رغم الاقتتال بين الحليفين العسكريين

المجتمع السوداني يعيد تشكيل نفسه

الصراع على السلطة عقّد المشهد في السودان. أرشيفية

قبل أيام قليلة فقط، كان المجتمع المدني والقادة العسكريون في السودان على استعداد لوضع هذا البلد الإفريقي على طريق تفاوضي واضح للعودة إلى الديمقراطية. وبدلاً من ذلك، انقلب الجنرالان الكبيران في البلاد، اللذان تحالفت قواتهما للاستيلاء على السلطة منذ 18 شهراً، الواحد على الآخر.

ويأتي القتال، الذي اندلع يوم السبت، في وقت يتعامل فيه القرن الإفريقي بالفعل مع تحديات أمنية متعددة. ومع ذلك، فبدلاً من إنهاء الآمال الشعبية بالعودة إلى الحكم المدني في السودان، فإن اندلاع القتال بين الفصائل العسكرية المتناحرة يُظهر كيف أصبحت هذه التطلعات الديمقراطية متجذرة، وكما قال طبيب في الخرطوم، لصحيفة لوموند «قبل أيام»: «هذه ليست حربنا».

وفي جميع أنحاء إفريقيا، أدى تصاعد الانقلابات في السنوات الأخيرة إلى تعزيز الحركات المؤيدة للديمقراطية، والجهود الرامية إلى غرس القيم الديمقراطية في القوات المسلحة الإفريقية. وفي السنوات الخمس الماضية، انضمت 26 دولة إفريقية إلى اتحاد برلماني يعمل على تعزيز حكم المدنيين. وفي الوقت نفسه، يعمل القادة العسكريون والمدنيون الأفارقة من خلال الكتل الأمنية الإقليمية والاتحاد الإفريقي لإضفاء الطابع المهني على القوات المسلحة تحت قيادة مدنية.

ويلاحظ مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية أن هذه الجهود تعكس محاولة لكسب ثقة الجمهور، من خلال غرس قيم مثل «النزاهة والشرف والخبرة والتضحية واحترام المواطنين» في الجيوش الإفريقية. ووجدت المواقف إزاء الديمقراطية أنه، عبر 34 دولة، فإن 68% من الأفارقة يفضلون الديمقراطية على أي نظام حكم آخر، بينما ترفض أغلبية كبيرة الحكم العسكري (74%) أو حكم الفرد الواحد (77%).

وبشكل واضح، في البلدان التي استولت فيها الجيوش على السلطة في السنوات الأخيرة، شعر الجنرالات بأنهم مضطرون إلى الوعد بالانتقال إلى الديمقراطية. وفي السودان، اعترف أحد الجنرالين المتحاربين في السودان، العام الماضي، بأن دعمه لإزاحة المدنيين عن السلطة عام 2021 كان خطأ. وقال الثاني «الجنود مكانهم الثكنات، والأحزاب تذهب إلى الانتخابات».

وواجهت التحولات التي تم التفاوض عليها في البلدان التي وقعت في الآونة الأخيرة تحت الحكم العسكري تأخيرات وعقبات متكررة. وفي هذا السياق، تم تأجيل استفتاء دستوري في مالي، على سبيل المثال، إلى أجل غير مسمى في مارس. ومع ذلك، بالنسبة للقوى الديمقراطية التي بدأتها الانقلابات الإفريقية في السنوات الأخيرة، فإن مثل هذه الانتكاسات عززت العزيمة.

وقالت المديرة التنفيذية لمجموعة المجتمع المدني للمرأة في مالي، كوروتومو ثيرا، في حديث لمعهد الولايات المتحدة للسلام، الأسبوع الماضي «يتمتع سكان مالي بطاقة هائلة ورغبة في التغيير، ومن أجل تعزيز السلام والأمن».

وأثار اندلاع القتال في السودان دعوات موحدة من المجتمع الدولي لعودة سريعة إلى المفاوضات السلمية. ولكن، بالنسبة لمجموعات المجتمع المدني في السودان، فإن الصراع على السلطة بين جنرالين متحاربين هو أمر ثانوي تقريباً. وعملهم لبناء مجتمع تشكله القيم الديمقراطية يستمر.

• وجدت المواقف إزاء الديمقراطية أنه، عبر 34 دولة، فإن 68% من الأفارقة يفضلون الديمقراطية على أي نظام حكم آخر، بينما ترفض أغلبية كبيرة الحكم العسكري (74%) أو حكم الفرد الواحد (77%).

• واجهت التحولات التي تم التفاوض عليها في البلدان التي وقعت في الآونة الأخيرة تحت الحكم العسكري تأخيرات وعقبات متكررة.

تويتر