«ناشيونال إنتريست»: خطوته الجريئة أكدت أنه ليس مشوشاً وأظهرت شجاعة حقيقية

زيارة بايدن لكييف تصعيد مباشر لمواجهته مع بوتين

بايدن خلال لقائه زيلينسكي في كييف. أ.ب

يرى الكاتب الأميركي، جاكوب هيلبورن، رئيس تحرير مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، أن الرئيس الأميركي جو بايدن، بزيارته لكييف عاصمة أوكرانيا، صعّد بشكل مباشر مواجهته مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومع منتقديه من الحزب الجمهوري في بلاده.

ويمكن القول إن بايدن يقف تماماً إلى جانب أوكرانيا ضد حرب روسيا مع هذا البلد. وتمثل زيارته، ليس فقط لكييف، بل أيضاً لوارسو عاصمة بولندا، حيث ألقى كلمة عن الحرب، لحظة محورية. والآن أكثر من أي وقت مضى يُظهر بايدن أنه «رئيس حرب».

رجل شجاع

ويضيف هيلبورن في تحليل نشرته «ناشيونال إنتريست»، أن منتقدي بايدن يحبون تصويره على أنه رجل عجوز، لا علاقة له بالوقائع المعاصرة. ووصفه السيناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا، ريك سكوت، أخيراً بأنه «مشوش»، لكن زيارة بايدن الجريئة لكييف أوضحت أنه ليس هناك تشويش، بل أظهرت شجاعة حقيقية.

وليس ذلك فحسب، فقد أكدت الزيارة دهاء بايدن الدبلوماسي. ويدرك بايدن، باعتباره نتاج عهد الحرب الباردة، أنه يمكنه هو فقط ممارسة القيادة لتعزيز التحالف الغربي، الذي انهار، لكنه لم يتفكك مطلقاً، أثناء المواجهة مع الاتحاد السوفييتي، مهما كان مقدار الضغط الذي مارسه عليه الكرملين. لقد عاد التحالف للمستقبل، ومرة أخرى تحاول موسكو تقسيم حلف شمال الأطلسي (الناتو)، على أمل أن تقيم نظامها العالمي الجديد المناهض للغرب.

ويقول هيلبورن إن بايدن لا يتزحزح عن موقفه، فقد قام بحملة لإحياء الديمقراطية الأميركية، لكن انتهى به المطاف للدفاع عنها حتى بدرجة أكبر في الخارج. ودغدغت الأزمة الأوكرانية نقاط قوته، ما أتاح له استغلال القوى الدبلوماسية والعسكرية الضامرة للتحالف الغربي لتعزيز الهيمنة الأميركية مرة أخرى.

وأوضح هيلبورن أن القنصل العام البولندي في نيويورك، أدريان كوبيكي، قال له إن «زيارة الرئيس بايدن لأوكرانيا، ثم زيارته لبولندا، تؤكدان مجدداً التزام الولايات المتحدة القوي بمواصلة دعمها لأوكرانيا والأوكرانيين، في الحرب مع روسيا. كما أن الزيارة تبعث برسالة مهمة لبولندا وغيرها من الحلفاء من الجناح الشرقي لـ(الناتو)، مفادها أن أمن المنطقة أولوية مشتركة بالنسبة لنا».

وثمة فرصة لبولندا ودول مجموعة بوخارست التسع، لتبحث مع الرئيس بايدن مباشرة الإجراءات التي يتعين على «الناتو» اتخاذها لتعزيز القدرات الدفاعية والأمن. وهذه الزيارة التاريخية خطوة مهمة إلى الأمام نحو نهاية الحرب الناشبة بين روسيا وأوكرانيا.

ويضيف هيلبورن أن ظهور بايدن كقائد قوي لا يروق لمنتقديه في اليمين السياسي، الذين يتدافعون لتصوير زيارته بأنها قامت على أساس خاطئ، أو حتى أسوأ من ذلك.

وقالت عضو مجلس النواب الأميركي، مارغوري تايلور، في تغريدة لها عن الزيارة: «هذه إهانة بالغة. من الآن فصاعداً اختار رئيس الولايات المتحدة أوكرانيا، لتكون لها الأولوية على أميركا، بينما يُرغم الشعب الأميركي على دفع أموال لحساب حكومة أوكرانيا وحربها. ولا يمكنني التعبير عن عدد الأميركيين الذين يكرهون جو بايدن».

بايدن يتصدى لروسيا

وقال هيلبورن إن هذا اختيار زائف، فبايدن لا يفضل أوكرانيا على أميركا، بل إنه يتصدى بحذر لطموح فلاديمير بوتين لإقامة إمبراطورية روسية جديدة، من شأنها أن تهدد أوروبا بصورة مباشرة. وعلى أي حال، فإن فكرة أن الحرب هي «حرب أوكرانيا»، كما تقول النائبة، فكرة كاذبة. وأشار إلى أن النائبة تايلور تختلق رواية خيالية، بأن أوكرانيا هي الدولة السيئة المسؤولة عن اندلاع الحرب من خلال سلوكها المضطرب. وتساءل: منذ متى يشكل مجرد الحفاظ على الوجود سبباً للتعرض للهجوم؟

وأكد هيلبورن أن حرب أوكرانيا ستخلق شقاقاً كبيراً بين صفوف الحزب الجمهوري، فالسيناتور ميتش ماكونيل سيدعم الحرب ضد أوكرانيا. وسيهاجم مرشحون للرئاسة، مثل نيكي هالي و(المفترض) مايك بومبيو، بايدن لتساهله الشديد بالنسبة للسياسة الخارجية، ولكن آخرين في الحزب الجمهوري ليست لديهم الجرأة بالنسبة لدعم كييف. وعلى سبيل المثال، سيعزز دونالد ترامب سياسة تتسم بالجبن إزاء الكرملين، حيث سيتهم بايدن بأنه عقّد الأمور بعدم سعيه لتحقيق حل دبلوماسي، أي تسليم أوكرانيا على طبق من الفضة كجزء لا يتجزأ من منطقة النفوذ الروسية المشروعة.

وأكد هيلبورن أن من المرجح أن يعني الاستسلام لرغبة بوتين المرتبطة بجنون العظمة لمحو أوكرانيا من على الخريطة، إعلان نهاية «الناتو». وستكون قبضة بوتين على السلطة داخل روسيا منيعة، وستكون دول البلطيق هي التالية على قائمة هجماته. من ناحية أخرى، ستكون الصين محصنة في طموحها لالتهام تايوان وطرد أميركا، بعيداً قدر الإمكان عن المسرح الآسيوي.

واختتم هيلبورن تحليله بالقول إن بايدن على حق في ما فعله، فقد أظهر من خلال زيارته لكييف، عشية ذكرى مرور عام على الحرب الأوكرانية الروسية، أن أميركا ليست غائبة، وبالأحرى هي موجودة في ميدان القتال.

• يدرك بايدن، باعتباره نتاج عهد الحرب الباردة، أنه يمكنه هو فقط ممارسة القيادة لتعزيز التحالف الغربي، الذي انهار، لكنه لم يتفكك مطلقاً، أثناء المواجهة مع الاتحاد السوفييتي، مهما كان مقدار الضغط الذي مارسه عليه الكرملين.

• دغدغت الأزمة الأوكرانية نقاط قوة بايدن، ما أتاح له استغلال القوى الدبلوماسية والعسكرية الضامرة للتحالف الغربي لتعزيز الهيمنة الأميركية مرة أخرى.

تويتر