في ظل تنافس القوى العظمى

اليابان وبريطانيا تعلنان عن تعاون كبير في السياسة الدفاعية والأمنية

سوناك أعلن عن اتفاق هيروشيما في 18 مايو. أرشيفية

شينغو ناغاتا

منذ بداية عام 2010، طورت المملكة المتحدة سياستها في المحيطين الهندي والهادئ، من أجل البحث عن الفرص الاقتصادية وتوسيع مشاركتها الأمنية في المنطقة. وكجزء من هذه المبادرات، طورت اليابان والمملكة المتحدة التعاون والدفاع بينهما منذ أبريل عام 2012، عندما أصدر رئيسا الحكومتين اليابانية يوشيهيكو نودا، والبريطاني ديفيد كاميرون، بياناً مشتركاً حول شراكة استراتيجية من أجل الأمن والرخاء العالمي.

وفي ظل هذه الخلفية، أعلن رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك عن اتفاق هيروشيما في الـ18 من مايو الماضي - عندما كان في اليابان لحضور قمة الدول السبع - الذي ينص على تعزيز الشراكة العالمية بين اليابان والمملكة المتحدة، بوجود رئيس حكومة اليابان فوميو كيشيدا، وهو اتفاق شامل حول التعاون الثنائي في مجال الدفاع والتكنولوجيا، ويمثل الدعامة الأساسية من أجل مزيد من تعزيز التعاون في مجال الأمن الثنائي الذي تعزز أصلاً خلال العقد المنصرم.

وأشار اتفاق هيروشيما بين اليابان والمملكة المتحدة إلى تطوير التعاون بين سلطتي الدفاع في البلدين استناداً إلى اتفاق «المدخل الثنائي» الذي تم التوقيع عليه في يناير 2023. وينص الاتفاق على أن كلا البلدين سينفّذ مزيداً من التدريبات العسكرية المشتركة العملية لتحسين التشغيل الداخلي بين قوات الدفاع الذاتي في اليابان والقوات المسلحة البريطانية، بما فيها إعادة الانتشار المستقبلي لحاملة الطائرات البريطانية في المحيطين الهادئ والهندي.

إطارات متعددة الأطراف

جدير بالذكر أن الاتفاق وضع التعاون الدفاعي الياباني البريطاني ضمن إطارات متعددة الأطراف، مثل «المبادرة الحرة والمفتوحة» في المحيطين الهندي والهادئ، والشراكة الأوروبية الأطلسية والهندية والهادئ. وفي 13 من مارس 2023، نشرت المملكة المتحدة ورقة جديدة حول السياسة الأمنية والخارجية تحمل عنوان «تحديث المراجعة المتكاملة 2023: كيفية الرد على عالم أكثر تنافساً وتقلباً»، ووضعت المملكة المتحدة من خلالها سياستها في المحيطين الهندي والهادئ باعتبارها «ركيزة دائمة للسياسة الدولية للمملكة المتحدة» في سياق المبادرة الحرة والمفتوحة، والشراكات الأوروبية الأطلسية التي يقودها حلف شمال الأطلسي «الناتو».

ولكن في تاريخ التعاون الدفاعي والأمني لدى اليابان والمملكة المتحدة، واصلت الدولتان التعاون في مجال معدات الدفاع والتكنولوجيا. ومن ضمن البنود الثمانية للتعاون الدفاعي والأمني التي تم الاتفاق عليها في البيان المشترك بين اليابان والمملكة المتحدة عام 2012، ثلاثة تتعلق بمعدات الدفاع والتكنولوجيا.

وعلى هذا الأساس، توصلت اليابان إلى اتفاق من أجل نقل معدات الدفاع والتكنولوجيا مع المملكة المتحدة في يوليو 2013. وعززت اليابان والمملكة المتحدة ضمن هذا الإطار، التعاون في مجال معدات الدفاع والتكنولوجيا، وتوّج ذلك بالإعلان عن البيان المشترك حول برنامج القتال الجوي العالمي، وهي خطة تطوير مشترك بين اليابان والمملكة المتحدة، وإيطاليا للطائرات المقاتلة في ديسمبر 2022.

الأمن الاقتصادي

ومن ناحية أخرى، وبالنظر إلى أهمية الأمن الاقتصادي في وجه تنافس القوى العظمى، تضمن اتفاق هيروشيما بين اليابان والمملكة المتحدة، فقرة بعنوان «الرخاء الاقتصادي والأمن المدعوم بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار» دعت إلى إنشاء إطار تعاون أكثر شمولاً من الناحية التقنية والعلمية، ويتجاوز مجرد تكنولوجيا الدفاع البحتة. ولإنجاز ذلك أعلنت تلك الفقرة عن إنشاء «إطار حوار وزاري» بين وزارات الاقتصاد، والتجارة، والصناعة، في اليابان، ووزارتي الأعمال والتجارة في المملكة المتحدة، لتسهيل التعاون الشمولي بين اليابان والمملكة المتحدة في مجالات مرونة سلاسل الإمداد، والوصول إلى الموارد الطبيعية المهمة، وأشباه الموصلات، والمعلومات الرقمية، والذكاء الاصطناعي، وعلوم الصحة.

وينص الاتفاق أيضاً على أن هذه الجهود سيتم تسهيلها عن طريق «ترتيب جديد للعلم الصناعي، والتكنولوجيا، والابتكار» والتي لا تتضمن الوزارات المعنية فقط، وإنما القطاع الخاص والتعليم، ومؤسسات البحث. وتم إصدار نشرة صحافية عن سوناك في الـ17 من مايو 2023، في اليوم الذي سبق الإعلان عن اتفاق هيروشيما بين المملكة المتحدة واليابان، وإعلان نشر حاملة الطائرات في منطقتي المحيط الهندي والهادئ بحلول عام 2025. وأشار إلى العلاقة الاستراتيجية بين كلية أمبريال لندن، وجامعة طوكيو، إضافة إلى التعاون التقني بين الشركات الخاصة اليابانية مثل هيتاشي فوجيتسو. وتشير هذه الملاحظات إلى أن تعاون التطوير الثنائي في ما يتعلق بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار، حقق حالياً تقدماً كبيراً.

وبناء عليه، فإن اتفاق هيروشيما بين اليابان والمملكة المتحدة، هو إعلان مشترك من قبل اليابان والمملكة المتحدة بشأن جهود الاستعداد من أجل إعادة التنظيم التي لا رجعة فيها لسلاسل الإمداد العالمية، وشبكات الأبحاث العالمية في سياق الأمن الاقتصادي في ظل تنافس القوى العظمى. وبعبارة أخرى، فإن الإعلان عن اتفاق اليابان والمملكة المتحدة، يعني أن التعاون الدفاعي والأمني تجاوز إطار السلطات الدفاعية والدبلوماسية، ليصل إلى مرحلة حيث ينتشر في عموم المجتمع لدى البلدين.

• أشار اتفاق هيروشيما بين اليابان والمملكة المتحدة، إلى تطوير التعاون بين سلطتي الدفاع في البلدين، استناداً إلى اتفاق «المدخل الثنائي» الذي تم التوقيع عليه في يناير 2023.

باحث زائر في العلوم الإنسانية في جامعة كانزاوا اليابانية

تويتر