إسرائيل تفرض بحقهم عقاباً جماعياً بحصار ممتد منذ نهاية سبتمبر

«بلدة عزون».. حياة 12 ألف فلسطيني تحكمها 5 بوابات عسكرية

صورة

500 متر هي المسافة التي يقطعها المزارع الفلسطيني محمود صالح، من سكان بلدة «عزون»، شرق محافظة قلقيلية شمال الضفة الغربية، وصولاً إلى أرضه البالغة مساحتها 90 دونماً، والمزروعة بمئات أشجار الزيتون، ولكن نتيجة إغلاق قوات الاحتلال مداخل البلدة كافة بالبوابات الحديدية والحواجز العسكرية، أصبحت هذه المهمة مستحيلة بالنسبة له ولجميع المزارعين.

فالاحتلال يفرض حصاراً شاملاً على «عزون» الواقعة على الشارع العام الواصل بين محافظتي قلقيلية ونابلس، ابتداء من يوم 24 من شهر سبتمبر الماضي، تزامناً مع انطلاق موسم الزيتون في الأراضي الفلسطينية، ومنذ ذلك الوقت يحاول صالح تغيير وجهته من مدخل البلدة الشمالي الرئيس إلى طرق ترابية وعرة، وسلوك شوارع ملتوية، والمرور عبر القرى المجاورة مشياً على الأقدام مسافة تبلغ 15 كيلومتراً، إلا أنه لم يتمكن من الوصول إلى أرضه، والاستفادة من ثمار الزيتون التي أفنى عاماً كاملاً في الاعتناء بها.

ما يواجهه المزارع الفلسطيني صالح من استحالة الولوج إلى أرضه، نتيجة انتشار القوات الإسرائيلية وحواجزها العسكرية، حتى داخل الطرق الترابية والفرعية، يتجرع مرارته على مدار الوقت 12 ألف فلسطيني يقطنون «عزون»، التي تحولت إلى سجن معزول عن محيطها الفلسطيني بشكل كامل، إذ تحيطها خمس بوابات حديدية، وأربعة أبراج مراقبة، وحواجز عسكرية، إلى جانب خمس مستوطنات تحاصرها من جميع الاتجاهات.

عقاب جماعي

يعمد الاحتلال إلى إغلاق مداخل البلدة من دون أسباب معلنة، وبالذات المدخل الشمالي، الذي تغلقه القوات بالبوابات الحديدية والحواجز العسكرية، لمحاصرة حياة المواطنين، ومنع وصولهم إلى القرى المجاورة، فيما يراقب الجنود حركة تنقل السكان من خلال الأبراج العسكرية المحيطة، ضمن سياسة العقاب الجماعي العام ضد سكان «عزون» كافة، وذلك بحسب رئيس بلدية «عزون»، أحمد عنايا.

ويقول عنايا لـ«الإمارات اليوم»، في حوار خاص: «إن المزارعين يُمنعون من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، ويُطردون منها، كما يُمنعون من رعايتها واستصلاحها، من قبل القوات المنتشرة على البوابات والحواجز العسكرية، إلى جانب اعتداء المستوطنين عليهم، ما يتسبب في معاناة كبيرة لأصحاب الأراضي الزراعية».

ويضيف «إن أبرز أهداف هذا الحصار تدمير الاقتصاد المحلي في البلدة، التي تعتمد الغالبية العظمى من سكانها في مصدر رزقهم على زراعة الزيتون، وذلك من خلال منع المزارعين من قطف ثمار أشجارهم وعصرها في المعاصر وتوريد منتجاتهم إلى الأسواق، لاسيما أن السكان يشترون في مثل هذه الأوقات الزيتون وزيته كمخزون يكفيهم طوال السنة».

ويوضح عنايا أن الحصار الإسرائيلي لا يطال مداخل البلدة فقط، فالشوارع الفرعية والطرق الترابية التي يسلكها المزارعون في موسم قطف الزيتون، ويلج إليها الطلبة والعمال مشياً على الأقدام، تغلقها القوات الإسرائيلية أيضاً بالسواتر الترابية والحواجز الحديدية.

ويشير إلى أن المرضى يدفعون ثمناً غالياً نتيجة هذا الحصار، إذ يواجهون صعوبات بالغة بالتنقل عبر مداخل «عزون» المغلقة، إلى المستشفيات الحكومية في قلقيلية ومدن الضفة، وكذلك العمال والطلبة الذين يواجهون معاناة كبيرة في الوصول إلى الجامعات، وأماكن العمل، خارج حدود البلدة المحاصرة.

وتزامناً مع فرض الحصار ضد «عزون»، أصدرت سلطات الاحتلال 15 أمر هدم ووقف بناء لسكان البلدة، تمهيداً لإزالتها، وتهجير أصحابها الأصليين قسراً، وذلك بحجة البناء غير المرخص، ووقوع المنازل في مناطق «ج» وفقاً لتصنيف اتفاقية أوسلو.

وفي سياق متصل، يبين رئيس بلدية «عزون» أن مساحة البلدة الإجمالية 27 ألف دونم، فيما يقام مخططها الهيكلي على 3000 دونم فقط، وتلتهم المستوطنات وحدود تنظيمها الهيكلي الجزء الأكبر، فالاحتلال يقيم مستوطنتي «معاليه شمرون» و«ألفيه منشية» داخل «عزون»، بجوار منازل وممتلكات المواطنين، فيما تلتهم مستوطنات «كرني شمرون» و«جينات شمرون» و«تسوفيم» مساحات شاسعة من أراضيها.

مأساة إنسانية حقيقية

ويؤكد مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، في تصريحاته لـ«الإمارات اليوم» أن «عزون» تتعرض لمأساة إنسانية حقيقية طالت مناحي الحياة كافة، والجوانب الاجتماعية والاقتصادية، إذ تمنع سلطات الاحتلال الشاحنات والسيارات من الدخول إليها، فيما يواجه السكان صعوبة كبيرة في إدخال احتياجاتهم الأساسية، بسبب الحواجز الإسرائيلية المفروضة على مداخل البلدة.

ويقول دغلس: «إن المدخل الشرقي لبلدة (عزون)، الذي كان بمثابة بوابتها الرئيسة، يغلقه الاحتلال بشكل كامل منذ (22) عاماً، بواسطة بوابات عسكرية ضخمة، فيما تغلق البوابات الحديدية الإسرائيلية الجهة الغربية للبلدة، أما مدخلها الجنوبي، والمستخدم من قبل القرى المجاورة، فيصعب الوصول إليه، وبالانتقال إلى مدخل (عزون) الشمالي تتجسد معاناة السكان الحقيقية، كونه يطل مباشرة على الطريق العام الذي يربط قلقيلية بمحافظات نابلس وسلفيت وطولكرم».

ويضيف «إن بلدة (عزون) تتعرض لمضايقات وعمليات دهم مستمرة من الجيش الإسرائيلي، في ظل فرض الحصار، خصوصاً في ساعات متأخرة من الليل، فضلاً عن إصابة العديد من المواطنين بنيران الجنود».

• «عزون» تحولت إلى سجن معزول عن محيطها الفلسطيني بشكل كامل، إذ تحيطها خمس بوابات حديدية، وأربعة أبراج مراقبة، وحواجز عسكرية، إلى جانب خمس مستوطنات تحاصرها من جميع الاتجاهات.

تويتر