يتم ترحيل عدد منهم قسراً إلى وطنهم

لبنان يسعى لتقليص عدد اللاجئين السوريين فوق أراضيه

صورة

لقد أثبت عدد قليل جداً من البلدان أنها مضيافة للاجئين السوريين في السنوات الأخيرة. ولا يقدّم لبنان استثناء لهذه الديناميكية، كما ثبت من المحاولات العديدة التي قامت بها الحكومة اللبنانية لإعادة بعض من 800 ألف إلى مليوني لاجئ سوري مسجل وغير مسجل، داخل حدود لبنان، قسراً وبشكل غير قانوني إلى وطنهم.

تكرار

وظهر التكرار الأخير لهذه الديناميكية الشهر الماضي، حيث اعتقل الجيش اللبناني بشكل تعسفي، مئات السوريين في جميع أنحاء لبنان، وسلّمهم إلى الأجهزة الأمنية السورية على الحدود. ومع ذلك، في حين أن تدخل الجيش في شؤون اللاجئين هو تطور جديد، فإن الركائز السياسية وراء العملية ليست كذلك.

في تلك الأثناء، ظهرت تقارير في منتصف أبريل تشير إلى جهود بيروت المتجددة لتحديد هوية اللاجئين السوريين، واحتجازهم، ومن ثم ترحيلهم. وفي هذا السياق، أكد مسؤول في القوات المسلحة اللبنانية، لم يكشف عن هويته، لوسائل إعلام محلية، أن نحو 50 سورياً تم ترحيلهم في النصف الأول من أبريل، بقيادة مخابرات الجيش. وبحسب المسؤول، أعطت العملية الأولوية للعثور على السوريين الذين لا يحملون وثائق، والذين يعيشون في لبنان. ويتم تفعيل ذلك من خلال إجراء إداري لمجلس الدفاع الأعلى لعام 2019، يسمح بالترحيل الفوري لأي شخص يدخل البلاد «على نحو غير قانوني» بعد 24 من أبريل 2019.

وزاد هذا العدد في نهاية الأمر، حيث أشارت العديد من التقارير إلى وجود أكثر من 400 معتقل سوري خلال ما يقرب من ستين غارة في أبريل. ومن بين هذه المجموعة، تمت إعادة نحو 130 قسراً. وتسلط تقارير أخرى الضوء على 1100 عملية اعتقال، و600 عملية ترحيل عبر 73 عملية دهم حتى الرابع من مايو. وركزت عمليات الدهم على الأفراد الذين يحملون تصاريح إقامة غير صالحة، ويُفترض أن تكون بأوامر من وزير الشؤون الاجتماعية المؤقت، هيكتور حجار. ولا يقوم مكتب الأمن العام اللبناني بعمليات الترحيل، وهي خطوة غير نظامية، بالنظر إلى تعامله مع مثل هذه الحالات.

انفجار كبير

وحجار عضو في التيار الوطني الحر المتحالف مع ميليشيا «حزب الله»، وقد سخر علناً من وجود اللاجئين السوريين، محذراً من «انفجار كبير» إذا لم يتم تخفيف التوترات بين اللبنانيين والسوريين في بلاده. كما زعم أن اللاجئين السوريين يشكلون 40% من سكان لبنان، بحجة أنه «لن يقبل أي بلد في العالم» مثل هذه الظروف. ويخطط الوزير لترأس وفد وزاري إلى دمشق لمناقشة قضية اللاجئين بطريقة مشابهة لما فعله وزراء لبنانيون سابقون.

في موازاة ذلك، أمر وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي، وزارته بمسح وتسجيل السكان السوريين في الثاني من مايو، مطالباً البلديات بضمان توثيق أسماء السوريين قبل السماح لهم بشراء أو استئجار العقارات. ويتزامن هذا مع سلسلة إجراءات من حظر التجول على السوريين في العديد من البلديات، إضافة إلى نقاط التفتيش، وحواجز الطرق لتحديد المهاجرين غير الشرعيين. وأخيراً طالب مولوي، إلى جانب وزراء آخرين، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإلغاء صفة اللاجئ عن أي سوري يذهب إلى سورية ويعود إلى لبنان.

وتشير هذه الديناميكيات المتطورة والخاصة بملف اللاجئين، إلى مستوى جديد من المشاركة من جانب الحكومة اللبنانية. وفي حين أن المديرية العامة للأمن العام كانت تتمتع تقليدياً بالسلطة على ملف اللاجئين، فإن دخول الجيش اللبناني ووزراء على الخط، يشير إلى أن بيروت تتحول نحو نهج الحكومة بأكملها، حيث إنها تعطي الأولوية للمسألة بشكل أكبر في عام 2023، على الرغم من أن مثل هذا النهج يمكن أن يكون لامركزياً على طول التحالفات السياسية.

وعلى سبيل المثال، جادل البعض بأن تدخّل الجيش اللبناني يشير إلى أن جوزيف عون، يحاول استمالة الجمهور والسياسيين الآخرين لدعم ترشّحه للرئاسة.

قدرة محدودة

ومن المؤكد أن هذا لا يشير إلى وجود أي استراتيجية جادة أو فعالة. وبدلاً من ذلك، تزايدت وتيرة الجهود المناهضة للاجئين في ظل حكومة غير قادرة على القيام بعملها.

ومثلما فشلت بيروت في تنفيذ خططها لعودة اللاجئين لعام 2022 التي تنص على عودة 15 ألف لاجئ سوري شهرياً، تشير الجهود الأخيرة إلى حدود وعوائق تواجه الحكومة اللبنانية.

وفي الواقع، في حين أن أي عمليات إعادة غير قانونية تنتهك البنود الأساسية المتعلقة بعدم الإعادة القسرية - القانون الدولي يحظر الإعادة القسرية إلى ظروف غير آمنة - تجب محاربتها بنشاط على المستويات جميعها، فإن الجهود الأخيرة لإعادة ما بين 130 و600 سوري، تسلّط الضوء على قدرة لبنان المحدودة على تفعيل وتوسيع نطاق مثل هذا البرنامج، أو أي عمل حكومي جاد آخر، اليوم.

كبش فداء

ويشير هذا إلى ما جادل به العديد من خبراء الهجرة ودعاة حقوق الإنسان لسنوات، بأن الشخصيات والنخب السياسية اللبنانية تواصل تفعيل استراتيجية وضع اللاجئين السوريين، كونها كبش فداء، عوضاً عن أي برنامج عودة جاد أو أجندة إصلاح محلية. وبالنظر إلى الانهيار الاقتصادي التاريخي في لبنان، فإن اللاجئين السوريين العزّل يشكلون هدفًا سهلاً.

خطاب الكراهية

للأسف، المسؤولون اللبنانيون لا يستمعون. وفي إشارة إلى خطاب الكراهية الأوسع نطاقاً المناهض لسورية، والبارز في جميع أنحاء لبنان، صرح وزير مجلس النواب عن التيار الوطني الحر، جورج عطا الله، بأن منظمة العفو الدولية يجب أن «تهتم بشؤونها» و«ألا تتدخل في القرار السيادي للبنان». وكان هذا ضمن الردود على تغريدة منظمة حقوق الإنسان حول هذه القضية، والتي تقول فيها، إن العديد من السوريين بات ينظر إليهم على أنهم مرادفون للعنف والانهيار الاقتصادي، وسرقة الأراضي.

يرسم الخطاب المتزايد مساراً مباشراً للفاعلين السياسيين اللبنانيين، ما ينتج عنه خطاب كراهية عنيف بشكل متزايد وأفعال ضد السوريين في لبنان. والحقيقة المؤسفة لهذه الديناميكية في خطاب النخبة، أنه يعبر عن دعم السياسات الوحشية المتزايدة ضد اللاجئين، ويعكس هذا السيناريو خطاب الكراهية ضد السوريين في تركيا.

وبالتالي من المرجح أن يستمر عام 2023 في تقديم وضع سريع التدهور للاجئين السوريين في لبنان، ولن يكون التكرار الأخير للجهود المبذولة لجعل الظروف غير محتملة للاجئين هو الأخير هذا العام.

ألكسندر لانغلوا محلل السياسة الخارجية يركز على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 

اعتقال مهاجرين تزامن مع سلسلة إجراءات منها حظر التجول على السوريين في العديد من البلديات، إضافة إلى نقاط التفتيش، وحواجز الطرق لتحديد المهاجرين غير الشرعيين.

15000

لاجئ سوري خططت الحكومة اللبنانية لإعادتهم شهرياً في 2022.

تسلط تقارير الضوء على 1100 عملية اعتقال و600 عملية ترحيل عبر 73 عملية دهم حتى 4 مايو.

تويتر