انتهت الجهود الرامية لترسيخ قوات أمن قادرة في دول مثل أفغانستان بفشل كارثي

أسباب عدة أفشلت تقديم المساعدات الأمنية الأميركية إلى الدول «الهشة»

صورة

انتقد المحلل الأميركي، كينان أشبروك، استراتيجية الأمن القومي التي أعلنتها إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، والتي رافقتها استراتيجية الدفاع الوطني في أكتوبر الماضي. وقال إنه عندما تم الإعلان عن الاستراتيجيتين، ركّز رد فعل أجهزة السياسة الخارجية الأميركية إلى حد كبير، على مناقشة نهجهما في ما يتعلق بالتنافس مع روسيا والصين.

وأضاف أشبروك، وهو أحد كبار المحللين بمؤسسة سيمون إيفيريت للتحليلات، في تقرير نشرته مجلة ناشيونال انتريست الأميركية، أنه في ظل تركيز واشنطن على النقاط الدقيقة لسياسات القوى العظمى، لاحظ قليلون أن الاستراتيجيتين ضاعفتا بصورة مخيبة للآمال الاستراتيجية الخطيرة، وغير المثمرة، المتمثلة في توفير مليارات الدولارات لمساعدة قطاع الأمن الذي يركز على مكافحة الإرهاب، لجيوش في دول هشة، في الشرق الأوسط وإفريقيا، إلى حد كبير.

مخاطر

ويقول أشبروك إن مخاطر توفير المعدات، والتدريب، والمساعدات الفنية، والدعم المحلي لدول لا تمتلك مؤسسات عسكرية تعمل بشكل صحيح، كانت واضحة للغاية بشكل مؤلم على مدار السنوات الأخيرة. فقد انتهت الجهود الرامية لترسيخ قوات أمن قادرة في دول مثل أفغانستان، بفشل كارثي. كما فشلت القوات التي تقوم الولايات المتحدة بتدريبها في إفريقيا في وقف انتشار العنف الإرهابي، بل أثبتت أنها مفيدة تماماً في القيام بالانقلابات، وقتل المعارضين، وفي تحويل الشباب الذين أصيبوا بخيبة أمل إلى التطرف.

ومع ذلك، يبدو أن إدارة بايدن، واستراتيجية مساعدة القطاع الأمني الأوسع نطاقاً، لم تبذلا أي محاولات جادة لإعادة التفكير في هذه الاستراتيجية في ضوء هذه الإخفاقات.

ويرى أشبروك أن القسم الخاص بالإرهاب في استراتيجية الأمن القومي يدعو الولايات المتحدة إلى «زيادة التعاون» مع «شركاء موثوق بهم» غير معينين. وبالمثل، تنص استراتيجية الدفاع الوطني على أن وزارة الدفاع الأميركية سوف«تعزز التعاون الأمني وبناء القدرات مع الشركاء» لمواجهة «تهديدات رئيسة أخرى» بخلاف روسيا والصين (وهذا يعني الإرهاب).

إضعاف المنظمات الإرهابية

وأكدت استراتيجية الدفاع الوطني بوجه خاص أنه في إفريقيا سوف تواصل وزارة الدفاع جهودها من أجل «بناء قدرات الدول على إضعاف المنظمات الإرهابية». ومن المرجح أن يعني ذلك أن ممارسة تقديم الدعم العسكري للحكومات غير المستقرة باسم محاربة الإرهاب سوف تستمر دون هوادة.

وأوضح أشبروك أن معظم الدول الهشة هي مجتمعات ما بعد الاستعمار، حيث قامت الدول الاستعمارية منذ وقت طويل بالقضاء على القدرة المحلية لهذه الدول، وخلفت مؤسسات انتقائية رديئة وفشلت في نقل أعراف الحكم الديمقراطي إليها. وليس من السهل التخلص من التأثيرات المدمرة منذ قرن أو أكثر، من الإدارة الاستعمارية السيئة. وفي مثل هذه المجتمعات، لا يمكن الثقة بأن تكون الدولة منصفة، وغالباً ما يتسم الحكم بـ«التبعية» أو «السلطوية الجديدة»، حيث يتم اختيار المؤسسات الحاكمة من جانب أحزاب تهتم بمصالحها الذاتية لتوزيع المكاسب المادية، مقابل الحصول على الدعم السياسي.

ويمكن القول إن الهياكل المؤسساتية «البيروقراطية العقلانية» التي يفهمها المستشارون العسكريون الأميركيون ويوصون بها، لا توجد في واقع الأمر، ولا يمكن تحقيقها بواسطة أي برنامج تدريبي أو برنامج مساعدات فنية.

وفي ضوء دلائل النظرية والتاريخ، سيكون من الحكمة أن تتخلى الولايات المتحدة عن بناء قدرات القوات العسكرية للدول الهشة كتركيز استراتيجي رئيس، على مشاركتها في الخارج. ولايزال من غير المرجح أن تحقق استراتيجية المساعدات الأمنية لقطاع الأمن، حتى عندما يصاحبها تركيز على «بناء القدرات المؤسساتية»، أي نجاح في تشكيل قوات عسكرية فعالة، وملتزمة بالقانون في مجتمعات لا يتوقع فيها تطور مؤسسات قوية للدولة في المستقبل القريب.

وفي الحالات النادرة التي تتحول فيها جماعة إرهابية من مصدر إزعاج إقليمي إلى تهديد حقيقي للداخل الأميركي، من المحتمل أن يكون العمل العسكري المباشر من فوق الأفق هو أفضل خيار.

وأكد أشبروك في ختام تقريره أن المؤسسات العسكرية في الدول الهشة ضعيفة، للأسباب نفسها التي تجعل من جميع المؤسسات في هذه الدول كذلك. وتقديم المساعدات الأمنية الأميركية لقطاع الأمن فقط - حتى مع الاهتمام بالديناميكيات السياسية والثقافية المحلية - لا يفعل شيئاً لحسم التحدي لهشاشة الدولة الواضحة للغاية. وعندما تكون المؤسسات ضعيفة ويكون الحكم سيئاً، يتعين على الولايات المتحدة تجنب إغراء السعي لإحياء قوات عسكرية قادرة، ليس من المرجح إمكانية تحقيقها في الوقت الراهن.

• مخاطر توفير المعدات، والتدريب، والمساعدات الفنية، والدعم المحلي لدول لا تمتلك مؤسسات عسكرية تعمل بشكل صحيح، كانت واضحة للغاية بشكل مؤلم على مدار السنوات الأخيرة.

تويتر