بالنظر إلى فشلها في حكم نفسها

الأنظمة الديمقراطية تتجه إلى الانحدار

صورة

عندما يريد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الاستراحة لبعض الوقت، يشاهد التلفزيون الأميركي أو البريطاني. حتى وإن كانت اللغة الإنجليزية ليست ملوّنة بما يكفي، لتعكس الحالة السيئة التي وصلت إليها الديمقراطية في الدول التي كانت مثالاً عظيماً للديمقراطية. وربما أن بوتين يتفق مع أول رئيس للاتحاد السوفييتي، فلاديمير لينين، الذي قال إن «الغرب إذا حصل على ما يكفي من الحبال، فإنه سيشنق نفسه». وفي هذه الأيام يبدو أن هذه الحبال هي الديمقراطية.

وقد أصبح لدى المملكة المتحدة ثالث رئيس حكومة في غضون بضعة أشهر. وعلى الرغم من انتهاك رئيس الحكومة السابق، بوريس جونسون، للقانون وإلقاء الكثير من الأكاذيب، خلال فترة جائحة «كورونا»، إضافة إلى تصرفات أخرى مخزية قام بها، لم يتمكن جونسون من أن يصبح مثل رئيس الحكومة السابق ونستون تشرشل، الذي نهض من الموت السياسي، وحصل على فترة ثانية في رئاسة الحكومة. وأصبحت الدولة في حالة فوضى سياسية، وكذلك حزب المحافظين في حالة فوضى كاملة. ومن الصعب على المرء أن يتذكر وقتاً كانت فيه بريطانيا في وضع بعيد جداً عن كونها «عظيمة» كما هي الآن.

الانتخابات النصفية

ويمكن قول الأمر ذاته عن كلمات مثل «متحدة» و«الولايات». وأصبحت الظروف في الولايات المتحدة سيئة تماماً، كما هي الحال في المملكة المتحدة، وربما أكثر سوءاً منها. وعلى الأرجح أن تؤدي الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة - المزمع عقدها الشهر المقبل - إلى مزيد من الإرباك بدلاً من أن توضح كيف يتم حكم هذه الدولة. وفي الواقع أنه من الممكن أن يتطلب سباق الكونغرس في ولاية جورجيا إعادة مرة أخرى، فيمكن أن يتم ذلك في شهر ديسمبر المقبل، حتى تتم السيطرة على الكونغرس. وفي ولاية أوتاوا، إذا تمكّن المرشح المستقل إيفان ماكمولين من التغلب على العضو الجمهوري الموجود الآن في الكونغرس ماك لي، وأصبح توازن الكونغرس 50 مقابل 49 جمهورياً، فسيكون ماكمولين ثاني أقوى رجل في واشنطن.

ومن الصعب تذكر أي شهر نوفمبر آخر، تم فيه تقدم الكثير من المرشحين غير العاديين، حيث إن العديد منهم بلا مؤهلات واضحة لدخول الكونغرس، أكثر من كونه سيقدم صوتاً إلى حزبه، أو حزبها في الكونغرس. وكان المرشح هيرشل واكر، لاعب كرة بارع وعظيم. ولكنه لا يملك أي إثبات على أنه سيصبح عضو كونغرس جيداً، ومع ذلك فعلى الأرجح أن ينجح في هذه الانتخابات.

محاكاة ساخرة للسياسة

ويبدو سباق الكونغرس بولاية بنسلفانيا شبيهاً بمسلسل «ساترداي نايت لايف»، وهي محاكاة ساخرة للسياسة، أكثر منها انتخابات يمكن أن تؤدي إلى السيطرة على الكونغرس. وأصيب الديمقراطي، جون فيترمان، وهو نائب الحاكم، بسكتة دماغية ولايزال يتعافى. ولكن وضعه الصحي غير مطمئن.

والدكتور محمد عوز هو شخصية تلفزيونية معروفة جداً، ولكنه انتقل إلى بنسلفانيا قبل فترة وجيزة، ولا يملك مهارات سياسية واضحة أو تجربة عميقة في السياسة. وكانت أجزاء من حملته الانتخابية «تبدو غريبة بعض الشيء»، وهو تعبير مثالي لتوصيف انتخابات 2022 على كل المستويات.

ولكن بغض النظر عما ستؤول إليه نتائج الانتخابات الوطنية، وحتى إذا تمكن الديمقراطيون من السيطرة على الكونغرس، وكذلك على مجلس النواب، فإن عامي 2023 و2024 لم يكونا بأفضل من عام 2022. وإذا سيطر الجمهوريون على مجلس النواب، فهذه لن تكون أخباراً طيبة للدولة أيضاً. ولننظر إلى هذه السيناريوهات المحتملة.

في قفص الاتهام

وبالنظر إلى أن الرئيس السابق، دونالد ترامب، وابن الرئيس الحالي، هانتر بايدن، يواجهان اتهامات محتملة، فهل سيقوم مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون بإقالة الرئيس بايدن بدافع الانتقام؟ بالطبع فإن مشهد الرئيس السابق والرئيس الحالي وكذلك ابنه في قفص الاتهام، سيطغى على مشهد، ليز تراس، التي بقيت في الحكم 45 يوماً، وحتى عودة جونسون إلى رئاسة الحكومة. ويستطيع أن يتخيل المرء أن هذا المشهد ستتم مشاهدته في العديد من العواصم، مثل بكين وبروكسل، وكييف، وموسكو، وطهران. ويشعر الديمقراطيون بالقلق من أن مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، يمكن أن يهدد بإغلاق الحكومة، لفرض تشريع يعارضه الديمقراطيون.

وسواء أراد الديمقراطيون مواصلة تقديم المزيد من الدعم والمساعدات لأوكرانيا، أم لا، يبقى السؤال مفتوحاً أيضاً. ويجادل «مجمع الحرية» بأن «أميركا أولاً» يعني تحديد الأولوية للقضايا المحلية. ويبدو أن الجمهوري الذي سيصبح رئيساً محتملاً لمجلس النواب، كيفن مكارتني، يوافق على ذلك.

تزايد النقاط المتفجرة في العالم

ولكن ما هو الخطأ الآخر الذي يمكن أن يحدث؟ من المعروف أن الشتاء يجلب معه موسم أمراض الإنفلونزا. ولطالما تم التحدث عن تنوّعات مُعدية لوباء «كورونا». ويبدو أن فيروس الأمراض التنفسية الذي ينتشر على نحو كبير، ويصيب الصغار والكبار، قد انتشر فعلاً على نطاق واسع وقياسي. وربما لن تتم السيطرة على التضخم. وتكاليف وقود السيارات والطاقة الأخرى سترتفع على نحو كبير.

وفي الوقت الذي ينحسر فيه القتال في أوكرانيا بسبب الطقس، يتزايد عدد النقاط المتفجرة العالمية والساخنة في العديد من الأماكن. وعن طريق منع الصين من الوصول إلى الرقائق الإلكترونية تكون إدارة بايدن قد شنت حرباً اقتصادية غير معلنة على بكين. وبالطبع فإن بكين لن تقف مكتوفة الأيدي وسترد على الموقف الأميركي وبقوة، ربما عن طريق زيادة الضغط على تايوان، وهي أكبر مصدر لإنتاج أشباه الموصلات في العالم.

وقال الرئيس بايدن يوماً إن «الصراع الأكبر في عصرنا هو بين الأنظمة الديمقراطية والأنظمة الأخرى». ولكن استناداً إلى الأحداث الجارية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، من الواضح أنه خاطئ في ذلك. فإن الصراع الأكثر احتمالاً هو ما إذا كانت الأنظمة الديمقراطية قادرة على التحلي بالمؤهلات اللازمة كي تتمكن من حكم نفسها.

• أصبحت الظروف في الولايات المتحدة سيئة تماماً، كما هي الحال في المملكة المتحدة، وربما أكثر سوءاً منها. وعلى الأرجح أن تؤدي الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة - المزمع عقدها الشهر المقبل - إلى مزيد من الإرباك بدلاً من أن توضح كيف يتم حكم هذه الدولة.

• بغض النظر عما ستؤول إليه نتائج الانتخابات الوطنية، وحتى إذا تمكن الديمقراطيون من السيطرة على الكونغرس، وكذلك على مجلس النواب، فإن عامي 2023 و2024 لم يكونا بأفضل من عام 2022.

• عن طريق منع الصين من الوصول إلى الرقائق الإلكترونية تكون إدارة بايدن قد شنت حرباً اقتصادية غير معلنة على بكين. وبالطبع فإن بكين لن تقف مكتوفة الأيدي.

هارلان أولمان ■ كاتب رأي

تويتر