نتيجة تدهور الأحوال الاقتصادية

أفغان يجبرون على تزويج بناتهم الصغار هرباً من الفقر

صورة

أدت الأوضاع الاقتصادية المتردية في أفغانستان إلى إجبار بعض العائلات على تزويج بناتها بطريقة مهينة تشبه البيع، من أجل الحصول على مبالغ يستخدمونها لشراء الطعام. وأدى يأس والديهم إلى دفعهم لمرحلة البلوغ الوحشي. وفي «شهراك سبز» وهي مستوطنة مكونة من منازل وخيام مؤقتة من الطوب اللبن للنازحين في مقاطعة هرات الأفغانية، أحصى الباحثون 118 فتاة تم بيعهن كعرائس طفلات، و116 أسرة لديها فتيات في انتظار المشترين. ويمثل هذا 40% من الأسر التي شملها الاستطلاع، على الرغم من أن حركة طالبان أصدرت مرسوماً في أواخر عام 2021 يقضي بعدم اعتبار المرأة «ملكية»، ويجب عليها الموافقة على الزواج.

وتبدو الظروف في المستوطنة لا تُطاق، حيث تقع «شهراك سبز» في صحراء شاسعة دون وجود أشجار ظل في الأفق، وقلة الحماية من العواصف الرملية والطقس القاسي؛ ولا توجد مياه جارية أو كهرباء أو تدفئة أو عمل، ولا يوجد سوى قدر ضئيل من المساعدات من العالم الخارجي، وتركت معظم الأسر التي تعيش هنا حياة كريمة وراءها هرباً من تغير المناخ والصراع، ويعيش السكان في هذه المنطقة على الخبز القديم والشاي الأسود، وكثيرون منهم باتوا على وشك المجاعة.

وارتفعت معدلات زواج الأطفال بشكل كبير في مختلف أنحاء أفغانستان، وليس فقط بسبب الانهيار الاقتصادي. وكانت العائلات تأمل ذات يوم أن تتمكن بناتها، بعد تعليمهن، من العثور على عمل جيد والمساهمة في دخل الأسرة، ولكن في هذه الأيام، وفي ظل القيود المتزايدة التي تفرضها حركة طالبان، يُحظر على الفتيات الذهاب إلى المدرسة بعد الصف السادس، وخيارات العمل المتاحة للنساء قليلة، وتصبح الفتاة المحتجزة في المنزل مجرد فم آخر يجب إطعامه، ولكن إذا تم النظر إليها كعروس، فهي سلعة ثمينة، إذ يبلغ مهر العروس 2000 دولار وهو ما يكفي لإطعام أسرة لمدة عام. وبالنسبة للفتيات، بالطبع، فإن ذلك يمثل كابوساً، وتعاني هؤلاء الزوجات الصغيرات في منازل أزواجهن الجدد، حيث يصبحن مثقلات بالأعمال المنزلية وغالباً ما يتعرضن للإيذاء اللفظي والجسدي والجنسي والعبودية تحت ستار الزواج، وليس من المستغرب أن يتزايد الانتحار والاكتئاب بين المراهقات الأفغانيات.

ولمعالجة الأسباب الجذرية لظاهرة زواج الأطفال، تعمل منظمة «صغيرة على الزواج» على تخفيف حدة الجوع الذي يطارد ما يقرب من 90% من الأفغان اليوم، وهي تقدم للآباء تدريباً على سبل العيش حتى يتمكنوا من دعم أسرهم بدلاً من الاختيار بين تجويع أطفالهم أو بيعهم، ويمكن للاختصاصيين الاجتماعيين في بعض الحالات، العمل مع السلطات المحلية لإلغاء الزواج، وفي الوقت نفسه، من الضروري تثقيف كبار المجتمع حول الآثار الضارة لزواج الأطفال، وأضراره على الصحة الجسدية والعاطفية للفتيات، وعلى النسيج الاجتماعي الأوسع، وتكون الفتيات تحت سن 15 سنة أكثر عرضة للوفاة أثناء الولادة بخمس مرات من النساء، وغالباً ما يولد أطفالهن قبل الأوان.

ومن أمثلة هؤلاء الزوجات الطفلة بينظير التي تم بيعها، وهي لاتزال في السابعة من العمر، عندما وصل والدها مراد خان إلى مرحلة لم يعد قادراً على إطعام أطفاله الثمانية. وتفاوضت منظمة «صغيرة على الزواج» مع العائلات والزعماء الدينيين لإلغاء الزواج، وساعدت خان برأس المال اللازم لفتح متجر وتحقيق الاكتفاء الذاتي. والتحقت بينظير الآن بمدرسة خاصة، وأكملت إحدى شقيقاتها واسمها خوماري برنامجاً لتعلم الخياطة كانت منظمة «صغيرة على الزواج» قد أدخلتها إليه، وفق ما قاله والدها خان الذي أضاف «حتى لو وضع أحدهم سكيناً على رقبتي وهددني بالذبح لن أزوج ابنتي وهي صغيرة».

وهناك مثال آخر عن الفتاة فرزانة التي تبلغ من العمر تسع سنوات، وتعيش مع ووالدتها واسمها مريم ولديها سبعة أطفال، وتراوح أعمارهم بين عام و15 عاماً، وبعد وفاة زوج مريم في حادث سيارة العام الماضي، اضطرت إلى اقتراض المال من أجل البقاء على قيد الحياة، ومع زيادة ديونها، اضطرت لبيع فرزانة مقابل 4300 دولار. ويصر المشتري على أنه يحق له أخذ فرزانة الآن لأنه لا يوجد رجل في منزل مريم، ولكن مريم تكافح من خلال النظام القانوني للحفاظ على فرزانة حتى تبلغ 18 عاماً.

• أحصى الباحثون 118 فتاة تم «بيعهن» كعرائس طفلات، و116 أسرة لديها فتيات في انتظار المشترين. ويمثل هذا 40% من الأسر التي شملها الاستطلاع، على الرغم من أن حركة طالبان أصدرت مرسوماً في أواخر عام 2021 يقضي بعدم اعتبار المرأة «ملكية» ويجب عليها الموافقة على الزواج.

تويتر