العائلة تعيش في خيمة ليست بها جدران داخلية

سكان منغوليا أكثر الناس ترابطاً اجتماعياً في العالم

أفراد العائلة يتناولون الطعام معاً. أرشيفية

في تقرير جديد لمؤسسة غالوب، بعنوان «الحالة العالمية للاتصال الاجتماعي»، طُلب من المشاركين في الاستطلاع في 142 دولة، تقييم «ارتباطهم الاجتماعي» الذي يُعرّف بـ«مدى قربك من الناس عاطفياً».

وتم إعطاء كلمة «الناس» تعريفاً واسعاً، بما في ذلك العائلة والأصدقاء والجيران وزملاء العمل، والأشخاص من المجموعات التي أنت جزء منها، وحتى الغرباء. وكان أداء معظم البلدان جيداً. وبشكل عام، قال سبعة من كل 10 أشخاص حول العالم، إنهم متصلون «جداً» أو «إلى حد ما»، ولكن سكان منغوليا كانوا الأكثر ارتباطاً بين الجميع.

وتفوقت منغوليا على كوسوفو وتايوان والبوسنة والهرسك، من بين كبار المتنافسين الآخرين للحصول على لقب «البلد الأكثر تواصلاً اجتماعياً»، حيث أفاد 95% من المنغوليين بأنهم يشعرون بارتباط وثيق، إلى حد ما، بأشخاص آخرين. وكانت أعلى معدلات التواصل الاجتماعي للرجال 95%، وللنساء 94% في منغوليا، أيضاً.

هل لهذا المعدل المرتفع من التواصل الاجتماعي علاقة بترتيبات السكن الخاصة بهم؟

تقليدياً، عاش المنغوليون في خيام مستديرة مغطاة بقماش مقاوم للعوامل الجوية، وتناسب نمط الحياة البدوي، يطلق عليها «يورت». وهناك عدد من القواعد المتعلقة بالخيام، بدءاً من كيفية الدخول (تتجه النساء إلى الشرق والرجال إلى الغرب)، إلى مكان الجلوس، والجانب الذي يجب أن يكون عليه الباب (الجنوبي ليواجه الشمس فيدخل الضوء).

ما لا يوجد في الخيمة هو الجدران الداخلية. وقد تعيش عائلة مكوّنة من شخصين أو 10 أفراد (أو حتى أكثر) في خيمة واحدة، كما يوضح المتخصص في أمراض الحياة البرية، إنختوفشين شيليغدامبا.

وكتب شيليغدامبا في رسالة عبر الإنترنت: «في الغالب ينام الجميع على الأرض ويصنعون أغطية كبيرة من النوع الياباني، باستخدام (مراتب) مصنوعة من صوف الأغنام، وفراش من اللباد، ويطبخون جميعاً معاً على موقد واحد، من خلال حرق الفحم أو الخشب أو روث البقر».

وحتى في العاصمة المنغولية، أولان باتور، المزدحمة بمبانيها الشاهقة ومقاهيها، ماتزال أحياء سكنية بأكملها موجودة. والعثور على طريقك في أحد هذه الأحياء، هو شيء آخر تماماً، على الأقل كان هذا عندما يحاول الزائر تحديد مكان معين. ولا توجد أسماء للشوارع أو تخطيطات واضحة، ما يجعل الخرائط ونظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) عديمة الفائدة بشكل أساسي. وبدلاً من ذلك، على الزائر الاعتماد على الأشخاص للتوجيه، وعلى الاتصالات الاجتماعية بدلاً من «سيري» التي يوفرها هاتف «آيفون» الذكي.

وفي المناطق الريفية، تعني الحياة الريفية اعتماد الناس بعضهم على بعض، حيث يتم تكليف كل فرد من أفراد الأسرة - بما في ذلك الأجداد - بعمل روتيني مختلف، كما يوضح شيليغدامبا: «غالباً ما يعيش الأشقاء في مسكن آخر على بُعد خطوات فقط». وكتب أيضاً: «لذا فإن تنشئة الأطفال بهذه الطريقة تخلق أيضاً، راحة في الروابط العائلية والعلاقات الوثيقة».

ويمتد هذا الترابط إلى الجيران وإلى البلدات والمقاطعات بأكملها. ويوضح شيليغدامبا أن أولئك الذين يعيشون في أولان باتور، غالباً ما يحافظون على هذا الشعور بالانتماء للمجتمع، ويعودون إلى مسقط رأسهم في معظم فصول الصيف لأخذ استراحة من حياتهم المزدحمة في المدينة، وزيارة عائلاتهم الممتدة. ويؤكد تقرير صادر في 2023 بشأن السلوكيات بين سكان الخيام المنغوليين هذا الاتجاه. ووفقاً للدراسة، فإن المعتقدات الروحية المنغولية تؤثر في السلوك والقيم. ويعد الشكل الدائري والقبة، في البيت المنغولي التقليدي (يورت)، بمثابة رمز للجمع بين الدين والحياة، وفقاً للتقرير. وأظهر المنغوليون الذين درسوا العيش في الخيام، معدلات رضا أعلى من أولئك الذين يعيشون في المساكن الحضرية، وهي نتيجة ربطها المؤلفون بتركيز المنغوليين على الطبيعة والحرية.

التعايش مع الطقس

يُمكّن البيت التقليدي المنغوليين من الحفاظ على ارتباطهم الوثيق بالطبيعة، الأمر الذي يؤدي - في حد ذاته - إلى الترابط الاجتماعي. ومن أجل البقاء في البرية كبدو، على الأهالي أن يعتمدوا على بعضهم بعضاً، والعائلة هي كل شيء بالنسبة لثقافتهم. وبالتالي يبدو أن التعايش مع الطقس القاسي قد تكون له أيضاً علاقة بالترابط الاجتماعي بين المنغوليين، والذي إذا حكمنا عليه من خلال المناخ المتغير في العالم، يعني أن بقية الناس حول العالم، قد يقتربون كثيراً من بعضهم بعضاً، قريباً. وفي هذه الأثناء تُعرض خيمة «يورت» للبيع على الإنترنت بـ579 دولاراً.

• %95 من المنغوليين يشعرون بارتباط وثيق - إلى حد ما - بأشخاص آخرين.

• السكان الذين يعيشون في أولان باتور، غالباً ما يحافظون على الشعور بالانتماء للمجتمع، ويعودون إلى مسقط رأسهم في الصيف.

تويتر