سيؤول تعتزم إنهاء نزاعها مع طوكيو

«العمل القسري» في زمن الحرب ينغص العلاقات بين كوريا الجنوبية واليابان

صورة

كانت الكورية يانغ جيوم ديوك طفلة في أربعينيات القرن الماضي، وكانت تحلم بأن تكون مُدرسة. وعندما اقترح أستاذها عليها الدراسة في اليابان، الحاكم الاستعماري للبلاد آنذاك، وافقت بحماس. وعندما كانت تبلغ من العمر 13 عاماً، فقط، قامت بتحضير المستندات اللازمة وغادرت منزلها في مقاطعة جولا الجنوبية. وتم إرسالها على الفور ليس إلى المدرسة الموعودة في اليابان، ولكن إلى مصنع طائرات تديره شركة ميتسوبيشي اليابانية العملاقة. وتتذكر قائلة، «لقد عملت حتى الموت تقريباً ولم أتقاض أجراً قط». وتقول إن أملها الأخير هو أن «يقدم الجناة اعتذاراً صادقاً قبل أن أموت».

قد يُعرض عليها على الأقل بعض المال؛ وفي السادس من مارس، أعلنت حكومة رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، عن صندوق تعويض جديد لضحايا العمل القسري، في اليابان، خلال زمن الحرب؛ أو أقاربهم الباقين على قيد الحياة. والتفاصيل ما إذا كانت ميتسوبيشي أو أي شركة يابانية ستدفع هذه التعويضات؛ غير واضحة. ومع ذلك، يأمل يون في أن يؤدي هذا إلى إنهاء النزاع الذي أدى لعقود من الزمان إلى تسميم العلاقات بين البلدين، حتى في الوقت الذي تقرب بينهما الضغوط الأميركية، والمخاوف بشأن الصين وكوريا الشمالية. وأشاد الرئيس الأميركي، جو بايدن، بالإعلان ووصفه بأنه «فصل جديد رائد من التعاون والشراكة».

ويأتي ذلك في أعقاب حكم المحكمة العليا في كوريا الجنوبية، في عام 2018، بأن شركتين يابانيتين، وهما «نيبون ستيل» و«ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة»، يجب أن تعوض الكوريين الجنوبيين الذين أُجبروا على العمل في مصانعهما، أو أفراد عائلاتهم الباقين. واعترضت الحكومة اليابانية على هذا القرار، بحجة أن القضية قد تمت تسويتها من خلال معاهدة بين البلدين في عام 1965. وتلا ذلك مواجهة باردة، ما زاد من احتمال أن الشركات اليابانية مثل ميتسوبيشي سوف يتم الاستيلاء على أصولها الكورية الجنوبية، من قبل المحكمة. ومنذ أن تولى يون السلطة، في مايو الماضي، انخرط المسؤولون في سيؤول وطوكيو في جهود حثيثة وخلف الكواليس لإصلاح الأمور.

سيتم تمويل صندوق التعويضات في الغالب من قبل حكومة كوريا الجنوبية. وسيتم تشجيع الشركات الكورية الجنوبية التي تلقت أموالاً بموجب معاهدة عام 1965 (والتي تضمنت 800 مليون دولار في شكل منح وقروض منخفضة الفائدة لكوريا الجنوبية)، ولكن لن يتم إجبارها على المساهمة. وقد تقوم الشركات اليابانية بذلك على أساس تطوعي. وفي هذه الأثناء، بدلاً من إصدار اعتذار جديد تريده السيدة يانغ جيوم ديوك والعديد من الكوريين الجنوبيين، ستعيد اليابان إصدار «الندم العميق والاعتذار الصادق» الذي قدمته في عام 1998 عن «الأضرار والمعاناة الهائلة التي سببها الاحتلال الاستعماري الياباني لكوريا، في الفترة بين 1910و1945».

وتعكس صيغة الاعتذار مدى عدم اهتمام رئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا، بتقديم تنازلات. وهو يخشى الإساءة إلى توجهات حزبه الليبرالي الديمقراطي المعارض إزاء تقديم أي اعتذار جديد. وأشاد كيشيدا بصندوق التعويضات باعتباره «عودة إلى علاقة صحية». وفي غضون ساعات، أعلنت وزارة التجارة اليابانية عن محادثات ثنائية حول رفع الضوابط، المعمول بها منذ عام 2019، على صادرات المواد لتصنيع أشباه الموصلات إلى كوريا الجنوبية. وقالت كوريا الجنوبية إنها ستعلق الشكوى ذات الصلة التي قدمتها إلى منظمة التجارة العالمية. وقد يتلقى يون قريباً دعوة للقيام بزيارة رسمية إلى اليابان. وقد يتم الترحيب به، أيضاً، ضيفاً في قمة مجموعة السبع في هيروشيما في مايو.

لايزال يتعين على الزعيم الكوري الجنوبي تسويق حله محلياً. ويعتمد دفعه من أجل علاقات ثنائية أفضل على مناشدة الكوريين الجنوبيين للموازنة بين فوائد التعاون مع اليابان ومخاوفهم بشأن انتهاكات الماضي. وفي خطاب ألقاه في الأول من مارس، وهو اليوم الذي يحيي ذكرى استقلال كوريا، قال يون إن اليابان قد حولت نفسها من «معتد عسكري من الماضي إلى شريك يشترك في القيم العالمية نفسها». ولكنه قد يفشل في إرضاء ضحايا العمل القسري أو خصومه السياسيين.

ويقول ليم جاي سونغ، وهو محام يمثل 15 مدعياً في ما يتعلق باستخدام شركة «نيبون ستيل» للعمل القسري، إنه لكي يعمل الصندوق على النحو المأمول، سيتعين على المدعين التخلي عن مطالبتهم بالتعويض من الشركة اليابانية. ويضيف أن البعض منهم سيصر على أن الشركة نفسها يجب أن تعتذر وتدفع الثمن؛ موضحاً، «كيف سنتمكن من قبول هذا عندما لا يوجد اعتذار واحد ولا ين واحد؟».

يريد معظم الكوريين الجنوبيين علاقات أفضل مع اليابان. ومع ذلك، يشير استطلاع حديث للرأي إلى أن 64٪ يعتبرون تقديم اعتذار آخر من اليابان، وإجراء تحقيق في مخالفاتها السابقة شرطين أساسيين. وسيؤجج معارضو يون ذلك الشعور. واتهم زعيم الحزب المعارض، لي جاي ميونغ، الحكومة «بمعاملة ضحايا العمل القسري كما لو كانوا حجر عثرة أمام تحسين العلاقات». وساعدت التهمة نفسها على التراجع عن «حل نهائي لا رجعة فيه» لقضية النساء الكوريات اللائي أجبرن على العبودية الجنسية، في زمن الحرب من قبل اليابان، والذي تفاوض عليه البلدان في عام 2015.

وتجمع المتظاهرون ضد الصفقة، في السادس من مارس، خارج مبنى بلدية سيؤول. وانتقدت اللافتات المضاءة بالشموع «الدبلوماسية المهينة المؤيدة لليابان»، التي ينتهجها الرئيس الكوري الجنوبي ودعم أميركا لها. والسؤال الأهم هو ما إذا كان يون قد فعل المزيد لامتصاص الغضب أو سكب الزيت على النار؟

• منذ أن تولى يون السلطة، في مايو الماضي، انخرط المسؤولون في سيؤول وطوكيو في جهود حثيثة وخلف الكواليس لإصلاح الأمور.

• ٪64 من الكوريين يعتبرون تقديم اعتذار آخر من اليابان وإجراء تحقيق في مخالفاتها السابقة شرطين أساسيين.

تويتر