أحمد مراد.. مصوّر مبارك في النهار وثائر ضدّه في الليل

صورة

في كل يوم، كان أحمد يشعر بالغضب وهو ينظر من خلال عدسات كاميرته الى الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وهو يفكر بالبؤس الذي ينزله رئيسه الذي يعرف بـ«السيد الرئيس»، بسكان مصر البالغ تعدادهم 80 مليون نسمة. وبعد مرور خمس سنوات على عمله مصورا شخصيا لمبارك، قام بتسجيل كل شيء في حياته بدءاً من رحلاته الدولية وانتهاء باجتماعاته العادية مع عائلته. وتمكن مراد، 29 عاما في حينه، من مشاهدة الكثير ما يكفي لجعله «ينفجر»، كما يقول الان.

حدث ذلك في عام ،2007 اي قبل اربع سنوات من انتفاضة المصريين والتي اجبرت مبارك على التنحي في فبراير الماضي، بعد ان حكم مصر 30 عاما بصورة ديكتاتورية، عندما اعلن الاف العمال عن اضرابهم، وكذلك احتجاج الصحافيين ازاء الطريقة التي يتم بها إسكاتهم، ولكن ساحة التحرير ظلت صامتة. فاذا لم تكن تريد الذهاب الى السجن، حيث ستواجه التعذيب هناك، ليس هناك مجال للاحتجاج السياسي، وبناء عليه كان مراد يفرغ غضبه بالكتابة، وكانت النتيجة رواية بعنوان «دوار»، التي تفضح الجشع، وفساد رجال الاعمال والسياسيين الذي اثروا عن طريق استغلال الفقراء. لقد كانت قصة يتردد صداها في مصر والرواية معاً، والتي يقول مراد انه لم يكن ينوي نشرها، الا انها اصبحت الان واسعة الانتشار في مصر. والان وبعد ترجمتها الى الانجليزية، تحدث مراد للمرة الاولى عن العواطف التي الهمته كتابة هذه الرواية، فقال: «كنت على وشك الانفجار، لاني كنت اعيش حياة مزدوجة لمدة خمس سنوات، ففي النهار كنت مع مبارك الذي يدمر احلام المصريين، وفي الليل مع اصدقائي الذين لا يكفّون عن شتمه».

ولكن هل كان يشعر مراد بالخوف من نشر رواية «الدوار»؟ لم يجب عن هذا السؤال بصورة مباشرة، ولكنه قال: «لم اكن انوي نشرها، ولكني لن أغفر لنفسي عدم كتابة ما كان يجول في خاطري»، ولذلك فإنه يرى ان روايته عمل ثوري، وقال: « نعم لقد كان واجبي تجاه وطني كي اصرخ واجعل الناس يستيقظون ويرون الحقيقة»، ولكن مراد عندما كتب رواية الدوار لم يكن يدري انها جيدة، وقال: «اعتقدت انها ركيكة وغير جيدة، ولكن زوجتي شيرين شجعتني على نشرها، وكانت هناك مشكلة اخرى فقد كانت الرواية من النوع الذي ينطوي على التشويق غير المنتشر كثيرا في العالم العربي، ولكن صاحب دار ميريت للنشر، محمد هاشم، المتخصص في الادب التجريبي قال لي انه احب الرواية، وقال انها تأخذ طابعا سينمائيا».

ونظراً لكونه مخرجا سينمائيا، اضافة الى عمله في التصوير، شعر مراد بكثير من السعادة لوصف روايته بانها سينمائية.

ولو ان مبارك وجلاوزته الذين دعموا نظامه قرأوا المزيد من الاعمال الروائية فانهم لابد ان يشمّوا من خلالها رائحة اندلاع ثورة.

وقال مراد، الان 33 عاماً: «رجال النظام لم يقرأوا الرواية، لانهم لا يقرأون شيئاً اصلاً، واعتقد ان ذلك لمصلحتي».

ولم يترك مراد عمله في القصر الجمهوري، كما ان اصدقاءه لم يشجعوه على ذلك. ويقول مراد: «من الصعب جدا العثور على عمل الان في مصر، كما ان الثوار لم يعتبروني خائناً»، ولكن في 11 فبراير الماضي، وبعد تنحي مبارك تمكن مراد من الانضمام الى اصدقائه، والاحتفال معهم بصخب في ساحة التحرير وهم يصرخون «مصر حرة».

ويشعر مراد مثل العديد من المصريين بالخوف من ان يكون الرئيس المقبل لمصر دكتاتورياً.

وبعد مرور تسعة اشهر على تنحي مبارك لايزال مراد في القصر الجمهوري بانتظار قدوم رئيس جديد كي يقوم بتصويره.

تويتر