بما فيها حق العلاج والدفع بالعملة المحلية

كوبيون في أميركا يريدون العـودة إلى بلادهم لاستعادة حقوقهم

صورة

أصبح المهاجر الكوبي (ريني) وحيداً في مدينة ميامي، منذ وفاة زوجته، قبل ثماني سنوات. وعلى الرغم من أن المهاجر، البالغ من العمر 78 عاماً، يعيش مع ابنته وحفيدته، إلا أنه يجد نفسه وحيداً معظم الوقت، لذلك، طلب إذناً من الحكومة الكوبية للعودة، في يوليو. وفي ذلك يقول (ريني): «الوحدة تقتلني. إن نهاية الطريق لكبار السن هنا هي مركز الإيواء، لأن العائلة لا تستطيع أن تعتني بنا» متابعاً «سيكون ذلك أسوأ ما يمكن أن يحدث لي». وجاء (ريني) إلى ميامي في عام 2004 كلاجئ سياسي. وهو الآن مواطن أميركي، ولكنه يريد أن يجتمع مع ولديه وأربعة إخوة وأحفادهم في منطقة غوانتانامو الكوبية.

غير قانوني

يعتقد المهاجر الكوبي (مانويل) بأن نظام استعادة الإقامة غير قانوني، وأنه من إنتاج كاسترو، موضحاً «كيف يمكن أن أفقد حقوقي ككوبي لمجرد أنني أذهب للعيش في مكان آخر؟ متابعاً «لا أحد يفهم لماذا يحتاج الإنسان إلى إعادة التوطين في وطنه». كلمة «إعادة التوطين» تغضب الكثيرين، ومنهم (بياتريس)، وهي سيدة من ميامي كانت قد غادرت كوبا قبل 25 عاماً، لكنها لاتزال تعتبر الجزيرة وطنها الأم؛ «أريد أن أستعيد حقوقي كمواطنة كوبية»، متابعة «على سبيل المثال، الحق في أن أرث بيت أمي. هنا في ميامي، لدي راتب جيد ومنزل مازلت أقوم بدفع أقساطه؛ لكن منزل عائلتي موجود في كوبا، ويمكن أن نفقده». والميراث وشراء الممتلكات هي من الحقوق التي يستردها الكوبيون الذين يستعيدون إقامتهم.


11176

من الكوبيين تقدّموا بطلبات لإعادة توطينهم في عام 2017.

«لا أندم على المجيء إلى هنا»، يؤكد (ريني) الذي أمضى خمس سنوات سجيناً سياسياً في كوبا، متابعاً «لكن في كوبا، الحياة مختلفة. أنت تتحرك وتتحدث مع الناس، أما هنا (ميامي)، قد يمر شهر ولا ترى فيه جارك».

ولم يرغب (ريني) ومعظم الكوبيين الآخرين الذين أجرت صحيفة «نويفو هيرالد» مقابلات معهم، ضمّنت لهذه القصة، في الكشف عن أسمائهم الحقيقية لأسباب عدة، بما في ذلك حقيقة أن الكثيرين ينتظرون موافقة كوبا على عودتهم. وهي تشكل جزءاً من اتجاه يتنامى منذ إصلاحات الهجرة التي أطلقها الرئيس راؤول كاسترو في عام 2013.

وبموجب تلك الإصلاحات، يمكن للكوبيين الذين غادروا وأطلق عليهم اسم «مهاجرين» من قبل الحكومة، أن يتقدموا الآن بطلب «إعادة توطينهم» لاستعادة إقامتهم ومزاياها. ويمكن للراغبين تقديم طلباتهم عبر القنصليات الكوبية في البلدان التي يعيشون فيها، أو من خلال وزارة الداخلية في الجزيرة الكوبية. وهذا لا يعني أنهم يستطيعون استعادة أي ممتلكات تمت مصادرتها عندما غادروا كوبا. وعادة ما تستولي الحكومة على منازل الأشخاص الذين هاجروا «بشكل نهائي».

أظهرت أرقام الحكومة في هافانا، أن 11 ألفاً و176 من الكوبيين تقدموا بطلبات لإعادة توطينهم في عام 2017، معظمهم يعيشون في الولايات المتحدة. وفي نوفمبر 2016، قالت البعثة الدبلوماسية الكوبية في واشنطن إن 13 ألف شخص قد تقدموا بطلبات. وفي ذلك يقول رئيس مركز دراسات السكان والتنمية في المكتب الوطني للإحصاء في كوبا، خوان فراغا: «إنهم من جميع الأعمار، من الجنسين، على الرغم من أن معظمهم أكبر من 50 عاماً»، مضيفاً أن اتجاه عام 2016 استمر في 2017.

وأعطى الكوبيون الذين قابلتهم الصحيفة أسباباً مختلفة جداً لقرارهم بالعودة إلى الجزيرة.

البعض، مثل (ريني)، يريد أن يقضي سنواته الأخيرة مع أسرته في وطنه الأم، في حين يحتاج آخرون إلى رعاية طبية، ومازال آخرون يريدون شراء منزل، ويرغبون في التقاعد في مكان تكون فيه تكاليف المعيشة رخيصة، أو أحياناً للمشاركة في نشاط سياسي.

مزايا اقتصادية

بالنسبة لإيليانا هيرنانديز، وهي ناشطة في المنظمة المعارضة «سوموس بلس»، التي عادت من إسبانيا عام 2016، فتقول: «لقد فعلت ذلك، لأن علينا تعليم الكوبيين أن يتركوا الخوف جانباً، وأن أستخدم تجربتي لإظهار أنه يمكننا المطالبة بحقوقنا من خلال الكفاح بعيداً عن العنف»، وتقول الناشطة التي كشفت عن اسمها الحقيقي، وتحمل الجنسية الإسبانية، إنها تعيش بشكل دائم في الجزيرة، لكنها تسافر إلى الخارج «للتنفس قليلاً، والعيش في جو ديمقراطي».

لا للعيش في الجزيرة

في الواقع، معظم الناس الذين لديهم أو يريدون استعادة إقامتهم يقولون إنهم لا يخططون للعيش في الجزيرة. لقد سمحت إصلاحات الهجرة عام 2013 للكوبيين بالعيش في الخارج لمدة تصل إلى 24 شهراً دون فقدان الإقامة أو مزاياها أو ممتلكاتهم، وفي ذلك يقول (مانويل) الذي استعاد إقامته، لكنه يعتزم الاستمرار في العيش في ميامي: «المسألة كلها تتعلق بالمال»، متابعاً «معظمهم لا يريدون العيش في كوبا، ولكن يريدون استعادة الإقامة، لأنها تتيح لهم مزايا اقتصادية معينة».

وتشمل المزايا جوازات سفر أرخص ثمناً، إذ يتعين على الكوبي الذي يعيش في الولايات المتحدة أن يدفع 400 دولار للحصول على جواز سفر كوبي، ولكن يدفع المقيم في كوبا 100 دولار فقط. ويتكلف تجديد الوثيقة، كل عامين، 200 دولار للكوبيين الذين يعيشون في الخارج، ولكن 25 دولاراً فقط للمقيمين.

يحق للكوبيين العائدين أيضاً جلب شحنة من السلع المنزلية دون دفع رسوم الاستيراد، وبمجرد الوصول إلى هناك، يمكنهم أيضاً أخذ السلع للاستخدام الشخصي، والدفع بالبيزو الكوبي، بدلاً من العملات الصعبة. وقال (مانويل - 39 عاماً)، إنه يتوقع أن يستفيد من التكاليف المنخفضة لجوازات السفر، لكنه أضاف أن السبب الرئيس وراء سعيه إلى الحصول على الإقامة الكوبية، هو منع الحكومة من حرمانه من القدرة على دخول الجزيرة مرة أخرى.

إطعام العائدين

وقال الشاب الكوبي: «لا أريد أن أكون مثل أوفيليا أسيفيدو»، مشيراً إلى أرملة الناشط أوسوالدو باي، الذي يعيش في ميامي. وقد حُرمت الأرملة من العودة إلى كوبا، بينما سُمح لابنتها روزا ماريا بالسفر بين ميامي وهافانا «عندما تهاجر، يمكن للحكومة أن تمنعك من الدخول إلى البلاد، ولكن عندما تكون مقيماً، يمكنك الدخول كلما أردت ذلك». ويتابع قائلاً: «في الواقع، أنت تقيم في كوبا على الرغم من أنك تعيش في ميامي»، وتشمل متطلبات استعادة الإقامة وجود شخص ما في الجزيرة، يَعِدُ بتقديم الطعام وإطعام العائدين، إلى أن يتمكنوا من إعالة أنفسهم.

ومع ذلك، فإن معظم العائدين يجلبون معهم أموالهم الخاصة، وفي كثير من الحالات يخططون للاستثمار في مشروع صغير، مثل صالون تصفيف الشعر أو مطعم عائلي. ويأخذ الناس الملابس والأدوية من ميامي ويبيعونها هناك لتدبير أمورهم، وفقاً لما يرويه (مانويل).

ويسأل مسؤولو الهجرة في كوبا، عادة، العائدين المحتملين إذا كانوا يخططون للاستثمار في مشروع ما، وما الذي يعتزمون القيام به في الجزيرة، ولماذا قرروا العودة، وعن وظائفهم في البلد الذي يعيشون فيه. ويقول (مانويل) إنه أجاب مسؤول الهجرة بأنه يريد رعاية أمه، لكنه سمع رجلاً آخر يتقدم بطلب يقول إنه «آسف لأنه سقط في أكاذيب الإمبريالية، وأن العيش في الولايات المتحدة لم يكن ما توقعه»، لكن هذا الرجل كان يكذب، فقد أراد فقط دخول كوبا، ومازال يعيش في ويست بالم بيتش.

تويتر