في تحذير على تعديل نظام التقاعد

محتجون: ماكرون قد يواجه مصير الملك لويس السادس عشر

صورة

تلقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحذيراً من أنه قد يواجه مصير الملك لويس السادس عشر نفسه، الذي تم قطع رأسه، حيث أدى الغضب بشأن إصلاحاته التقاعدية إلى شلل كامل في فرنسا، الخميس الماضي. ونزل مئات الآلاف من الأشخاص إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد، واشتبكوا مع الشرطة، وعرقلوا السفر، وأغلقوا مصافي النفط في أكثر أيام الاضطرابات فوضى، منذ بدأت التظاهرات ضد خطة الرئيس لرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة في وقت سابق من هذا العام.

وكانت إضرابات يوم الخميس هي الأولى منذ أن نجت الحكومة من اقتراح سحب الثقة، ودفعت بالإصلاح الذي لا يحظى بشعبية كبيرة من خلال البرلمان دون تصويت. وقالت النقابات الفرنسية إن 3.5 ملايين شخص شاركوا في التظاهرات، بينما قالت الشرطة إن أكثر من مليون شخص شاركوا في التظاهرات.

ونظمت حشود كبيرة مسيرة في باريس، حيث حمل المتظاهرون لافتات تصور ماكرون في زي الملك الفرنسي الذي تم إعدامه، مع رسائل تحذر: «لويس السادس عشر- قطعنا رأسه».

واقتحم محتجون مطار شارل ديغول، في باريس، وأغلقوا الطريق السريع المؤدي إليه، وأجبروا المسافرين على الوصول إليه سيراً على الأقدام. وأغلقت حشود المتظاهرين محطة قطار رئيسة في العاصمة، حيث دعاهم عضو في نقابة عمالية إلى «الإطاحة» بالرئيس، واستهداف زيارة الملك تشارلز إلى باريس، ما أدى إلى الإعلان عن إلغائها. حيث كان النقابي، فابيان فيليديو، قد ذكر لقناة تلفزيونية محلية «دعونا نذهب جميعاً إلى فرساي ونرحب به (الملك) كما ينبغي».

وفي أماكن أخرى من العاصمة، تم إغلاق برج إيفل وقصر فرساي وقوس النصر. وبينما كان معظم المتظاهرين في باريس سلميين بشكل عام، حطمت مجموعات أصغر من الفوضويين المنتمين لما يعرف بـ«الكتلة السوداء» نوافذ المتاجر، ودمرت ممتلكات في الشوارع، ونهبت مطعم ماكدونالدز.

واندلعت الاشتباكات عندما تحركت شرطة مكافحة الشغب، وطردت المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، واضطر رجال الإطفاء للتدخل بعد إشعال النيران في منصات وأكوام من القمامة.

وانتقدت نادية بلهوم، وهي سائقة حافلة تبلغ من العمر 48 عاماً تشارك في مسيرة باريس، قرار ماكرون فرض سن التقاعد الأعلى، قائلة «رئيس الجمهورية ليس ملكاً، وعليه الاستماع لشعبه».

وكسر الرئيس أسابيع الصمت بشأن السياسة الجديدة ليقول إنه سيقف بحزم ضد المتظاهرين، وأن القانون سيدخل حيز التنفيذ بحلول نهاية العام، وفي مرحلة ما قارن الاحتجاجات باقتحام مبنى الكابيتول الأميركي، في عام 2021.

وهاجم منتقدون البيان، ووصفوه بأنه «راض عن النفس» و«بعيد المنال». وقبل التظاهرات في باريس، اتهم رئيس النقابة الوطنية للعمالية، فيليب مارتينيز، ماكرون بإشعال النيران، متابعاً «عندما يكون هناك مثل هذا الصراع، فإن دور رئيس الجمهورية هو تهدئة الأمور، وبالأمس ألقى البنزين على النار».

المضي قدماً

وفي مرسيليا، حيث زعمت النقابات أن 280 ألف شخص خرجوا للاحتجاج، حث زعيم الجناح اليساري، جان لوك ميلينشون، معارضي إصلاح نظام التقاعد على المضي قدماً، وقال: «اليوم، يجب أن نلقي بكل قواتنا في المعركة».

وفي مدينة لوريان الساحلية، شنق المتظاهرون دمية، وأضرموا فيها النيران أمام مركز الشرطة. وأصيب عدد من الضباط أثناء تصديهم للمتظاهرين الذين حاولوا اقتحام المبنى الذي اشتعلت فيه النيران بعد إصابته بقذائف مشتعلة.

ووصف وزير الداخلية، جيرالد دارمانين، العنف بأنه «غير مقبول». وقال «لا يمكن أن تمر هذه الأعمال دون عقاب». من جهتها، قالت رئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيث بورن «من حقك التظاهر والإعلان عن خلافاتك، لكن العنف والدمار الذي شهدناه اليوم غير مقبول». وتم تنظيم أكثر من 250 احتجاجاً في جميع أنحاء البلاد، وأشاد قادة النقابات بالتعبئة «الكبيرة».

بالقرب من تولوز، في جنوب غرب فرنسا، شوهدت أعمدة من الدخان تتصاعد من أكوام الحطام المحترقة، التي تعيق حركة المرور على طريق سريع.

وأشعل متظاهرون ملثمون، يرتدون ملابس سوداء، النار في صناديق قمامة، واشتبكوا مع الشرطة في رين، واستخدمت خراطيم المياه لتفريقهم.

أكبر أزمة محلية

الاحتجاجات ضد القانون الجديد - الذي يعدل أيضاً عدد السنوات التي يجب أن يعمل فيها الشخص للحصول على معاش تقاعدي كامل - اجتذبت حشوداً ضخمة في المسيرات التي نظمتها النقابات، منذ يناير. وتحولت الضجة حول إصلاح نظام التقاعد إلى أكبر أزمة محلية في فترة ولاية ماكرون الثانية في منصبه.

وأظهر استطلاع، أجري الأسبوع الماضي، أن معدل التأييد للرئيس الفرنسي قد انخفض إلى 28%، وهو أدنى مستوى منذ أن أدت حركة احتجاج السترات الصفراء المناهضة للحكومة إلى الفوضى في البلاد في 2018-2019.

وتراجع ماكرون عن مزاعم سابقة بأن الحشود المتظاهرة «ليس لها شرعية»، وقال إن الاحتجاجات المنظمة كانت «مشروعة»، لكن يجب إدانة العنف وعدم إعاقة النشاط الطبيعي. وبينما كانت فرنسا غارقة في الفوضى، كان ماكرون في بروكسل لحضور قمة المجلس الأوروبي.

وشابت التظاهرات أعمال شغب ترافقت مع ممارسات عنيفة للشرطة في الأيام الأخيرة، على ما أفادت منظمات عدة للدفاع عن حقوق الإنسان.

ووجهت مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا، دنيا مياتوفيتش، الاتهام نفسه. وقالت «أعمال العنف المتفرقة لبعض المتظاهرين أو أفعال أخرى مدانة ارتكبها آخرون خلال تظاهرة، لا تبرر الاستخدام المفرط للقوة من قبل عناصر تابعين للدولة. هذه الأعمال لا تكفي كذلك لحرمان متظاهرين سلميين من التمتع بحرية التجمع».

في المقابل، اعتمدت المنظمات غير الحكومية لهجة لاذعة أكثر. فقال رئيس رابطة حقوق الإنسان باتريك بودوان «الانجراف الاستبدادي للدولة الفرنسية، وإضفاء الطابع العنفي على العلاقات بواسطة الشرطة وأعمال العنف على أنواعها والإفلات من العقاب تشكل كلها فضيحة مدوية». واتهمت الرابطة السلطات بالمساس بحق المواطنين في الاحتجاج من خلال الاستخدام غير المتناسب والخطر للقوة.

وانتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش من جهتها الاحتواء التعسفي للحشود وتكتيكات مكافحة الشغب.

بينما رأى وزير الداخلية الفرنسي أن الشرطة اكتفت بالتحرك لمواجهة «المنحى المتطرف» الذي سلكه «المخربون» المنضوون في صفوف «اليسار المتطرف»، الذين يندسون بين المتظاهرين لإثارة أعمال شغب على حد قوله.


• نظّمت حشود كبيرة مسيرة في باريس، حيث حمل المتظاهرون لافتات تصور ماكرون في زي الملك الفرنسي الذي تم إعدامه، مع رسائل تحذر: «لويس السادس عشر- قطعنا رأسه».

• 3.5

ملايين شخص شاركوا في التظاهرات، وفقاً للنقابات الفرنسية.

• أظهر استطلاع، أجري الأسبوع الماضي، أن معدل التأييد للرئيس الفرنسي قد انخفض إلى 28%، وهو أدنى مستوى منذ 2019.

تويتر