أسرت 130 صحافياً فلسطينياً خلال 2022 واعتدت على 13 آخرين في شهر واحد

إسرائيل تعيق عمل «السلطة الرابعة».. وتثنيها عن كشف الحقيقة

صورة

في ساعات الصباح الأولى من يوم السبت الثامن من شهر أكتوبر الماضي، تجول الصحافي الفلسطيني جعفر إشتية، مصور وكالة الأنباء الفرنسية (أ.ف.ب) في الأراضي الفلسطينية داخل مدن ومناطق الضفة الغربية، لتوثيق أحداث عملية عسكرية تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلية في مخيم جنين شمال الضفة، برفقة ثلاثة مصورين فلسطينيين يعملون مع وكالات أنباء عالمية، هم: محمد عابد، ومجاهد السعدي، ونضال إشتية.

تواجد الصحافيون الأربعة فوق إحدى البنايات السكنية وقاية لهم من رصاص الاحتلال الذي يستهدف كل جسم متحرك، وفي خضم عملهم لالتقاط صور لما ترتكبه القوات فوق الأرض، أطلقت القناصة الإسرائيلية النار بكثافة تجاههم، في مشهد متكرر لقتل الصحافية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة على مدخل مخيم جنين في شهر مايو من عام 2022.

حادثة إطلاق النار هذه عرضت حياة المصورين الفلسطينيين لخطر الموت، بحسب شهادة إشتية مصور وكالة (أ.ف.ب) خلال حديث خاص مع «الإمارات اليوم»، حيث أكد أن قناصة الاحتلال تعمدت استهدافهم رغم ارتدائهم الزي الصحافي والسترات التي لم تَقهم الرصاص الإسرائيلي الحي، قائلاً: «لقد نجونا جميعاً من موت محقق».

استهداف السلطة الرابعة

استهداف إشتيه والصحافيين الثلاثة حادثة من بين جرائم عدة ارتكبتها إسرائيل بحق السلطة الرابعة في الأراضي الفلسطينية، فمع انقضاء شهور العام الماضي، وثقت لجنة دعم الصحافيين العربية، ومقرها بيروت، إصابة 13 صحافياً في شهر ديسمبر من عام 2022، من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي التي ارتكبت أيضاً خلال الشهر ذاته 36 انتهاكاً بحق الحريات الإعلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويعد الاعتداء الإسرائيلي بحق مصور وكالة الأنباء الفرنسية في أكتوبر الماضي، هو الثالث الذي يتعرض له خلال عام 2022، فالاعتداء الثاني كان في مايو الماضي، لكن هذه المرة من قبل أحد المستوطنين، الذي حاول دهسه بالحافلة التي يقودها، لينجو إشتية أيضاً من موت محقق.

ويسرد مصور (أ.ف.ب) مجريات حادثة الاعتداء الإسرائيلي بحقه، بالقول: «إنه في يوم 17 مايو الماضي، كنت موجوداً قرب حاجز حوارة العسكري الإسرائيلي، تجاه بلدة حوارة الفلسطينية جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، لتغطية أحداث إصابة مواطن فلسطيني تعرض لإطلاق أعيرة نارية من قبل قوات الجيش الإسرائيلي».

ويضيف إشتية: «بينما كانت عدسة كاميرتي توثق الحادثة فوجئت بباص إسرائيلي يقوده مستوطن ويقل مستوطنين، ينحرف عن مساره تجاهي بسرعة جنونية، محاولاً دهسي، لكني سقطت على الأرض برفقة كاميرتي التي وثقت مجريات هذا الاعتداء الوحشي والتعسفي».

وأكد إشتية أن المستوطن تعمد دهسه ليثنيه عن دوره في توثيق جرائم الاحتلال التي تبيد الفلسطينيين بدم بارد، منوهاً إلى أن المستوطنين والجنود يستهدفون الصحافيين الفلسطينيين بشكل مباشر ومستمر في محاولة لطمس الحقيقة، وإخفاء صور القتل الإسرائيلية عن أرجاء العالم.

اعتداءات واسعة

في يوم 18 من شهر فبراير العام الماضي، أصيب مصور وكالة الأنباء الفرنسية بقنابل الغاز وأعيرة الرصاص المطاطي التي أطلقتها قوات الاحتلال أثناء وجوده في جبل صبيح بنابلس، لتوثيق أحداث الاعتداءات بحق السكان الفلسطينيين، لتكون هذه حادثة الاعتداء الإسرائيلي الأولى التي استهدفت إشتية في 2022.

ويشير مصور (أ.ف.ب) إلى أن الصحافيين الفلسطينيين تعرضوا لاعتداءات لا حصر لها خلال العام المنصرم، أثناء وجودهم في المناطق والبلدات الفلسطينية التي تتعرض لهجمات عسكرية، أو بالقرب من الحواجز الإسرائيلية، وذلك باستخدام الرصاص المعدني والإسفنجي، وقنابل الصوت والغاز السامة، وغاز الفلفل، والرش بالمياه العادمة، والسحل والضرب بالعصي، وأعقاب البنادق من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين.

ووثقت لجنة دعم الصحافيين في تقريرها عن الحريات الصحافية عشرات الحالات من منع وعرقلة الصحافيين الفلسطينيين، وسط أعمال استفزازية من قبل الاحتلال ومستوطنيه كالدفع والركل، إلى جانب الاعتداء بالضرب وإطلاق الأعيرة النارية.

تكبيل بالأصفاد

في خرق واضح للأعراف والقوانين الدولية، تلاحق إسرائيل حراس الحقيقة في الأراضي الفلسطينية بلا انقطاع، إذ اعتقلت قوات جيشها خلال العام الماضي 130 صحافياً فلسطينياً في مختلف مدن الضفة الغربية، ومدينة القدس الشريف، وذلك بحسب مكتب إعلام الأسرى الفلسطيني.

ومع بداية العام الجديد 2023 واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي احتجاز 20 صحافياً فلسطينياً خلف قضبان زنازينها من بينهم الصحافية الفلسطينية دينا جرادات، من سكان حي «المراح» في محافظة جنين، والتي تقضي حكماً بالاعتقال منذ اليوم السابع من شهر أغسطس الماضي.

ومن بين الأسرى الصحافيين الفلسطينيين القدامى، محمود عيسى، من سكان مدينة القدس الشريف، والذي يقضي حكماً مؤبداً ثلاث مرات و46 سنة إضافية، وذلك منذ اليوم الثالث من شهر يونيو من عام 1993.

ورصدت سجلات تقارير لجنة دعم الصحافيين حالة من الانتهاكات الإسرائيلية التعسفية بحق الصحافيين الأسرى خلف قضبان سجونها، حيث حرمت الصحافي والكاتب الفلسطيني الأسير وليد دقة البالغ من العمر 60 من علاجه اللازم، كما واصلت سياسة الإهمال الطبي بحقه، إلى جانب الاستهتار بحياته.

وفي الأسابيع الأخيرة من العام المنصرم، كشفت عائلة الأسير دقة من سكان بلدة «باقة الغربية» في الداخل الفلسطيني المحتل، عن إصابته بمرض سرطان الدم، بعد إجراء الفحوص الطبية اللازمة له خلف القضبان.

ويقبع الأسير الصحافي دقة خلف قضبان السجن الإسرائيلي منذ 37 عاماً، ضمن أقدم تسعة أسرى فلسطينيين، فيما مدد الاحتلال مدة محكوميته عامين إضافيين حتى شهر مارس 2025، بعد أن كان من المقرر الإفراج عنه في مارس المقبل.

• الصحافيون الفلسطينيون تعرضوا لاعتداءات لا حصر لها خلال العام المنصرم، أثناء وجودهم في المناطق والبلدات الفلسطينية التي تتعرض لهجمات عسكرية، أو بالقرب من الحواجز الإسرائيلية، من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين.

• المستوطنون والجنود يستهدفون الصحافيين الفلسطينيين بشكل مباشر ومستمر في محاولة لطمس الحقيقة، وإخفاء صور القتل الإسرائيلية عن العالم.

 
تويتر