ماردين القديمة من أجمل المقاصد السياحية في تركيا

مدينة تاريخية تفتح أبوابها للسوريين الناجين من الزلزال

صورة

تعتبر مدينة ماردين القديمة من أجمل المقاصد السياحية في تركيا، وهي مبنية على سفح جبل، كما أنها بمثابة متحف مفتوح في الهواء الطلق، بشوارعها الضيقة والمرصوفة بالحصى، وكنائسها، ومساجدها التاريخية، إضافة إلى مقاهيها الجذابة والموجودة على الأسطح وتشرف على سهول بلاد ما بين النهرين القديمة. ويوجد في مركز المدينة متاجر لبيع الصابون، والشكولاتة المصنوعة يدوياً، إضافة إلى المشروبات المعروفة في المنطقة منذ بداية العصر المسيحي قبل قرون خلت.

ومنذ حدوث الزلزال المدمر الذي كان بقوة 7.8 على مقياس ريختر في جنوب شرق تركيا وشمال سورية، في فبراير الماضي، فتحت المدينة القديمة أبوابها لعدد كبير من العائلات بمن فيهم العديد من اللاجئين السوريين الذين فقدوا منازلهم في هذه الكارثة.

يدرك أهالي ماردين أن مدينتهم مبنية على صخور صلبة، كما أنها تقع على بعد مائة ميل إلى الشرق من مركز الزلزال الذي وقع الشهر الماضي، ولهذا فإنها لاتزال صامدة بقوة. ولم تحدث أي أضرار في هذه المدينة نتيجة الزلزال الذي تبعه زلزال ثانٍ إضافة إلى العديد من الهزات الارتدادية. ويعيش بعض القادمين إلى المدينة في الفنادق، وآخرون في المنازل المبنية من حجارة الجير، والأسقف المقببة، وتقع في الجبال، والتي تعتبر محمية من قبل منظمة اليونسكو العالمية باعتبارها إرثاً حضارياً عالمياً.

ومن بين هؤلاء علي (28 عاماً)، ونور الحسين، اللذان وصلا إلى ماردين بعد ثلاثة أسابيع على أول زلزال مع أطفالهما الأربعة، وهم أصلاً من مدينة الرقة السورية التي غادروها قبل 11 عاماً، وكانوا يعيشون في مدينة سانليرفا التركية التي تبعد نحو ساعة بالسيارة من ماردين، وهي منطقة تعرضت لأضرار كبيرة جراء الزلزال. ويقول علي: «في الساعة الرابعة و17 دقيقة من صباح السادس من فبراير الماضي استيقظنا على الزلزال، وكانت ساعة الجدار تتحرك بعنف، وحاولنا الركض، واعتقدت أننا سنموت وسط الركام».

ووفق ما تقوله سلطات إدارة الكوارث والطوارئ في تركيا، فإن عدد الوفيات نتيجة الزلزال وصل إلى 45 ألفاً في حين أن مليوناً ونصف المليون أصبحوا بلا منازل، أما على الجانب الآخر من الحدود داخل سورية فبلغت الوفيات نحو 5951 طبقاً للأرقام المعلنة.

وتعرض المبنى الذي كانت فيه شقة علي وعائلته لأضرار جسيمة، واعتبرته الحكومة من ضمن المباني المتضررة بشكل كلي. وقال علي: «عندما توقف الاهتزاز سارعنا إلى جمع بعض الأشياء، والوثائق المهمة، وبعض الملابس وركضنا بسرعة».

وظلت العائلة تعيش في مبنى مدرسة 10 أيام، وكانت تشترك في غرفة كبيرة مع 10 عائلات أخرى. وتقول نور (26 عاماً): «كان الأمر صعباً، ولم نكن نشعر بالخصوصية، ولهذا انتقلنا إلى المسجد القريب وبقينا فيه ليالي عدة، وبعد أيام جئنا إلى ماردين لنجد حلاً إلى أمد طويل».

وتقول مديرة الاتحاد النسائي المحلي هوليا جلبي أوغلو، إن الاتحاد يركز الآن على دعم الناجين من الزلزال، ويساعد الاتحاد عائلة علي لدفع أجر المنزل، كما أنه يوفر لها دعماً نفسياً ووجبات طعام.

وتقدر جلبي أوغلو أن نحو 70 عائلة قدمت حديثاً لتعيش في مدينة ماردين القديمة، وهي تقول: «العديد من العائلات السورية انتهى بها المطاف للعيش في المدينة القديمة»، مضيفة أن المدينة شهدت نمواً سريعاً في تعداد السكان منذ بداية الأزمة السورية، وخلال توسع تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق وسورية. وتضيف أنه من غير الواضح عدد العائلات التي ستبقى في ماردين، وحتى الآن لم تحدد عائلة علي ما تريد القيام به، ويقول علي: «حتى الآن نشعر بالأمان هنا».

العيش في تلة خلابة

يعيش علي وأسرته حالياً في منزل قديم في أعماق متاهة الطرق المتعرجة على سفح تلة خلابة. ويدفعون أجراً شهرياً رخيصاً، لا يزيد على 1500 ليرة تركية. وبالطبع فإن أسعار الفنادق للسياح الذين يصلون بصورة يوميا على رحلات جوية مباشرة من إسطنبول أغلى من ذلك بكثير. ويعيش في مقاطعة ماردين نحو 850 الف نسمة، في حين أنه يعيش في المدينة القديمة نحو 130 الف نسمة. ويساعد أحد الاتحادات المحلية على دعم الأسر المتضررة التي انتقلت للعيش في المدينة بعد الزلزال، من خلال دفع أجرة المسكن وتوفير الدعم النفسي ووجبات طعام.

مدينة ماردين القديمة مبنية على صخور صلبة، ولم يحدث بها أي أضرار جراء الزلزال.

تويتر