شكوك حول تزييف الأثاث الملكي أو خروجه من أماكن أخرى غير استراحة حديقة الحيوان

غــرفــة الملك فـاروق تختــفي في الجيـزة وتظهر في أميركا

صورة

لاتزال أزمة «غرفة نوم الملك فاروق»، التي اختفت في القاهرة، من مكانها في حديقة الحيوان بالجيزة، وظهرت في الولايات المتحدة الأميركية، تدور في حلقة مفرغة، بعد أن تنصل المزارعون من المسؤولية، وتضاربت الأقوال حول مدى «أصلية» الغرفة.

قصة الغرفة

لا تخص الغرفة الملكية، الملك فاروق ولا الخديو إسماعيل، ولا مفروشات سابقة للاستراحة بشيء، بل كانت تخص أحد الوجهاء المعروفين في المجتمع في وقت الملك فاروق، وكان هذا الوجيه مغرماً بأرقى وأغلى التحف، وكانت تصنع خصوصاً له، وكان لديه قصر بالزمالك، وصمم هذه الغرفة ونفذها، المصمم والصانع كراغير بباريس، ولديه فرع آخر بالقاهرة في بدايات الأربعينات، وكان هذا الوجيه محباً لهذا الطراز الإمبراطوري الذي يتسم بالقوة والعظمة.

وفي هذا السياق أيضاً، فقد طلب من صانع ومصمم الفضة الشهير «أوديوت» أن يصنع له طقم فضة لاستخدام الولائم الكبيرة، مثل طقم قصر باكنغهام الملكي بإنجلترا، وقد باع الورثة هذا الطاقم في مزاد بسويسرا في 15 مايو 1995عن طريق صالة المزادات الشهيرة كريستيز.

أما الغرفة فقد اشتراها أحد التجار بمصر من الورثة بعد شرائها مجزأة، ولا أعتقد انه استطاع شراء خزانة الملابس، ثم قام بعد ذلك تاجر يهودي اسمه ديڤيد لديه غاليري بباريس في منتصف التسعينات بالحصول عليها، وظلت لديه سنوات يحاول بيعها بسعر مجز، ومن المؤكد انه لم يحقق مراده، وظهرت بهذا الشكل والإثارة في هذا المكان البعيد والقصة التي شاهدناها.


نفت وزارة الآثار المصرية مسؤوليتها عن بيع غرفة

نوم الملك السابق وأكدت أن مبنى الاستراحة سجل

كأثر في 2013، بعد واقعة اختفاء الغرفة الملكية.

تقع الاستراحة الملكية للملك فاروق، التي احتوت على غرفة النوم الملكية المثيرة للجدل، في منتصف حديقة حيوان الجيزة، بين استراحة الخديوي إسماعيل وجزيرة الشاي، وكان الملك فاروق يقيم فيها في إجازته الأسبوعية في فصل الشتاء، حيث يتناول فنجان شاي الصباح في البروجولا الملكية، ليتمشى في اتجاه الكشك الملكي بحديقة الاستراحة، ويظل هناك حتى يتناول وجبة الغداء الخاصة به».

بدأت القصة في مطلع سبتمبر 2013، عندما كشف وزير الزراعة آنذاك الدكتور أيمن أبوحديد عن اختفاء الغرفة (غرفة نوم الملك فاروق الأصلية)، التي كانت موجودة في حديقة الحيوان بالجيزة، واستبدالها بأخرى صناعية تم شراؤها من محال عمر أفندي، بحسب روايات الصحف المصرية آنذاك.

«الاستراحة الملكية كانت مغلقة منذ عام 1986، بعد أن غادرها وزير التموين ناجي شتلة، وقد سبقه في الإقامة وزير الزراعة السابق د.محمود داود بمفرده خلال الفترة من عام 1978 حتى 1982، بعد أن خافت أسرته من أصوات الأسود والنمور ليلاً، وفضلت الإقامة بالإسكندرية، وأن زوجة أحد الوزيرين لم تعجبها الغرفة «الانتيك» فاستبدلتها بغرفة حديثة.

وقد تابعت وسائل الإعلام القصة وقتئذٍ، لكن المسؤولين بالحديقة رفضوا الحديث، وقالوا إن الأمر برمته رهن التحقيق الإداري، والذي أعلنت نتائجه في وقت لاحق بتبرئة عامل مسؤول عن الغرفة من المسؤولية وحفظ التحقيق.

وأخيراً، ظهر فيديو علي موقع يدعى M.S. Rau Antiques نشرته إحدى شركات بيع التحف والأنتيكات بالولايات المتحدة الأميركية، التي استعرضت قطع الأثاث المكونة للغرفة، وتاريخ صنعها، وما إلى ذلك، وقد تم عرض الغرفة للبيع بمبلغ يقارب المليون دولار.

من جانبها نفت وزارة الآثار المصرية مسؤوليتها عن بيع غرفة نوم الملك السابق، وأكدت أن مبنى الاستراحة سجل كأثر في 2013، بعد واقعة اختفاء الغرفة الملكية.

فقاعة

وقال الباحث الأثري جمال الأمين لـ«الإمارات اليوم» إن «جهود متابعة آثار مصر المسروقة وبالتالي السعي لاستردادها، لاتزال تحبو وفي مراحلها البدائية، وغالباً ما تتفجر مثل هذه القضايا بطريقة عفوية، عن طريق خبر في صحيفة أو (يوتيوب) تصادف رؤيته، وغالباً ايضاً ما ينتهي كفقاعة أو بتراكم أحداث تالية له. نحن لدينا مزادات عالمية معروفة تعمل في الآثار التي غالباً ما تكون مسروقة أو مهرّبة، ولكن أعيد بيعها وشراؤها، والغالبية منها مصرية تعود لأواسط القرن الـ18.

وقال المؤرخ والباحث الأثري سامح الزهار، لبرنامج «دفتر أحوال» ان «تحويل القضية للنيابة الإدارية، كان أول الأخطاء، لأن جسامة الجرم واختفاء غرفة بهذه الأهمية، كان يتطلب إحالتها إلى النيابة العامة».

وتساءل الزهار: هل غرفة بهذه القيمة التاريخية يصبح المسؤول عنها عامل جنايني (بستاني)، مع احترامنا الشديد لمهنة الجنايني؟ أليس المفروض أن يكون معه في المسؤولية موظفون؟ ألا ينبغي أن تكون محتويات الغرفة عهدة مسجلة في «دفتر أحوال»، ومسؤول عنها أمين مخازن؟.

تشكيك

من جهته، شكك الصحافي المصري المهتم بالمتاحف والعاديات نبيل سيف، في الضجة المثارة ووصفها بـ«الفنكوش». واكتفى سيف بالقول لـ«الإمارات اليوم» إن المزادات العالمية تصنع أحياناً أجواء من هذا النوع، لتوهم مشتريها أنها تبيعه أشياء حقيقية وليست مزيفة.

وقال المستشار بالمجلس الأعلى للآثار عضو المجلس الأعلى للثقافة والإعلام بمجلس الشعب، علوي فريد، لـ«الإمارات اليوم» معلقاً «بمناسبة الحديث عن بيع غرفة نوم من استراحة الملك فاروق بحديقة الحيوانات، فإن كل أثاثات استراحات الملك تتميز بالبساطة والرقي وتوظيف الاحتياجات لكل استراحة ومكانها، فاستراحة حلوان غير استراحة أنشاص، وغير استراحة كفر الزيات وهكذا. وبعيداً عن كل الآراء والملابسات فلم يثبت أنها تخص الملك».

تويتر