بعد أن كانوا الأطول عمراً بين البشر

سكان أوكيناوا اليابانية يموتون مبكراً بسبب تجاهلهم أساليب الحياة القديمة

صورة

على مدى أجيال، ظل سكان جزيرة أوكيناوا في اليابان من بين البشر الأطول عمراً على هذا الكوكب، وظل الخبراء الطبيون وعلماء الشيخوخة يتوافدون إلى هذه الجزر شبه الاستوائية قبالة جنوب اليابان بحثاً عن سر طول عمر السكان المحليين، واستنتج معظمهم أن ذلك يعود إلى مزيج من نظام غذائي، وممارسة الرياضة بانتظام، والدعم الذي تتلقاه الأسرة والمجتمع الأوسع.

إلا أن ذلك تغير اليوم تماماً، فبينما يعيش جميع سكان اليابان تقريباً عمراً أطول من أي وقت مضى، بدأ سكان أوكيناوا يموتون في وقت مبكر. ويلقي كثير من العلماء اللوم على الأجيال الشابة التي تدير ظهرها لطريقة ممارسة الحياة القديمة في هذه الجزيرة. في عام 1980 كان لدى أوكيناوا أعلى متوسط عمر متوقع لكل من الرجال والنساء، حيث كان من المتوقع عموماً أن يصل الرجال إلى 84 عاماً على الأقل، بينما تستمر النساء حتى سن الـ90.

إلا أن هذا السجل الذي يحسد عليه سكان أوكيناوا بدأ في التراجع. وبحلول عام 1990 كان متوسط العمر المتوقع للرجال في أوكيناوا خامس أعلى فقط من بين 47 محافظة في اليابان، وبحلول عام 2020 انخفض إلى المركز 36 على القائمة. وتصدرت نساء أوكيناوا قائمة المحافظات حتى عام 2005، لكنهن هبطن إلى المركز السابع في عام 2020. وفي تعداد 2020 الذي أجرته وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية، كان متوسط عمر الرجال في أوكيناوا 80.27 عاماً، والنساء 87.44 عاماً.

ماكوتو سوزوكي لديه اهتمام وثيق بالموضوع، يبلغ من العمر 89 عاماً، وكان يدرس الأسباب الكامنة وراء طول عمر زملائه من سكان الجزيرة طوال حياته. ويقول سوزوكي، الذي لايزال يعمل بدوام جزئي كطبيب قلب سريري، ومؤسس مشارك بمركز أوكيناوا لأبحاث علوم طول العمر، إن «السبب وراء تراجع معدل طول العمر يعود لتأثر سكان أوكيناوا بخيارات الطعام ونمط الحياة في المجتمعات الأخرى، لاسيما تلك الموجودة في الولايات المتحدة».

فمنذ استسلام اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945، أصبحت أوكيناوا موطناً لعدد كبير من القواعد العسكرية الأميركية، وعشرات الآلاف من القوات الاميركية. وقال إن ثقافة الوجبات السريعة والجلوس أمام التلفاز بدلاً من التمارين البدنية، قد أثرت على السكان المحليين، ويمكن الآن رؤية النتائج.

ويضيف «عادة كان النظام الغذائي في أوكيناوا يتضمن الكثير من الخضراوات والفواكه المحلية، وأطباق مثل التوفو والأسماك واللحوم، وإن كانت صغيرة الحجم»، ويقول «عندما كنت صبياً كنا نتناول اللحوم مرة واحدة في الأسبوع تقريباً، وهذه عادة تمسكت بها حتى يومنا هذا»، مضيفاً «عندما كنت أصغر سناً، كنت أزاول كثيراً المشي والتسلق والرماية، لكنني لا أفعل الكثير الآن في الغالب، لأنه لم يعد لدي الوقت لهذه الهوايات».

وتوافقه الرأي الأستاذة المشاركة في كلية الطب بجامعة ريوكيوس، توموكو أوان، في أن التأثيرات الخارجية كان لها تأثير سلبي على رفاهية سكان الجزيرة. وتقول إن تغير الطعام عنصر مهم في معدل العمر، لكن هناك عناصر أخرى. وتضيف «كانت الأسرة والمجتمع مهمين على الجزيرة للغاية، وفي الماضي لم يكن لدى الناس سوى القليل من التوتر».

الكاراتيه

ويرتبط الكاراتيه ارتباطاً وثيقاً بأوكيناوا، وحتى يومنا هذا يمارس العديد من كبار السن في أوكيناوا فنون الدفاع عن النفس. أوان نفسها تدرس الكاراتيه في جامعتها وتقول إنه جزء لا غنى عنه من روتين تمارينها اليومية، وتؤكد أنه تدريب للجسد والعقل والروح.

ومع ذلك، يبدو أن الأجيال الشابة في أوكيناوا راضية عن أسلوب حياتها الحالي، حتى لو كان ذلك يعني أنهم من غير المرجح أن يعيشوا مثل أجدادهم. ويقول المسؤول بوكالة السياحة بأوكيناوا والبالغ من العمر 39 عاماً، شوهي كوهاغورا، معترفاً بأنه يقضي الكثير من ساعات العمل الإضافية في مكتبه كل أسبوع «هذا هو أسلوب الحياة الياباني الحديث»، ويتناول وجبة خفيفة من متجر محلي صغير، وهذا هو كل غدائه، ويخرج بعد العمل مع الزملاء للجلوس على المقاهي.

ويقول «لقد نشأت مع طريقة العيش هذه، لذا فهي مريحة لي الآن، على الرغم من أنني أشتكي من أنني مشغول للغاية في كثير من الأحيان، وقد تبدو طريقة الحياة التقليدية هنا جذابة، لكنني أعتقد أنه سيكون من الصعب جداً بالنسبة لي التكيف معها لأنها تختلف تماماً عن كل شيء اعتدت عليه».

• الأجيال الشابة في أوكيناوا راضية عن أسلوب حياتها الحالي حتى لو كان ذلك يعني أنها من غير المرجح أن تعيش مثل أجدادها.

• ثقافة الوجبات السريعة والجلوس أمام التلفاز بدلاً من التمارين البدنية أثرت على السكان المحليين، ويمكن الآن رؤية النتائج.

تويتر