.

لقد كان زفاف الأمير حدثاً مثيراً بالفعل، لكن الإثارة الحقيقية ستكون في تغطية ما سيكون بعده. سيختلف زواج هاري عن شقيقه وليام، كثيراً، كون زوجة الأول أميركية وزوجة الثاني بريطانية، تعرف جيداً تقاليد بلدها وخصوصية العائلة المالكة. ربما تستطيع ماركل الاندماج، لكن هل سيتركها الإعلام المتطفل في بريطانيا وأميركا تعيش حياتها بعيداً عن المنغصات؟

تويتر