إيدان يوهانان أكد أن بكين نفذت العديد من المهمات الناجحة

باحث أميركي: استراتيجية الفضاء الصينية تُقزِّم طموحات الولايات المتحدة

صورة

حظيت الشائعات التي ترددت الشهر الماضي بأن روسيا تقوم بتطوير سلاح نووي في الفضاء باهتمام كبير للغاية من وسائل الإعلام، ودفعت التكنولوجيا الخاصة بهذا الأمر والتي وصفها رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب الأميركي مايك تيرنر بأنها «تهديد خطير للأمن القومي» الكثيرين في واشنطن إلى التساؤل بشأن الكيفية التي تعد بها الولايات المتحدة نفسها للاستفادة من الأهمية الاستراتيجية للفضاء الخارجي.

ويقول الباحث بمجلس السياسة الخارجية الأميركي في واشنطن، إيدان يوهانان، إن روسيا رغم ذلك ليست الدولة الأكثر نشاطاً في مجال الفضاء، فجمهورية الصين الشعبية هي التي تتمتع بهذه السمة، فلديها خطة واضحة للهيمنة على الفضاء الخارجي، كما تمضي قدماً بدعم كامل من القوى المتوافرة في بكين.

ويضيف يوهانان في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، أن استراتيجية الفضاء الخارجي الصينية تشمل أموراً كثيرة، بداية من تعدين الكويكبات إلى زيادة عدد الأقمار الاصطناعية التي ترسلها بكين للفضاء، إلى تطوير منافس للنظام الملاحي الأميركي «جي بي إس». وعلى أية حال فإن الهدف النهائي للصين واضح، وهو تعزيز القوة الوطنية الشاملة للبلاد. وكما أكدت بكين نفسها: «استكشاف الكون الشاسع، وتطوير صناعة الفضاء، وتحويل الصين إلى قوة فضائية.. هو حلمنا الأبدي».

وبالتالي قطع برنامج الفضاء الصيني شوطاً كبيراً للغاية على مدار السنوات الأخيرة، وعلى سبيل المثال فإن محطة الصين الفضائية «تيانغونغ»، دخلت المدار الأرضي في بادئ الأمر في أبريل 2021، واستضافت منذ ذلك الوقت ستة طواقم رواد فضاء خلال مرات منفصلة. وفي العام الماضي أعلن زانغ كياو، وهو باحث من أكاديمية تكنولوجيا الفضاء الصينية، أن المحطة سوف يتضاعف حجمها في المستقبل لدعم مشروعات الأبحاث العلمية التي يزيد عددها على 100 مشروع، والتي أجريت في المدار، أو مازالت تُجرى.

وبالإضافة إلى ذلك نجحت الصين في جمع مواد من القمر عام 2020 من خلال مهمتها «تشانغ إي 5» التي رست مركبتها «زورونغ» على المريخ عام 2022، وأتمت عدداً قياسياً من عمليات الإطلاق المستهدفة بلغ 67 عملية عام 2023.

قاعدة القمر

وقال يوهانان إنه في الآونة الأخيرة كشف باحثون من معهد هاربين للتكنولوجيا في شمال غرب الصين عن خطط لإرسال مركبة مأهولة إلى القمر. ويوضح ما تم تسجيله على مقطع فيديو وترجمته أخيراً من المؤتمر السنوي الثالث لعلوم الفضاء في أكتوبر 2023، شاركت في استضافته الجمعية الصينية لأبحاث الفضاء وجمعية العلوم والتكنولوجيا في إقليم زيغيانغ، خطة لإقامة قاعدة كبيرة على سطح القمر. وتضم القاعدة أحياء للمعيشة تحت الأرض، ومختبرات أبحاث، ودفيئة، وأسطولاً من المركبات غير المأهولة، ونظاماً ضوئياً، ودعماً للمعيشة في الدورة المغلقة. والهدف الرئيس للمشروع هو دراسة التكوين الكيميائي لسطح القمر.

ويتساءل يوهانان عن سبب اهتمام واضعي السياسة الأميركيين بخطط الصين لبناء قاعدة على سطح القمر، ويجيب بأن السبب هو أن الخطط تتمتع بفرصة كبيرة لأن تصبح حقيقة واقعة، إذ إنه كما يعلم كثيرون بالفعل فإن الصين ليست غريبة على المهام المعمارية الكبرى (سور الصين العظيم، والقناة الكبرى، وسد الممرات الثلاثة.. إلخ)، وإنها تخطط بالفعل لإرسال أول مهمة مأهولة إلى القمر في عام 2030، يتبعها تشييد قاعدة دائمة هناك بحلول عام 2036.

نظائر مُشعة

وتمثل أي قاعدة صينية على سطح القمر تحدياً اقتصاديا للمصالح الأميركية، فسطح القمر من ناحية توجد به مجموعة مختلفة من الموارد المهمة، وبصفة خاصة فإن «الهيليوم-3» وهو أحد النظائر المشعة المتوافرة بكميات كبيرة على سطح القمر، له استخدامات كبيرة للغاية، خصوصاً بالنسبة لتشغيل مفاعلات الاندماج النووي. وهذا بخلاف المواد المهمة الكثيرة التي يحتمل أن يستخدمها المهندسون الصينيون لإنتاج الألواح الشمسية وغيرها.

وكما قال العالم الصيني أويانغ زيوان، فإن «القمر يمكن استخدامه كمورد جديد وكبير للطاقة والموارد للبشر، والذي يغزو القمر أولاً سيصبح المستفيد الأول».

وقال يوهانان إنه إذا لم تواجه الولايات المتحدة هذه الحقيقة، فسيتم إقصاؤها من المكاسب الملموسة والرمزية التي تهدف الصين للحصول عليها. وتواجه الولايات المتحدة حالياً خطر التعرض لذلك.

واختتم يوهانان تقريره بالقول إنه لكي تستفيد أميركا فعلاً من الفرص الاستراتيجية التي يوفرها ارتياد القمر والنشاط فيه، فسوف تحتاج بكين إلى أن تبدأ التفكير بدرجة أكبر في الكيفية التي يخدم بها الفضاء المصالح القومية طويلة الأجل.

• كشف باحثون من معهد هاربين للتكنولوجيا عن خطط لإرسال مركبة مأهولة إلى القمر.

• تمثل أي قاعدة صينية على سطح القمر تحدياً اقتصادياً للمصالح الأميركية.


هبوط مأهول

في السنوات الـ20 الماضية حقق برنامج الفضاء المأهول الصيني تقدماً كبيراً، وفي الوقت الحاضر تم إطلاق وتنفيذ مهمة الهبوط القمري لمشروع استكشاف القمر المأهول للصين، ومن المخطط تحقيق أول هبوط مأهول للصين على سطح القمر بحلول عام 2030، ما يشكل قدرة مستقلة لاستكشاف القمر. وقال نائب كبير مصممي برنامج الفضاء المأهول الصيني، يانغ لي وي، إن «رواد الفضاء يستعدون أيضاً لمهمة الهبوط على القمر». وأوضح وي أن الهبوط المأهول على سطح القمر يجب ألا يكون الهدف النهائي، بل قد يتم استخدام القمر كمحطة عبور، ففي المستقبل قد يذهب رواد الفضاء إلى فضاء بعيد المدى لاستكشافه، والغرض لإنشاء برنامج الفضاء المأهول هو استخدام الموارد الفضائية لخدمة البشرية.

وينتمي نيه هاي شنغ إلى أول دفعة من رواد الفضاء الصينيين، وحتى الآن أكمل بنجاح ثلاث مهمات تمثلها «شنتشو-6» و«شنتشو-10» و«شنتشو-12»، ليصبح أول رائد فضاء صيني عمل في المدار لمدة 100 يوم. وشهدت رحلاته الثلاث إلى الفضاء أيضاً تطور برنامج الفضاء المأهول الصيني.

وقال شنغ: «قدمت الدفعة الأولى من رواد الفضاء بعض المساهمات الرائدة، وتقوم الدفعة الثانية من رواد الفضاء بمهام العمل الرئيسة، وتبدأ الدفعة الثالثة من رواد الفضاء في الطيران واحداً تلو الآخر». وأضاف: «يتم اختبار واختيار الدفعة الرابعة من رواد الفضاء الآن، ويتدرب جميع رواد الفضاء بجد مستعدين دائماً لاختيارهم من قبل الوطن الأم، وتقديم مساهمات جديدة لبرنامج الفضاء المأهول الصيني في العصر الجديد». 

تويتر