يصدح بالمديح والابتهالات بين الأزقة العتيقة التاريخية على مدار 20 عاماً

«ميشيل» المسيحي مُسحر عكا

صورة

«الحياة كلها كم يوم، وبالصلاة والصوم، يرضى علينا الله»، انطلاقاً من إيمانه بوحدة الدم والوطن بين المسلمين والمسيحيين، يجول الفلسطيني مسيحي الديانة، ميشيل أيوب، بكلماته العذبة بلدته (المكر) في مدينة عكا الساحلية شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبلدتها القديمة، وبلدة (الجديدة) المجاورة، طوال ليالي شهر رمضان المبارك.

ويتنقل أيوب (46 عاماً)، الذي يعمل في مهنة البناء، بين منطقة وأخرى، داخل عكا القديمة، وخلال جولته يشدو بعبارات المديح النبوي، والابتهالات الإيمانية، ومنها «اجاك الفرج لتغسل ذنوبك، بالصلاة والصوم وعبادة الرحمن».

مبادرة التسامح الديني

على هذا النسق منذ 20 عاماً، وعلى مدار 30 يوماً، اعتاد سكان عكا الاستيقاظ وقت السحور على صوت (ميشيل)، وعباراته التي تلامس قلوبهم في كل ليلة، في مبادرة منه لنشر مشاهد التسامح الديني.

ويقول المُسحر أيوب مبتسماً «إنني أمتلك موهبة صوتية منذ طفولتي، ومنذ عام 2003 حتى اليوم، أشدو بصوتي أهازيج شعبية، وابتهالات دينية، في مبادرة شخصية، تجسد قواعد التلاحم المسيحي الإسلامي على أرض فلسطين المحتلة».

ويرفض ميشيل وجود أي تناقض يعترض مبادرته، كونه مسيحي الديانة، ينبه المسلمين في رمضان، مضيفاً «إن ما أفعله هو مشاركة جيراني وأصدقائي وأهل مدينتي مناسباتهم الدينية، وشعائر شهر الصيام، خصوصاً في وقت السحور، وكذلك لإدخال مشاهد البهجة إلى قلوب أطفالهم».

ويمضي ميشيل بالقول «إن عكا مدينة الأسوار العتيقة العالية، التي هزمت نابليون متحدة، وواجهت نكبة التهجير متحدة، وتمضي صامدة أمام موجات التهجير العاتية، ليس غريباً على سكانها أن يتحدوا في مناسباتهم، وشعائرهم الدينية».

رسالة السلام

في ليلة رمضانية، ومع ساعات الفجر الأولى، رافقت «الإمارات اليوم» المسحراتي المسيحي، إذ كان يرتدي زياً تراثياً، وهو يحمل «طبلته»، ويضبط من خلالها إيقاع جمله التي يشدوها بصوته الرخيم، داخل كل حي وزقاق تطأها قدماه.

ويقول المُسحر المسيحي «إن رسالة سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام نشر السلام، وانطلاقاً من هنا، سأواصل مشواري في نشر المحبة والسلام بين الذين نواجه وإياهم معاً ويلات الاحتلال، ونكباته المتعاقبة».

يواصل ميشيل طريقه داخل الأزقة الضيقة، والحارات العتيقة، فيقف أمام كل بيت، منادياً على اسم صاحبه حتى يستيقظ للتسحر، ومن ثم يشدو صوته بابتهالات دينية إيمانية، حفظها منذ نعومة أظفاره.

ويسترسل ميشيل قائلاً «إنني منذ الصغر كنت أسمع أصوات المسحرين طوال شهر الصيام، وحفظت الابتهالات والأهازيج التي تتردد، وعندما كبرت خشيت على هذه المكانة الفنية التراثية من الاندثار، فأخذت على عاتقي مواصلة هذا المشوار».

ويؤكد المسيحي الأربعيني أن مهام المسحراتي أكبر من ابتهالات تردد بإيقاع آلة موسيقية، وإنما هي بوابة كبيرة للحفاظ على موروث شعبي عهده الفلسطينيون منذ آلاف السنين، أمام مخططات الاحتلال الاستيطانية، وتهويد معالمها التاريخية.

منذ 20 عاماً، وعلى مدار 30 يوماً، اعتاد سكان عكا الاستيقاظ وقت السحور على صوت ميشيل، وترانيمه التي تلامس قلوبهم في كل ليلة، في مبادرة منه لنشر مشاهد التسامح الديني.

مهام المسحراتي أكبر من ابتهالات تتردد على إيقاع آلة موسيقية، وإنما هي بوابة كبيرة للحفاظ على موروث شعبي عهده الفلسطينيون منذ آلاف السنين، أمام مخططات الاحتلال الاستيطانية، وتهويد معالمها التاريخية.

ميشيل أيوب:

• «ما أفعله هو مشاركة جيراني وأصدقائي وأهل مدينتي مناسباتهم الدينية، وشعائر شهر الصيام، خصوصاً في وقت السحور، وكذلك لإدخال مشاهد البهجة إلى قلوب أطفالهم».

تويتر