المرصد

«الصحافة العلمية العربية»

عبّر صحافي عربي عن إحباطه من النتائج التي حصل عليها، حين بحث في «غوغل» عن كلمة «حوت توتيسيس»، الخاصة باكتشاف علمي كبير تم أخيراً، فلم يحصل إلا على «وصفة سمك تونسية»، وبعض المواد العشوائية الخاصة بالاكتشاف العلمي الذي نُحت من أجله المصطلح.

الإحباط مبرر لاشك، فالاكتشاف المشار إليه الذي توصل إليه «مركز سلام لاب لدراسة الحفريات الفقارية»، الخاص بالتعرف إلى نوع جديد من الحيتان المنقرضة عاش منذ نحو 41 مليون سنة، والذي سمي «حوت توتيسيس»، الذي يعتبر أول حوت يعيش بشكل كامل تحت الماء، اجتذب معظم وسائل الإعلام العالمية، وانفردت بنشره دورية «نيتشر» العلمية، ثم تلتها دورية «ناشونال جيوغرافيك».

محدودية وجود المادة الخاصة باكتشاف الحوت، تعكس حالة بؤس المحتوى العلمي العربي على الشبكة العنكبوتية، بؤس تتقاسم مسؤوليته أطراف ثلاثة، الصحافة العربية، والمستخدم العربي، وواقع المواقع العربية العلمية.

هناك تجارب تشق طريقها وسط الصخر، مثل مشروع غوته الألماني «العلم حكاية» الذي انطلق منذ عام 2017، وشارك في ورشه حتى عام 2020 نحو 75 صحافياً عربياً، لكنها محاولات تظل محدودة مقارنة بما هو مطلوب منها.

وتواجه صنعة الصحافة العلمية تحديات نوعية، تميزها عن التقليدية، منها ما هو متعلق باللغة، أو ما هو خاص بطبيعة المصادر، وهي تحديات لن تحلها سوى تلاحم الخبرات، وواقع الممارسة، وعلى سبيل المثال، فإن القاعدة الصحافية الذهبية القائلة إن «الصحافي لا يُسأل عن مصدره»، تتواري في الصحافة العلمية التي ينبغي أن يذكر فيها الصحافي ليس مصدره فقط، بل طرقه في الحصول على المعلومة، طبقاً لرأي الخبيرين الإعلاميين، أشرف أمين والدكتورة حنان بدر، في كتابهما «دليل الصحافة العلمية».

كذلك فإن «الصحافة العلمية» في مسعاها للخبر العلمي لا يقتصر عملها على العلماء، بل يتوسع إلى دائرة محيطة، فبحسب الدليل المشار إليه، فإن تحقيقاً علمياً عن الدواء مثلاً، ينبغي ألا يقتصر على صيادلة فحسب، وإنما يشمل شركات دواء، وجمعيات أهلية، ومكاتب براءات اختراع.

أما مصداقية الخبر في الصحافة العلمية، فلها معاييرها الخاصة، منها ما يشير إليه «دليل اليونسكو الصحافي العلمي» من محددات مثل، الراهنية (عبر نشر تاريخه)، الملائمة (العلاقة بين المحرر والخبر)، طبيعة المصدر، دقة لغته، هدفه المعلن.

أخيراً، فإن ثقافة الصحافي العلمي أساسية في عمله، وقد برهن طوفان الكتب الخاص بالتضليل العلمي، أبرزها كتابا الدكتور البريطاني بن غولداكر «طب زائف»، و«دواء زائف» على أن التقاط الحقيقة الطبية وسط بحر الأضاليل، هو أمر بالغ الصعوبة.

• محدودية المادة الخاصة باكتشاف الحوت، تعكس بؤس المحتوى العلمي العربي على الشبكة العنكبوتية.

تويتر