المرصد

«شمس».. إذاعة المعاقين بصرياً في غزة

تستحق تجربة «إذاعة شمس»، الموجهة إلى الأفراد المعاقين بصرياً في قطاع غزة، الالتفات ليس لكونها ضمن الإنجازات الأضخم، أو الأكثر قدرة على التأثير في عالمنا العربي بالتأكيد، لكنها بوصفها نموذجاً للإعلام الفقير البسيط، الذي يعمل في ظروف استثنائية معاكسة، وقادر وسط هذا على التوجه إلى الفئات الأكثر ضعفاً.

فالإذاعة التي نشأت عام 2019 دون ميزانيات أو إمكانات، وبجهود متطوعين، استمرت في رسالتها لتمكين ذوي الإعاقة البصرية في المجتمع والحياة، في ظل ظروف صعبة، مثل الاحتلال والحصار، في محاور عدة، منها إتاحة فرص لهم للعمل، والاهتمام النوعي بقضاياهم، وتمكينهم في المجتمع الفلسطيني، الذي ربما شغلته قضيته العامة عن الالتفات للهموم الخاصة.

لفتت إذاعة شمس، رغم محليتها، وربما بسبب محليتها، اهتمام وسائل الإعلام والمواقع المهتمة بشؤون الإعلام، ربما رغبة من الأخيرة في استخلاص الخبرات منها، في ظل الاهتمام العالمي المكثف بقضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، بعد أن أصبح الاهتمام بهذه الفئة دليل وعي وتقدم.

ويقول مدير الإذاعة عمرو الحاج، في إفادة إعلامية، إن «فكرة الإذاعة انطلقت من حاجة ذوي الإعاقة البصرية لمنصة، لكون وسائل الإعلام قليلاً ما تلتفت لقضاياهم، وسميت (شمس)، لأن مصدر النور في الكون الشمس، وهي كذلك للفئة التي أطلقتها، فهم يرون منها النور الذي سيمكن أصحاب الإعاقة من شق طريقهم والتعبير عن قضاياهم».

ولأن الإذاعة التي يديرها بالأساس 10 متطوعين من ذوي الإعاقة، تصنف نفسها من إعلام البسطاء، ونظراً لإمكاناتها شبه الصفرية، فإنها «تتخذ من منصة (فيس بوك) مكاناً لبثها إلى مختلف الجهات»، كما أن «بثها الجاري يعتمد بشكل أساسي على مواقع الاتصال»، طامحة «إذا ما تحسنت الحال، فإن خطوتها المقبلة ستكون الانطلاق عبر البث الإذاعي الأرضي المحلي الـ(إف إم)، وبعدها عبر البث الفضائي»، بحسب تصريحات عمر الحاج.

ويقول القائمون في الإذاعة في إفادة لـ«شبكة الصحافيين الدوليين»، إن «المحتوى يركز على عدم عزل فئة المعاقين بصرياً عن المجتمع»، وإنها «انتقلت من تغطيتهم إلى نقاش موضوعات تتعلق بأهاليهم»، كما «أنها تغطي قضايا ترتبط بسكان قطاع غزة بإجمال، وإلا فإن المحتوى من دون ذلك لن يكون مهتماً بالمجتمع بشكل كامل، وبهذا تكون الإذاعة قد دمجت ذوي الإعاقة البصرية بقضايا المجتمع بكل مكوناته».

تواجه الإذاعة مشكلات صعبة، منها كسر الصورة النمطية للمعاقين، ومنها مشكلات فنية مثل الربط بين ما ينقله مهندس الصوت للمذيع وتفاعلات صفحات التواصل، لكن يبقى للتجربة ما هو أهم، وهو تقديمها لمنطق جديد في الإعلام العربي، وهو أنه لا يوجد اهتمام يؤجل آخر، وإن الاهتمام بالإنسان البسيط لا يقل أهمية عن الاهتمام بالعناوين الكبرى.

• «شمس» نموذج للإعلام الفقير البسيط، الذي يعمل في ظروف استثنائية معاكسة، وقادر على التوجه إلى الفئات الأكثر ضعفاً.

تويتر