المرصد

«الصورة أكثر تضليلاً من الكتب»

ازدحمت تقارير «منظمات تدقيق الحقائق» برصد حصاد أكاذيب عام 2022 الإعلامية، لكن الصورة المزيفة يتكشف كل يوم أنها الخطر الأصعب في معركة مواجهة الأخبار المفبركة، وأنها محاكاة لبيت الشعر الشهير: أكثر تضليلاً من الكتب.

في مصر الأسبوع الماضي تابعت وكالة الأنباء الفرنسية، عبر خدمتها «في ميزان برس»، قصة صورة لواجهة دار نشر ثقافية عريقة هي «دار المعارف»، ظهر في جانب منها «أدوات للبيع»، قال التعليق «المزيف» الذي صحب الصورة إنها «أدوات كهربائية منزلية».

أثارت الصورة ضجة واسعة، وانهمرت تحتها عشرات الآلاف من التعليقات التي «تنعى موت الثقافة التي زحف عليها البزنس»، و«تترحم على زمن الفكر» بحسب كاتبيها المخدوعين، ما اضطر الدار إلى أن تصدر بياناً تفصيلياً تنفي أن تكون هذه الأدوات «أجهزة كهربائية منزلية»، وأنها «أدوات كتابية ووسائل تعليمية»، وأن تكون الدار تحولت إلى «معرض»، بحسب تعليقات ومبالغات المتابعين، وكان القراء على أية حال على حق في تخوفهم، نظراً لتاريخ «دار المعارف» الذي يعود إلى عام 1890، وارتبط اسمها بالحياة الفكرية والثقافية، كما ارتبطت بإصدارات لمفكرين مثل طه حسين، وتوفيق الحكيم، والمازني، وعائشة عبدالرحمن.

على شاكلة هذا الخبرالمفبرك، رصدت «الفرنسية» في الساعات الأخيرة من عام 2022 فقط حالات عدة للتزييف بالصورة، مثل الصور الأربع التي نسبت إلى اللاعب الموهوب الراحل بيليه، وقيل إنها الصور الأخيرة في حياته، وصور تساقط برد في الكويت قيل إنه نزل في 29 ديسمبر 2022، بينما هي في الواقع صورة لبرد سقط في المملكة العربية السعودية عام 2020، وصورة قيل إنها لجبل في اليابان التقطت في ديسمبر 2022 بينما هي في الواقع صورة ولاية آريزونا الأميركية، ونشرت في 2020، وصورة شهيرة قيل إنها لـ«الأمواج الأعلى في العالم»، اتضح أنها صورة لعمل فني منشور عام 2020 على موقع «نزار مورننغ» يعبر عن مزج 12 صورة التقطت من منطقة نازاري في البرتغال، وصورة قيل إنها لمنزل يمتلكه اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي في برشلونه كلفته تفوق سبعة ملايين دولار، ثم اتضح أنها صورة لمشروع بحثي يديره مهندس يدعى لويس دي غاريددو في إسبانيا، وصورة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو يحتفي بتسجيل هدف لبلاده في مونديال قطر 2022، ثم يتضح أنها فعلاً صورة لماكرون ولكن في مونديال روسيا 2018.

ورغم أن التلاعب بالصورة ليس جديداً، حيث عرفه الإعلام أيضاً، فإن انتشار الثقافة الإلكترونية وإتاحة التقنيات الحديثة جعلاه خطراً داهماً ومتزايداً، لن تتم مواجهته شبه الناجحة بحسب الخبراء إلا بمساعدة وتدريب عين القارئ ذاته، وليس عبر الإعلامي وحده.

• الصورة المزيفة يتكشف كل يوم أنها الخطر الأصعب في معركة مواجهة الأخبار المفبركة.

تويتر