بايدن لم يناقش مع سوناك وألبانيز قضية تصاعد قوة الصين العسكرية

صفقة الغواصات تمهد الطريق لاستراتيجية أميركا المعقدة للمحيط الهادي

صورة

إعلان الأسبوع الماضي للشراكة بين أستراليا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، يمثل لحظة مهمة في استراتيجية الولايات المتحدة في المحيطين الهندي والهادي، ولكن على الرغم من مخاوف الصين، فإن هذا الاتفاق ليس اتفاقية احتواء، على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بل إنه محور لشيء أكثر مرونة وتكيفاً.

ولم يناقش الرئيس الأميركي جو بايدن قضية تصاعد قوة الصين العسكرية، وهو الدافع الواضح من أجل اتفاقية الشراكة بين الدول الثلاث، خلال الإعلان عن الاتفاق في مدينة سان دييغو الأميركية، حيث كان يحيط به رئيسا الحكومتين البريطانية ريشي سوناك، والأسترالية أنطوني ألبانيز، إضافة إلى غواصة ضخمة، هي الأميركية «يو اس اس ميسوري» تظهر في الخلفية. وقال بايدن «هذا المشروع الأول هو مجرد بداية فقط، وننتظر مزيداً من الشراكات، ومن الإمكانات، والمزيد من السلام والأمن في المنطقة مستقبلاً».

التشارك في التقنيات

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جاك سوليفان، للصحافيين، في وصفه إعلان اتفاق صنع الغواصة من قبل القادة الثلاثة «نحن لا نتطلع إلى إنشاء حلف ناتو آخر في المحيطين الهندي والهادي»، إذ إن هذه الشراكة هي لمجرد التشارك في التقنيات الأمنية، ولكنها جزء من سلسلة شراكات أمنية متداخلة في المنطقة.

استراتيجية مختلفة

وحلف الناتو هو اتفاقية تحالف رسمية مع عدد كبير من الدول، التي غالباً لا يتم الإعلان عن الاعتماد الفعلي المتداخل فيما بينها. ولننظر إلى تركيا، أو فرنسا. ولكن استراتيجية واشنطن الناشئة في المحيطين الهندي والهادي أمر مختلف، بالنظر إلى حجم التحالفات القائمة لتلبية مختلف الاحتياجات. أما الشراكة فهي على سبيل المثال تحالف دفاعي صلب، في حين أن الشراكة الرباعية بين الهند واليابان وأستراليا والولايات المتحدة، فإنها تسعى إلى الاندماج الناعم للتقنيات والسياسة.

ويمكن وصف سياسة الولايات المتحدة الجديدة في آسيا باعتبارها نوعاً من «منطقة دفاعية»، وشبكة تربط مختلف المجموعات من الدول التي تتشارك في المخاوف من الصين. وفي مركز العديد من هذه المجموعات اليابان، التي أصبحت حليف الولايات المتحدة الأكثر أهمية في المنطقة، بالنظر إلى أنها تقبلت إعادة تسليحها.

علاقات أمنية

وتظهر الآن العديد من مثلثات القوى، وتساعد الولايات المتحدة اليابان على إصلاح علاقاتها مع كوريا الجنوبية، وتشكل علاقة أمنية ثلاثية قوية. وتساعد اليابان الولايات المتحدة على تحسين العلاقات مع الفلبين، وهي دولة كانت تميل نحو الصين، ولكنها شعرت بالضجر من كونها تحصل على قوتها من بكين. وثمة علاقات مشابهة تتطور لربط الولايات المتحدة واليابان مع دول متأرجحة، مثل فيتنام وإندونيسيا.

وتركز الاستراتيجية على الصين، وهو أمر مؤكد، ولكنها ليست جداراً للاحتواء مثل شبكة متداخلة فيما بينها. ويوضح ذلك مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، طلب عدم نشر اسمه، بالقول «كانت السياسة الأمنية في آسيا سابقاً سلسلة من التفاعلات الثنائية بين الولايات المتحدة وحلفائها، أو وفق التشبيه الذي يصور نظام النقل من مطارات صغيرة لتجميعها في مطار رئيس. والآن نقوم بالتشجيع لمزيد من العلاقات على طول المحور، ومزيد من الحركة».

لعبة الشطرنج

ولاستخدام تشبيه آخر، كان احتواء الحرب الباردة للاتحاد السوفييتي مثل لعبة الشطرنج بلوحة ثابتة وتشديد على القدرات الهجومية، وفق ما يقوله هذا المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه. والنموذج الموجود في المحيطين الهندي والهادي يشبه لعبة آسيوية معروفة باسم «غو»، مع موجات من التقدم والتراجع بدلاً من التشديد على قوة دفع كبيرة.

وفي الواقع، فإن الشراكة بين الدول الثلاث مهمة، لأنها تجلب بريطانيا، وهي قوة أوروبية مهمة، إلى خطط الدفاع الأميركية الطويلة الأمد في آسيا. وستقدم الولايات المتحدة تقنية نووية مهمة من خلال الغواصات الهجومية التي ستقدمها إلى أستراليا، وتعزز الأسطول البريطاني. وستتلقى بريطانيا أول غواصة من خلال هذه الشراكة بداية العقد المقبل أي 2030، في حين أن أستراليا ستحصل عليها في العقد الذي يليه، أي 2040، وفق ما قاله سوليفان. وفي هذه الغضون، ستقدم الولايات المتحدة إلى أستراليا نحو خمس غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية بداية عام 2032.

الحلقة المفقودة

وستشمل الركيزة الثانية للشراكة بين الدول الثلاث حصولها على تقنيات دفاع أخرى متطورة بين الدول الثلاث، وربما شريك آخر مثل اليابان. وستتضمن هذه التقنيات طائرات أسرع من الصوت، وذكاء اصطناعياً، وتقنيات الحرب تحت البحر، وأسلحة سيبرانية، وأنظمة مستقلة، وتقنيات الحرب الإلكترونية، وفق ما ذكره مسؤول كبير في الإدارة.

ولسوء الطالع، فإن الحلقة المفقودة في هذه الاستراتيجية الكبيرة هي السياسة الاقتصادية، إذ إن إدارة بايدن لا تحترم التحالف التجاري المعروف باسم الشراكة عبر المحيط الهادي، ولكنها لم تأت بأي شيء قوي لاستبداله. وتسهم المبادرة المعروفة بـ«إطار الشراكة الاقتصادية في الهندي والهادي من أجل الرخاء»، التي أطلقها بايدن العام الماضي، في تعزيز سلاسل التوريد، ولكنها لم تحقق أهدافاً أوسع، مثل اتفاق رقمي يمكن أن يشكل الاستثمار في التقنية، والتنمية.

وبايدن بحاجة إلى الاعتراف بأن شركاء أميركا في آسيا يعتمدون على التجارة. وحتى يظهر أنه مستعد لتحدي المقاومة السياسية للتجارة في الحزب الديمقراطي، ويثبت للشركاء الآسيويين أن أسواق الولايات المتحدة ستظل مفتوحة لصادراتهم، فإن بعض الفوائد الناجمة عن الاستراتيجية الجديدة للمنطقة يمكن أن تضعف قيمتها.

• إدارة بايدن لا تحترم التحالف التجاري المعروف باسم الشراكة عبر المحيط الهادي، ولكنها لم تأت بأي شيء قوي لاستبداله.

• استراتيجية واشنطن الناشئة في المحيطين الهندي والهادي أمر مختلف، بالنظر إلى حجم التحالفات القائمة لتلبية مختلف الاحتياجات.

ديفيد إغناتيوس *كاتب الشؤون الدولية في «واشنطن بوست»

تويتر