مع اقتراب الشتاء وتفاقم أزمة الطاقة

غابات سلوفاكيا مهددة بالانحسار بسبب القطع الجائر

صورة

مع اقتراب فصل الشتاء، وتضاؤل إمدادات الغاز من روسيا، يلجأ السلوفاكيون الذين يبحثون عن طرق بديلة لتدفئة منازلهم إلى قطع الغابات، ويخشى البعض أن يؤثر ذلك على غابات البلاد، ولكن قد تبدو سلوفاكيا مثل القزم بين الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، التي تعاني شحاً في الطاقة، وهي في الواقع واحدة في مفترق طرق إمدادات الغاز الرئيسة في أوروبا، حيث يتدفق إليها الغاز الروسي من شركة غازبروم عبر خط أنابيب «برازرهود» إلى جمهورية التشيك وألمانيا، كما تصدر البلاد الغاز عبر خطوط الأنابيب المؤدية إلى النمسا وإيطاليا.

أهمية الموقع

وربما بسبب موقعها الاستراتيجي في أوروبا، أصبحت سلوفاكيا واحدة من دول الاتحاد الأوروبي الأكثر اعتماداً على الغاز الروسي والوقود الأحفوري. وتستورد سلوفاكيا 85% من غازها الطبيعي من روسيا، بينما تستورد ألمانيا 65% من غازها من روسيا، فلا عجب إذاً أن يشعر شعب سلوفاكيا بقلق عميق إزاء أزمة الطاقة التي تلوح في الأفق، وانخفاض إمدادات الغاز من روسيا.

ومع اقتراب فصل الشتاء، يلجأ كثيرون الآن إلى الحطب، حيث تضاعف الطلب عليه تقريباً. ووفقاً لوزارة الزراعة السلوفاكية، تضاعف الطلب على الحطب تقريباً في سبتمبر، مقارنة بالعام الماضي. وسلوفاكيا ليست وحدها في هذا الصدد، ففي الآونة الأخيرة، حذّر موقع بولتيكو على الإنترنت، من أن الغابات الأوروبية تواجه «شتاءً مظلماً للغاية»، حيث تخشى العديد من المنظمات غير الحكومية والعلماء من أن يؤدي ارتفاع الطلب على الحطب إلى زيادة قطع الأشجار غير القانوني.

تجاوزات

في عام 2017، تم تسجيل تجاوزات لقطع الأشجار في أكثر من نصف أراضي البلاد. واتخذت سلوفاكيا الآن خطوات لضمان صيانة أفضل للغابات، وأهمها «قانون الحدائق الوطنية» الجديد، حيث دخل هذا التشريع الجديد حيز التنفيذ في أبريل، وسيحد من قطع الأشجار في الحدائق إلى أدنى مستوى. ولاحظت مفوضية الاتحاد الأوروبي أخيراً أن مناطق الغابات في سلوفاكيا آخذة في النمو، حيث تغطي الغابات الآن 41% من البلاد. وتعهدت وزارة الزراعة السلوفاكية بحماية الغابات، ومراقبة أي محاولات لقطع الأشجار بشكل غير قانوني.

ومع وجود نظام جديد، يمكن للسلطات أن تتبع مكان نقل الأخشاب من سلوفاكيا، كما تضافرت جهود الشرطة السلوفاكية وسلطات تفتيش الغابات والأخشاب، لإجراء عمليات تفتيش أكثر شمولاً للشاحنات التي تحمل الأخشاب. ومع ذلك، أبلغت وسائل الإعلام المحلية عن زيادة طفيفة في السرقات. وتقول شرطة البيئة إن بعض الحالات قد تكون مرتبطة بشكل مباشر بموظفي الشركة المملوكة للدولة (شركة الغابات السلوفاكية)، التي تدار من قبل وزارة الزراعة.

في الماضي، نفت الوزارة هذه المزاعم بشدة. وتقول الوزارة إنها أجرت تغييرات كبيرة على إدارة الشركة، لضمان الشفافية. ومع ذلك، فإن العديد من الخبراء، بمن فيهم وزير الزراعة السابق جان ميكوفسكي، مازالوا متشككين. وتقاعد ميكوفسكي من منصبه ومن الحزب الحاكم الرئيسي «أولانو» في عام 2021، معرباً عن مخاوفه بشأن الشفافية في الوزارة.

ربما يكون من المدهش إلى حد ما أن يتفق علماء البيئة وخبراء الزراعة في سلوفاكيا على أن ارتفاع الطلب على حطب الوقود قد لا يشكل في الواقع مثل هذا التهديد الكبير على غابات البلاد. ويقول عالم البيئة إريك بالاز إنه طالما يتم الالتزام بالقانون، فإن العواقب ستكون طفيفة.

وقال بالاز: «لكن قد تنشأ مشكلات في تلك المناطق التي توجد بها غابات غير رسمية، مثل الأراضي الصالحة للزراعة، أو الأراضي المملوكة ملكية خاصة»، ويسترسل «هذه ليست مشمولة بالقانون، حيث تدار العديد من الغابات أيضاً على المستوى الإقليمي، ويعتمد ذلك على كيفية تعامل رؤساء البلديات مع هذه القضية».

ويوافق عضو البرلمان السلوفاكي، مارتن هوجسيك، من حزب «تجديد أوروبا»، على أن الأسر ليست هي التي تشكل تهديداً لغابات سلوفاكيا. وقال «إن تأثير استخدام الحطب في منزلك ليس بالقدر الكبير الذي يتم استخدامه في محطات الطاقة أو محطات التدفئة»، ويضيف «لايزال العديد من محطات التدفئة يستخدم الخشب ويحصل على إعانات من الاتحاد الأوروبي، هذه هي القضية الحقيقية، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يوجه أمواله إلى مكان آخر.»

توجيه

وتنظّم وزارة الزراعة السلوفاكية كمية الحطب التي يمكن أن تستخدمها الأسر من الغابة. ويهدف الحد الأقصى، البالغ 12 متراً مكعباً، إلى ضمان وجود ما يكفي للجميع. وتقول الوزارة إن الطلب آخذ في الانخفاض الآن، وأن معظم الأسر قد جمعت بالفعل ما يكفي من الحطب لنفسها.

ويشير خبير الطاقة، جوزيف باديدا، إلى أن هناك بدائل أكثر مراعاة للبيئة، ويقول «إذا أرادت الأسرة التفكير في نوع بديل للتدفئة، على سبيل المثال من خلال مضخة حرارية، فعليها أولاً الاستثمار في تجديد المنزل»، ويضيف «يهدف برنامج جدد منزلك، الذي تم إطلاقه أخيراً، إلى المساعدة في تقليل تكاليف التدفئة، وهناك خيار آخر مثير للاهتمام، وهو تركيب الألواح الشمسية لتسخين المياه، والتي يمكن بدورها دعمها من خلال برنامج المنازل الخضراء، بتمويل من الاتحاد الأوروبي».

تتخلف سلوفاكيا عن العديد من الدول الأوروبية، من حيث استخدامها للطاقة المتجددة. وتستهدف الدولة حالياً إنتاج 19% من طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2030. ويعتقد رئيس جمعية الصناعات الكهروضوئية السلوفاكية، يان كارابا، أن هذا الهدف يجب أن يكون أكثر طموحاً. وقال في تصريح حديث لوسائل الإعلام السلوفاكية «في خطتها الجديدة، ينبغي أن تسعى سلوفاكيا لإنتاج 32% من احتياجاتها من الطاقة من المصادر المتجددة، وأن هذا الهدف لايزال قابلاً للتحقيق». وتتمتع سلوفاكيا بإمكانات هائلة في هذا المجال، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح.

حتى مفوضية الاتحاد الأوروبي انتقدت أهداف سلوفاكيا المتواضعة. وفي أحدث تقرير لها عن العمل المناخي في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، اعتباراً من أكتوبر 2021، ذكرت المفوضية أن «أهداف سلوفاكيا لعام 2030 لاستهلاك الطاقة الأولية والنهائية تظهر طموحاً منخفضاً».

تتخلف سلوفاكيا عن العديد من الدول الأوروبية من حيث استخدامها للطاقة المتجددة، وتستهدف الدولة حالياً إنتاج 19% من طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2030.

الغابات الأوروبية تواجه «شتاءً مظلماً للغاية»، حيث تخشى العديد من المنظمات غير الحكومية والعلماء من أن يؤدي ارتفاع الطلب على الحطب إلى زيادة قطع الأشجار غير القانوني.

تويتر