الدمار الهائل زاد مواقف الفلسطينيين صلابة

4 سيناريوهات «قاتمة» أمام إسرائيل في غزة

صورة

يقول الخبراء إن المسؤولين الإسرائيليين لا يفكرون بشكل استراتيجي - بما فيه الكفاية - بشأن الخطط طويلة المدى في غزة، بينما يدرسون ما يُتوقع أن يكون هجوماً برياً مكلفاً على القطاع.

ويقول أستاذ الشؤون الفلسطينية في جامعة رايخمان في إسرائيل، مايكل ميلشتاين: «نحن ندعو إلى تدمير نظام (حماس)، لكن هذه مجرد شعارات»، متابعاً: «كإسرائيليين، نحتاج حقاً إلى التعمق وفهم ما هي الآثار المترتبة على هذه الخطوة».

وقد حددت مجلة «تايم» المقاربات الأربع المحتملة لإسرائيل تجاه غزة، بناء على آراء خبراء يقولون، إن كلاً منها لها تحدياتها الخطرة الخاصة بها. ويقول ميلشتاين: «جميعها سيئة، ولا يوجد بديل جيد».

1. إسرائيل لا تشن هجوماً برياً واسعاً

أسقطت إسرائيل نحو 12 ألف طن من المتفجرات على غزة، حتى الآن. وبحسب ما ورد، فقد قتلت العديد من كبار قادة «حماس»، لكن أغلبية الضحايا كانوا من النساء والأطفال. وتقول إسرائيل إنها ضربت المئات من منصات إطلاق الصواريخ التابعة لـ«حماس»، لكن كثيراً منها مايزال مخزّناً في شبكات الأنفاق الواسعة تحت الأرض والممتدة لمئات الأميال.

وسيؤدي الهجوم البري إلى مزيد من الوفيات لكلا الجانبين، وسيواجه الجيش الإسرائيلي نوعاً من حرب المدن لم يشهده منذ تسع سنوات، أي منذ الغزو البري الأخير عام 2014 الذي امتد 50 يوماً، وأدى إلى مقتل 72 إسرائيلياً و2251 فلسطينياً، وهذه المرة قد يؤدي وجود نحو 220 رهينة، إلى تعقيد الأمور بشكل أكبر.

وكتب أليكس بليتساس من مركز أبحاث المجلس الأطلسي: «من المرجح أن يكون الرهائن متفرقين»، موضحاً: «نظراً إلى الافتقار إلى دعم الإخلاء الطبي أو القدرة على إدخال قوات الرد السريع بسهولة، لدعم العمليات على الأرض دون وجود قوة برية أكبر، سيكون من الصعب القيام بمهام إنقاذ سرية متزامنة للرهائن في مواقع متعددة في جميع أنحاء غزة».

ويختلف الخبراء حول الغزو البري واحتمال نجاحه. ويُعتقد أن إسرائيل ستصبح أكثر عرضة لهجمات مستقبلية من «حماس» وإيران وميليشيات «حزب الله» اللبنانية إذا تم إلغاء الهجوم. ويوضح ميلشتاين: «سيجعل ذلك صورة إسرائيل ضعيفة للغاية. وأي لاعب في المنطقة سيفهم أنه من الآن فصاعداً، يمكنه القيام بأي نوع من التحرك العسكري ضد إسرائيل، وإسرائيل ليست لديها القدرة، ولا حتى الرغبة في الرد».

وفي المقابل لا يتفق مدير برنامج فلسطين والشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في معهد الشرق الأوسط، خالد الجندي، مع هذا الرأي. ويقول إنه على المدى الطويل، كلما زاد العنف الذي يتعرض له السكان الفلسطينيون، كلما أصبح أمن إسرائيل أسوأ، لأن الفلسطينيين سيكونون أكثر استعداداً لدعم جماعات مثل «حماس». ويقول الجندي: «لا أحد يفكر في التداعيات طويلة المدى لصدمة الأجيال التي يتم خلقها». وأضاف: «إذا لم ينتهِ هذا قريباً، فإننا نمهد الطريق لمزيد من عدم الاستقرار والعنف وإراقة الدماء لجيل آخر».

2. إعادة احتلال غزة

وفي هذا السيناريو، ستعيد إسرائيل احتلال قطاع غزة، وتصبح مسؤولة عن حكم الأراضي الفلسطينية. وسحبت إسرائيل قواتها وفكّكت كل المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة عام 2005. وفي عام 2007، فازت «حماس» بالانتخابات في غزة التي أعلنتها إسرائيل كياناً معادياً. وفُرض حصار على غزة عام 2007، ما أدى إلى تقييد الواردات بشدة، ومنع جميع سكان غزة تقريباً من السفر خارج القطاع.

ويقول ميلشتاين، إن هذا سيكون من بين أسوأ الخيارات الممكنة لإسرائيل، كما حذر الرئيس الأميركي، جو بايدن، في مقابلة مع برنامج 60 دقيقة، من أنه «سيكون من الخطأ» أن تعيد إسرائيل احتلال المنطقة، ما يعرض القوات الإسرائيلية لمقاومة عنيفة.

وقد أدت الغارات الجوية المستمرة إلى تصلب المواقف الفلسطينية تجاه إسرائيل، بطرق يمكن أن تزيد تعقيد الاحتلال إذا طال أمده. ويقول الجندي: «لا يوجد أحد في غزة يلوم (حماس) على قصف إسرائيل لمبنى سكنه. وهم لا يلومون (حماس) على ذلك، وإنهم يُلقون اللوم على الأشخاص الذين ضغطوا على الزناد، أي إسرائيل».

3. القضاء على «حماس» والخروج من غزة

وفي هذا السيناريو ستسعى إسرائيل إلى تدمير «حماس»، لكنها ستمتنع عن التورط في العمل الفوضوي المتمثل في حكم غزة. ويحذر ميلشتاين من أنه في هذه الحالة، يمكن أن يتحول القطاع بسهولة إلى مزيد من الفوضى والصراع العنيف، حيث تتنافس مجموعات مختلفة على ملء فراغ السلطة الناجم عن غياب «حماس».

ويقول الخبير: «قد يبدو الأمر مثل النظام الجديد الذي حاولت أميركا تأسيسه في العراق بعد سقوط نظام البعث عام 2003». ويقول إن العديد من هذه الجماعات - مثل حركة الجهاد - من المرجح أن تكون أكثر تطرفاً من «حماس» التي أعربت - على الرغم من تورطها في أعمال عنف بحق المدنيين - عن دعمها لحل الدولتين على حدود عام 1967 في ميثاقها عام 2017. وقد يجذب المشهد جماعات متشددة من شمال إفريقيا وسورية والعراق، وسيكون الأمر أشبه بمقديشو صغيرة على حدود إسرائيل.

ولكن هناك شكوك كبيرة حول ما إذا كانت إسرائيل قادرة حتى على تدمير «حماس». وتزعم «حماس» أنها بنت أكثر من 300 ميل من الأنفاق تحت الأرض، كما أن حرب المدن في القطاع المكتظ بالسكان ستشكل تحديات عسكرية كبيرة.

ويقول الجندي، إن «حماس» أصبحت أيضاً، أكثر شعبية من أي وقت مضى. وحتى لو دمّرت إسرائيل عسكرياً جزءاً كبيراً من البنية التحتية لـ«حماس»، فمن المرجح أن تستمر أيديولوجية الجماعة. وبعد الغارات الجوية الإسرائيلية، يضيف الجندي: «ليس هناك شك في أن (حماس) اكتسبت دعماً شعبياً في غزة والضفة الغربية».

4. جلب لاعب جديد لحكم غزة

وفي هذه الحالة قد تسعى إسرائيل إلى البحث عن فصائل محلية أخرى داخل غزة، وتحاول الدخول في شراكة معها لإنشاء حزب حاكم جديد. ويقول ميلشتاين: «قد يعني ذلك رؤساء القبائل، أو المنظمات غير الحكومية، أو رؤساء البلديات أو حتى شخصيات بارزة في فتح: الحزب السياسي الذي يسيطر على السلطة الفلسطينية». ويقول أستاذ الاقتصاد السياسي للشرق الأوسط في جامعة أستراليا الوطنية، أنس اقطيط، إنه إذا حدث ذلك، فمن المرجح أن تقوم إسرائيل بإشراك السلطة الفلسطينية.

وأضاف: «لا أعتقد أنه من الممكن لإسرائيل أن تزيل (حماس) بشكل كامل من السلطة في غزة، لكن إذا فعلت ذلك، فإن السلطة الفلسطينية ستكون الخيار الأنسب أو الأكثر منطقية، بناء على ما رأيناه في الماضي». وكانت السلطة الفلسطينية تدير قطاع غزة قبل أن تخسر الانتخابات في عام 2006. وأدت الاشتباكات العنيفة بين «حماس» و«فتح» إلى انسحاب السلطة الفلسطينية بالكامل من قطاع غزة عام 2007، وتحكم «حماس» القطاع منذ ذلك الحين.

لكن «فتح» والسلطة الفلسطينية أصبحتا لا تحظيان بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين في السنوات الأخيرة. وفي الضفة الغربية المحتلة الواقعة تحت قيادة السلطة الفلسطينية، ينظر الفلسطينيون إلى السلطة بشكل متزايد كمقاول من الباطن للاحتلال العسكري الإسرائيلي. ويقول اقطيط: «إذا تم النظر إليها على أنها نخب سياسية وتجارية فاسدة دون أي رؤية سياسية، فإن الكثير من الناس سينجذبون ويدفعون ويدعمون الرواية البديلة التي توفر الشرعية لمقاومة الاحتلال من خلال وسائل أخرى».

• ضربت إسرائيل مئات من منصات إطلاق الصواريخ التابعة لـ«حماس»، لكن كثيراً منها مايزال مخزّناً في شبكات أنفاق تمتد لمئات الأميال.

• ينظر الفلسطينيون في الضفة إلى السلطة كمقاول من الباطن للاحتلال العسكري الإسرائيلي.

• 12000 طن من المتفجرات أسقطتها إسرائيل على غزة.

• 300 ميل من الأنفاق تزعم «حماس» أنها بنتها تحت الأرض.

تويتر