الاحتلال يحرم 40% منهم حقهم في العلاج خارج الحدود المحاصرة

مرضى السرطان في غزة.. أوجاع مضاعفة يفاقمها الحصار الإسرائيلي

صورة

بحزن، يراقب وائل أبوجلال عن قرب توأمه إياد (51 عاماً)، الذي يرقد على سرير العلاج منذ شهور عدة، داخل مستشفى الصداقة الفلسطيني التركي لعلاج مرضى السرطان وسط قطاع غزة، حتى لا يشعر بتأوه فيه ودموع عينيه، ألماً على تدهور حالة شقيقه الصحية، جراء عجز مستشفيات القطاع عن توفير العلاج اللازم له، نتيجة سياسة الحصار الإسرائيلي بحق مليونين و700 ألف فلسطيني.

مشهد مأساوي يعيشه إياد المصاب بمرض السرطان في البروستاتا والحوض والعمود الفقري، جراء بلوغ المرض الخبيث مراحل خطرة داخل جسده، إذ تستوجب حالته الصحية الخضوع لجلسات العلاج الإشعاعي في مستشفيات مدينة القدس الشريف ومدن الضفة الغربية، والتي لا تتوافر داخل حدود غزة المحاصرة، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يرفض السماح له بالانتقال إلى الشطر الثاني من الوطن المحتل المنقسم.

تندرج حالة إياد على نزلاء مستشفى الصداقة الفلسطيني التركي، المتخصص الوحيد في علاج مرضى السرطان فوق سن الـ(14) عاماً، وعلى الأطفال الموجودين داخل أسوار مستشفى الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي لعلاج الأورام إلى الشمال من مدينة غزة، إذ تؤكد وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحرم (40%) من مرضى السرطان من حقهم في العلاج بالخارج.

آلام رهن الموافقة

زارت «الإمارات اليوم» إياد أبوجلال في غرفته، حيث لا يقوى على مغادرة سرير العلاج، أو تحريك جسده مطلقاً، جراء انتشار السرطان في جسده منذ نهاية عام 2021، إلى جانب إصابته السابقة بانزلاق غضروفي في ظهره وقدميه.

ويقول أبوجلال، وهو أب لخمسة أولاد، بصوت خافت وبصعوبة بالغة، «إنني أحتاج إلى علاج إشعاعي عاجل لفقرات عمودي الفقري المصابة بالسرطان، حتى أنتقل إلى مرحلة علاج أطرافي وأعصابي الطرفية، لتتمكن قدماي من المشي مجدداً».

ويضيف، «منذ شهر نوفمبر الماضي حاولت مرات عدة السفر إلى مستشفى المطلع في المدينة المقدسة، من قبل دائرة العلاج بالخارج من وزارة الصحة، ولكن الاحتلال رفض ذلك تكراراً، لحجج أمنية واهية، وحاولت السفر إلى المملكة الأردنية الهاشمية، ولكنني لم أتمكن من ذلك، لتوافر العلاج الذي أحتاجه في مستشفيات الضفة، والقدس، والداخل الفلسطيني المحتل».

ويمضي إياد بالقول «الآن، وبعد أن أوصدت كل الأبواب أمام رحلة علاجي، لا أمتلك خياراً واحداً ينقذني من خطر الموت، رغم إمكانية توافر هذا العلاج في المستشفيات المصرية، ولكن تكاليفه باهظة جداً، ولا أقدر على توفير القليل منها، إلى جانب عدم شمولية ذلك ضمن التغطية المالية لنماذج العلاج بالخارج بالصحة الفلسطينية، للسبب ذاته الذي أبدته المستشفيات الأردنية».

وعلى مقربة من غرفة أبوجلال، يصارع محمود عويضة (32 عاماً)، وهو أب لثلاثة أطفال، مرض السرطان الذي يصيب غدد المعدة اللمفاوية وعموده الفقري داخل جسده النحيل منذ العام الماضي، لينتشر المرض بين عظامه بداية العام الجاري، نتيجة انعدام العلاج اللازم لمداواة آلامه.

ويقول محمود متنهدا، «إنني أنتظر منذ إصابتي بالسرطان إجراء تصوير إشعاعي، لتحديد نوع العلاج الذي أحتاجه، ولكن مثل ذلك لا يتوافر مطلقاً داخل مستشفيات غزة»، ويسترسل عويضة، «أمام ذلك نضطر للسفر خارج غزة للعلاج في مستشفيات القدس والضفة والتي يتوافر بداخلها العلاج الإشعاعي».

قيود كثيرة ومشددة

تبلغ ملفات مرضى الأورام السرطانية لدى مستشفى الصداقة الفلسطيني التركي 10 آلاف حالة مرضية، إذ يفد إليه يومياً (450) مصاباً داخل العيادات الخارجية، لتلقي الخدمات العلاجية، فيما تنقل (30) حالة في اليوم الواحد للمبيت لسوء أوضاعها الصحية.

كما يستقبل «الصداقة الفلسطيني التركي» ما يقارب (100) حالة لتلقي الرعاية الطبية اليومية على مدار ساعات معدودة، فيما تتلقى بقية الحالات المرضية العلاج اللازم داخل العيادات الخارجية، أما مستشفى الأطفال فيستقبل (40) حالة مرضية يومية، ست حالات منها تنقل للمبيت، لحاجتها لرعاية علاجية عاجلة.

ويبين المدير الطبي لمستشفى الصداقة الفلسطيني التركي، محمد أبوندى، أن ما نسبته (50%) من العلاج الكيميائي لمرضى السرطان غير متوافر لدى المستشفيات المحاصرة، فيما يحتاج (30%) من المرضى لتلقي العلاج الإشعاعي، لعدم الوجود داخل غزة مطلقاً.

وينوه إلى أن مستشفيات غزة تضطر إلى تحويل العديد من مرضى السرطان خارج القطاع، لإجراء فحوص مخبرية لأنواع معينة من الأورام غير المتوافرة، منها، الصورة المقطعية الوظيفية، وفحوص الجينات، وفحوص أجهزة الإدخال الخلوي، إلى جانب النقص الحاد لفحوص ضرورية لأنواع عديدة من الأورام.

ويقول أبو ندى لـ«الإمارات اليوم» في حديث خاص، «إن جميع مشاهد العجز الكامل والنقص الحاد في الإمكانات والعلاج لدينا، يجعلنا في حاجة دائمة وعاجلة لتحويل المرضى للعلاج الخارجي، والغالبية العظمى من المرضى لابد من توجيههم للعلاج داخل مستشفيات القدس والضفة، إلا أن الاحتلال يرفض انتقال مرضى السرطان عبر معبر (إيرز) الفاصل بين شطري الوطن المحتل، لذرائع أمنية واهية».

ويضيف، «إن الاحتلال يرفض نهائياً إدخال جهاز العلاج الإشعاعي إلى مستشفيات القطاع المحاصر، والذي يعد من الأولويات الضرورية لعلاج السرطان، وذلك حتى تبقى حياة المرضى تحت قبضة سياسة المنع الإسرائيلي».

ويشير مدير مستشفى الصداقة الفلسطيني التركي إلى أن الاحتلال يعمد في كثير من الأحيان لتأخير السماح بالموافقة على سفر الحالات المرضية لأوقات غير معلومة، ما يتسبب بتدهور الحالات الصحية للمرضى، وانتشار الأورام السرطانية في أماكن أخرى داخل أجسادهم المُنهكة.

الاحتلال يرفض نهائياً إدخال جهاز العلاج الإشعاعي إلى مستشفيات القطاع المحاصر، والذي يعد من الأولويات الضرورية لعلاج السرطان، وذلك حتى تبقى حياة المرضى تحت قبضة سياسة المنع الإسرائيلي.

الاحتلال يعمد في كثير من الأحيان لتأخير السماح بالموافقة على سفر الحالات المرضية لأوقات غير معلومة، مما يتسبب بتدهور الحالات الصحية للمرضى، وانتشار الأورام السرطانية في أماكن أخرى داخل أجسادهم المُنهكة.

تويتر