يعتبر موهبته الكروية منحة قرّبته من الجماهير العربية

مروان كنفاني.. عين على مرمى الأهلي.. و«مليون» على تحرير فلسطين

صورة

تصدر الرياضي والمناضل السياسي الفلسطيني، مروان كنفاني، المشهد مجدداً هذا الأسبوع، ليس من بوابة حراسته لمرمى النادي الأهلي، التي ترك فيها لجماهيره بصمات لا تنسى، وإنما كمناضل فلسطيني بارز، بدأ حياته مناصراً لحركة «القوميين العرب»، التي كان شقيقه الروائي الشهيد غسان كنفاني أحد أيقوناتها، حتى تدرج - أي مروان - في نضالاته، بعد أن ترك الكرة، ليصبح مستشاراً للزعيم الراحل ياسر عرفات، وشاهداً على أهم وقائع تطور القضية الفلسطينية، ومشتبكاً معها.

وكان كنفاني قد حضر، نهاية الأسبوع الماضي، حفل توقيع كتابه الجديد «عن الفلسطينيين فقط.. جدلية النجاح والفشل»، بحضور حشد ضخم من الشخصيات العامة المصرية والفلسطينية، من بينها أمين جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى، ومستشار الرئيس السابق حسني مبارك،

مصطفى الفقي، ووزير خارجية مصر السابق، السفير نبيل فهمي، والوزير الفلسطيني حسن عصفور، والسفير الفلسطيني بالقاهرة جمال الشوبكي، ووزير الإعلام المصري السابق أسامة هيكل، والسفير السعودي أحمد القطان، والكابتن أحمد شوبير، والكابتن طاهر أبوزيد، والكابتن فتحي مبروك، والمنتج السينمائي مؤسس وكالة الأنباء الفلسطينية حسين القلا.

غسان كنفاني إرثٌ لقضية التحرر في العالم

قال مروان كنفاني إن شقيقه، المناضل والروائي الشهيد، غسان كنفاني، ليس إرثاً لعائلة كنفاني، ولا لمدينة عكا، ولا لفلسطين، وإنما إرث للحرية والتحرر في العالم. وتابع كنفاني «أن أكون ولدت أخاً لغسان كنفاني فهذا شرف وفخر، كنت أقرب إخوتي إليه، فهو يكبرني بسنتين فقط، وتعلمت منه الكثير». وأضاف أن «غسان كنفاني موجود في قلب وضمير كل عربي حر، وبالتالي فهو موجود في الكتاب، كما هو موجود في كل لحظة في حياتي».


• كتاب (عن الفلسطينيين فقط.. جدلية النجاح والفشل) دمج بين الكتابة الذاتية والرؤية المستقبلية الموضوعية، بعد صدق توقعاته بشأن طول أمد الانقسام بين حركتي فتح وحماس.

وقال كنفاني لـ«الإمارات اليوم» عبر الهاتف إن «رسالة الكتاب الأساسية ملخصها أن الانقسام الوطني الفلسطيني تخطى حد الاحتمال، وأن الوقت قد حان لتسويته، وإلا فلن تتقدم القضية الفلسطينية خطوة واحدة».

وتابع كنفاني أن «تجربة النضال من أجل الاستقلال، التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ليست فريدة في العالم، وأن الانقسام الحالي نجح في ما فشلت بريطانيا وإسرائيل عبر قرن من الزمن في تحقيقه، والشعوب التي مرت بتجربتنا عرفت أن البرامج السياسية المشتركة تلجأ إليها أطراف مختلفة لشعب معين، ونحن في فلسطين بحاجة إلى برنامج مشترك، ليس بالضرورة أن يكون برنامج فتح، أو برنامج حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، نحن نحتاج إلى برنامج يجعل الجميع يعمل من أجل هدف واحد في مرحلة معينة، وهذا ما حصل في الجزائر، وفيتنام، وغيرهما، حتى وصلت تلك الدول إلى النصر، لأنه لا يمكن أن ينتصر شعب وهو منقسم».

وشدد كنفاني على أن «صدور الكتاب في الوقت الحالي ذو أهمية قصوى، فمن جهة يأتي وقد أصدرت (حماس) وثيقتها الأخيرة التي تقبل فيها بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وهو تطور مهم يمكن تتويجه بدخولها إلى المجلس الوطني الفلسطيني، ونحن علينا أن نتذكر أن حركة فتح نفسها لم تعترف بإسرائيل، وإنما التي اعترفت منظمة التحرير، وبالتالي فإن خطوة (حماس) الأخيرة كافية جداً لصياغة ورقة مشتركة في اتجاه الحل، أما الجانب الثاني الخاص بحساسية توقيت إصدار الكتاب، فإنه يأتي في ظل حالة التردي التي تسود المنطقة، بعد انقلاب (الربيع العربي) إلى عواصف، وبالتالي علينا انتشال فلسطين وقضيتها من تداعيات وكبوات ما يحدث لبلدان عربية شقيقة، يتمنى لها الشعب الفلسطيني كل الخير».

وتابع أنه تحمس لإنجاز الكتاب والانتهاء منه، بعد أن شاهد انحداراً سياسياً وأخلاقياً، اجتاح وسائل التواصل الإعلامي، بعد 13 سنة عجاف مرت على الشعب الفلسطيني المقهور المعذب.

وحول مسيرته الشخصية، التي جمعت بين الرياضة والنضال السياسي، قال مروان كنفاني إن إشارته إلى مسيرة حياته دوافعها موضوعية، حيث جسدت حالة مقاومة لصبي وشاب من أسرة فلسطينية لاجئة، خرجت من الوطن الحبيب عام 1948، واستطاع أن يواجه ظروفاً صعبة وقاسية، وينجح ويصعد أعلى الدرجات كلاعب.

واستطرد كنفاني «كانت كرة القدم حنونة عليّ، وجزءاً من حياتي، وأنا مدين لهذه اللعبة، فحين هاجرنا من فلسطين إلى لبنان، ثم إلى دمشق، حيث أقمنا في حي (بستان الحجر)، الذي كان معظم سكانه فلسطينيين، سوينا نحن المهاجرين ساحة قرب مدرسة ابتدائية لتصبح ملعب كرة قدم، إذ خرج منها ثلاثة لاعبي كرة قدم، برزوا على مستوى العالم العربي، هم فؤاد أبوغيدة، وإبراهيم المغربي، وأنا، حيث لعبت فترة في الشارع، ثم المدرسة، وتم تصعيدي لمنتخب المدارس، حتى ألحقت بالمنتخب السوري، وكان المفروض أن أسافر مع شقيقتي وشقيقي غسان كنفاني إلى الخليج، لكن جاء عرض النادي الأهلي في مصر ليغير مسار حياتي، إذ منحني فرصة إكمال دراستي دون حاجة للعمل، فالتحقت بكلية الحقوق، وواصلت مسيرتي، وأنا أنظر إلى محبة الناس في مصر والدول العربية على أنها منحة من الله، جعلتني أحقق ما أردت من حياتي».

وقالت منال كنفاني لـ«الإمارات اليوم» عبر الهاتف إن «مروان تركيبة إنسانية نادرة، تفاعلت بعمق مع كل مجالات الحياة التي مر بها، سواء على الصعيد الإنساني، أو الرياضي، أو السياسي، وكتابه يكشف عن إصراره على قراءة قضية وطنه بشكل دقيق، إيماناً بضرورة انتصارها».

بدوره، ذكر الباحث في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، ومحاور مروان كنفاني في حفل التوقيع، إن كتاب الأخير «دمج بين الكتابة الذاتية والرؤية المستقبلية الموضوعية، بعد صدق توقعاته بشأن طول أمد الانقسام بين حركتي فتح وحماس».

تجدر الإشارة إلى أن كتاب «عن الفلسطينيين فقط.. جدلية النجاح والفشل»، الصادر عن دار المركز الثقافي المصري، تتبع تاريخ النضال الفلسطيني منذ ولادة منظمة التحرير الفلسطينية في الستينات، عبر معايشة مروان كنفاني بعض مراحلها، وألقى الأضواء على أن ظاهرة الانقسام الفلسطيني لم تكن جديدة، حيث رفضت «فتح» في البداية الانضمام إلي منظمة التحرير، باعتبارها إطاراً مفروضاً على الشعب الفلسطيني من خارجه، بينما رأت منظمة التحرير أن حركة فتح تسعى إلى توريط أطراف عربية في حساباتها، وفي المقابل، اعتبرت «حركة القوميين العرب» في البداية منظمة التحرير مكانها الطبيعي، لأن الحركة كانت مناصرة لفكر عبدالناصر، صاحب فكرة منظمة التحرير، لكن لاحقاً تبادل كل من فتح و«القوميين العرب» الأدوار، حيث انضمت فتح للمنظمة، بينما هاجمها القوميون العرب، بوصفها لا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني.

ويستطرد الكتاب ليتابع مراحل النضال الفلسطيني بعد هزيمة 1967، ليصل إلى الانقسام الحالي، الذي يعتبر مواجهته مهمة المرحلة، والهدف الرئيس من الكتاب الذي يرصد الماضي، لكن عينه على المستقبل.

تويتر