رؤساء أميركا من كل الأجيال يتواصلون بلا انقطاع

صورة

عندما كان الرئيس الأميركي باراك أوباما، يجهز شريط الفيديو المفصل الخاص بحملته الانتخابية، وظّف اثنين من نجوم السينما الحائزين جائزة الاوسكار، أحدهما النجم توم هانكس، ليروي قصة الحملة، الا ان النجم الحقيقي للفيلم ليس بالطبع اوباما الذي يتطلع للفوز بولاية ثانية، انما هو الرئيس السابق بيل كلينتون، الذي ظهر على الشريط اربع مرات خلال 17 دقيقة، محدقا بنظره ومؤشراً بإصبعه، ومدلياً بشهادته على الاداء الاقتصادي والاصلاح الصحي والسياسة الخارجية لأوباما، ثم عرج على اطراء المديح والثناء على خطة اوباما في القضاء على زعيم «القاعدة» اسامة بن لادن، قائلا «عندما رأيت ما حدث تمنيت ان اكون انا من فعل ذلك».

اوباما وكلينتون هما الرئيسان الديمقراطيان الوحيدان اللذان راوحت علاقتهما بين الصداقة والعداوة، تقاتلا باستماتة عام ،2008 إذ قال كلينتون ان سجل اوباما هو عبارة عن «قصص خرافية»، واشار اوباما بدوره إلى ان رئاسة كلينتون «جديرة بالازدراء واهدار للفرص»، وقضيا جل 2009 و2010 في محاولة خلق صداقة من ركام العداوة السابقة.

يقول الرئيس السابق هاري ترومان: «ليس هناك علاقة اجمل من علاقة عدوين سياسيين قديمين»، ويعتبر الرؤساء الحاليون شهادة حية على ذلك، ففي الوقت الذي عقد فيه كلينتون اواصر السلام والصداقة مع اوباما، سعى جاهدا للتقرب من عائلة الرئيسين السابقين بوش، مقضيا اجازته مع بوش الاب، مستثمرا امواله مع بوش الابن، حتى انه اصطحب باربرا بوش لجنازة السيدة الاولى السابقة، بيتي فورد، زوجة الرئيس جيرالد فورد، ولهذا اطلقت عليه عائلة بوش لقب «اخ من والدة اخرى».

وتمتد الصداقات بين الرؤساء الاميركيين في سجل التاريخ. فقد اتصل الرئيس دوايت ايزنهاور بجون كينيدي صبيحة عزمه اعلان عزل سياسي على كوبا، على احتمال ان ذلك من شأنه ان يشعل بدوره حرباً نووية، واتصل كلينتون بالرئيس السابق ريتشارد نيكسون مساء احد الايام، ليناقش معه قضايا روسيا والصين، وفي الليلة التي قضى فيها جنود «سيل» الاميركيين على بن لادن خصص اوباما اول محادثتين ـ قبل اخطار الحلفاء واعضاء الحزبين ومؤيديه ـ لكل من بوش وكلينتون. في نادي الرؤساء الاميركيين درج كل رئيس على نقل خبرته وأسراره الى الرئيس التالي، فقد اخبر ايزنهاور كينيدي بكيفية استدعاء مروحية الانقاذ في الحال الى حديقة البيت الابيض، وأخبر ليندون جونسون خلفه ريتشارد نيكسون اين يخبئ اشرطة التسجيل، وعلم رونالد ريغان كلينتون كيفية إلقاء التحية بشكل صحيح، وطلب بوش الابن من كلينتون تعليمه كيفية مخاطبة الشعب بشكل صحيح، وعندما حان الوقت عام 2009 لانتقال البيت الابيض إلى أوباما ، تعهد بوش بتقديم كل عون له. وعودة الى عام ،2005 عندما زار اوباما البيت الابيض قبل حلفه اليمين لمنصب سيناتور، حدثه بوش قائلا «امامك مستقبل باهر، لكنني عشت في هذه المدينة التي قد تكون جائرة في بعض الاحيان، ولكن عندما يرتفع نجمك سيأتي إليك الناس من كل حدب وصوب، ولهذا السبب خذ حذرك من ذلك». وعلى الرغم من ان نادي الرؤساء الاميركيين ليس منصوصا عليه في الدستور الاميركي، الا انه المكان الذي يلتقي فيه الرؤساء للتشاور وتبادل الخبرات بغض النظر عن ألوانهم السياسية، تم تأسيسه عام 1953 مع بداية عهد الرئيس السابق، دوايت ايزنهاور، إذ كان يعتقد ان الرئاسة الاميركية القوية ضرورة لأمن أميركا، ولهذا السبب ينبغي ان يتعاون الرؤساء في ما بينهم.

تويتر