مداخل قرية «شوفة» في طولكرم محاطة بالحواجز العسكرية والمستوطنات

إسرائيل تغلق منافذ حياة 4000 فلسطيني

صورة

إلى الجنوب الشرقي من مدينة طولكرم بالضفة الغربية، يواجه سكان قرية «شوفة» عزلة تامة، إذ يعيش 2500 فلسطيني في قسم منها، فيما يقطن 1500 آخرون غرب أراضيها، تفصل بينهم مستوطنة «آفني حيفتس»، التي منعت الالتقاء بين شطري «شوفة»، وتحظر التوسّع العمراني فوق أراضيهم الأصلية.

هذا التعدي الاستيطاني بحق الأرض الفلسطينية، لم يعد كافياً لمخططات الاحتلال المتصاعدة من دون توقف، ليوجه سيف ممارساته التعسفية صوب السكان، فمنذ اليوم الأول من شهر مايو الجاري يغلق الاحتلال الإسرائيلي مدخلي «شوفة» الشرقي والغربي، بالحواجز العسكرية، فيما تنتشر قوات جيشه على بقية منافذ حياة السكان، في الاتجاهات الأخرى.

هذا الإغلاق يُعد امتداداً للعزلة التي تعانيها القرية على مدار 23 عاماً متواصلة، فمنذ انطلاق انتفاضة الأقصى في عام 2000، تفرض سلطات الاحتلال ضد سكان «شوفة» حصاراً مشدداً، حرمهم التواصل مع بقية قرى وبلدات طولكرم، ومدن الضفة المجاورة.

عقاب جماعي

في يوم الخميس 18 مايو الجاري، ضيقت إسرائيل خناقها ضد سكان القرية، إذ وضعت جرافاتها المزيد من المكعبات الإسمنتية على الحاجز العسكري المقام على مدخل «شوفة» الغربي الرئيس، في ظل انتشار جنود الاحتلال على مدار الوقت، والذين أغلقوا أيضاً الطريق الرابط بين «شوفة» وقرية «كفر اللبد» المجاورة، بالصخور والسواتر الترابية، إلى جانب تشديد إغلاق المدخل الشرقي في يوم 14 من الشهر ذاته، الأمر الذي أوقف حركة تنقل الأهالي.

استياء وغضب

وأمام ذلك، تسود حالة من الاستياء والغضب الشديدين بين سكان ومزارعي «شوفة»، الذين ضيقت ممارسات الاحتلال التعسفية الأخيرة عليهم، إذ ضاعف إغلاق كامل أراضيهم المعاناة التي يتعرضون لها منذ سنوات طويلة.

ويقول رئيس مجلس قرية «شوفة» عزمي صالح لـ«الإمارات اليوم»، في حديث خاص «واقع الحال في قرية شوفة يزداد سوءاً، فالاحتلال جراء تشديد المزيد من الإغلاق يرتكب انتهاكات تنافي القيم الإنسانية، ويفرض عقاباً جماعياً بحق الأهالي، الذين يواجهون ليل نهار معاناة قاسية في سبيل تأمين احتياجاتهم الضرورية، وقضاء شؤون حياتهم اليومية».

ويلفت إلى أن السكان يضطرون للمشي على أقدامهم مسافات طويلة، يسلكون طرقاً ترابية والتفافية نائية، وصولاً إلى أماكن العمل والتعليم والعلاج في مركز المؤسسات الخدمية في وسط مدينة طولكرم، بعد إغلاق الشارع الرئيس المؤدي إليها انطلاقاً من «شوفة» المحاصرة.

معاناة المزارعين

قرية «شوفة» تمتاز بخصوبة تربتها على امتداد مساحة دونماتها، التي تُعد مصدر رزق وحيداً للمزارعين، الذين يستفيدون من شتى محاصيلها الزراعية. ويقول رئيس مجلس قرية «شوفة»، إنه وفي سبيل القضاء على ذلك، تمنع قوات الاحتلال حالياً المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، وفي حال سمح لهم، تجبرهم على السير على الأقدام، لقطع مسافات طويلة، عدا عن المخاطر التي تواجههم من قبل المستوطنين بحكم محاذاة أراضيهم الزراعية للمستوطنات، التي تقضم مساحات شاسعة منها.

وفي يوم السبت الموافق 20 مايو الجاري، استولت قوات الاحتلال الإسرائيلي على المزيد من أراضي قرية شوفة، إذ أخطرت سلطات الاحتلال بوضع اليد على 5 دونمات من أراضي القرية، الواقعة على الطريق الممتدة من حاجز شوفة العسكري «البرج» شمال «شوفة»، صوب مستوطنة «آفني حيفتس».

وعن ذلك يقول صالح «إننا في صباح يوم السبت تفاجأنا باقتحام آليات إسرائيلية ثقيلة قريتنا، معززة بقوات بحراسة كبيرة من جنود الاحتلال، لتجري أعمال الحفر والتجريف، فيما عاث المستوطنون فساداً بالمعدات والغرف الزراعية، إلى جانب إتلاف المحاصيل الزراعية عن طريق المبيدات السامة.

ويشير إلى أن ذلك يُعد مقدمة لإقامة معسكر إسرائيلي جديد، يشدد الخناق أكثر على الفلسطينيين، فيما يقضي على حركة تنقلهم صوب أراضيهم الزراعية نهائياً، وقطع التواصل مع القرى والبلدات المجاورة، منها، (الرأس)، و(كفر صور)، و(سفارين)، وحتى حدود بلدة الطيبة في الداخل الفلسطيني المحتل».

وكان شهر فبراير الماضي قد شهد قيام آليات الاحتلال الإسرائيلي بتجريف دونمات زراعية عدة جنوب القرير في منطقة جبل «المرابيع»، تُضاف إلى قائمة الأراضي الفلسطينية المصادرة داخل «شوفة».

حصار استيطاني

الإغلاق الإسرائيلي الحالي لمداخل القرية، ما هو إلا غيض من فيض، فهي محاصرة بالمستوطنات من الجهات كافة، إذ تحيط بها من الغرب مستوطنة «آفني حيفتس»، ومن الشرق تحاصرها مستوطنة «عناب»، في ما تغلق جهتها الشمالية بالكامل كتلة استيطانية رديفة لـ«آفني حيفتس»، فيما يلتف حولها من الجهتين الجنوبية والشرقية طريق التفافي استيطاني، كحلقة الوصل بين تلك المستوطنات والبلدات المحتلة، والتي تعرف باسم «الخط الأخضر».

ويحاصر الجدار الاستيطاني السكان كأسرى داخل سجن معزول، ليواجهوا خطر الاعتداءات الموجهة صوبهم من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال على مدار الساعة، في ظل الافتقار للكثير من الخدمات الضرورية، والاحتياجات اليومية.

وينوه الباحث الميداني في مركز أبحاث الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية، رائد موقدي، بأن التوسعة الاستيطانية الجديدة، ينتج عنها مآسٍ إنسانية بشعة، تعصف بالسكان، وتهدد حياتهم، فيما تنذر مصادرة أراضي الفلسطينيين لصالح تمدد المستوطنات، بتهجير قسري يتربص بهم.

ويقول موقدي، في حديث خاص مع «الإمارات اليوم» إن حصار «شوفة» بالمستوطنات، وإغلاق مداخلها كافة، يُعد جزءاً من مشروع استيطاني، للسيطرة على ما تبقى من أراضٍ داخل القرية، وذلك يبدأ من خلال منع السكان دخول أراضيهم، لدواعٍ أمنية، كما تزعم إسرائيل، وبالتالي حرمانهم الوصول إليها، بحجة مجاورتها لحدود المستوطنات، فيشق جنود الاحتلال الشوارع الالتفافية، التي تربط تلك الدونمات بـ«آفني حيفتس» الإسرائيلية.


ا• لسكان يضطرون للمشي على أقدامهم مسافات طويلة، يسلكون طرقاً ترابية والتفافية نائية، وصولاً إلى أماكن العمل والتعليم والعلاج في مركز المؤسسات الخدمية في وسط مدينة طولكرم.

• منذ انطلاق انتفاضة الأقصى في عام 2000، تفرض سلطات الاحتلال ضد سكان «شوفة» حصاراً مشدداً، حرمهم التواصل مع بقية قرى وبلدات طولكرم، ومدن الضفة المجاورة.

• يحاصر الجدار الاستيطاني السكان كأسرى داخل سجن معزول، ليواجهوا خطر الاعتداءات الموجهة صوبهم من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال على مدار الساعة.

تويتر