توقعات بتفاقمها في 2023

أزمة الغذاء العالمية في بداياتها.. والنساء أكثر المتضرّرين

صورة

حتى سنوات ماضية، التزم قادة العالم بهدف طموح للغاية، وهو القضاء على الجوع بحلول عام 2030. وهذا الهدف أصبح الآن بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى. وتقدّر الأمم المتحدة أن عدد الأشخاص في «حالات طوارئ الجوع» - على بعد خطوة واحدة فقط من المجاعة - قفز من 135 مليوناً في عام 2019 إلى 345 مليوناً، حالياً.

وخلال الأسبوع الماضي، حذر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، من أن المجاعة «على الأبواب» في الصومال. وفي منطقة القرن الإفريقي، التي دمّرها الجفاف، هناك 22 مليون شخص معرّضون لخطر المجاعة. وما يقرب من ثلث باكستان تحت الماء، ونفق الكثير من ماشيتها. وفي جنوب الصين، يؤدي الجفاف وموجة الحر إلى تعريض المحاصيل للخطر. وجاء ذلك في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، الذي أثر في الإمدادات من اثنين من المصدرين الرئيسين، وأدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والأسمدة.

الحرب لم تخلق أزمة

وفي غضون ذلك، أشار كبير الاقتصاديين في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، عارف حسين، إلى أن الحرب نفسها لم تخلق أزمة، بل «وضعت الكثير من الوقود على نار مشتعلة بالفعل». وكان للنزاعات المتعددة والصدمات المناخية تأثير بالفعل عندما ضرب الوباء. وعلى الرغم من أن آثارها على إنتاج الغذاء لم تكن شديدة، كما كان يخشى الكثيرون، فإنها استنزفت الاحتياطات ولم يتعافَ الكثير منها. ويبدو من المرجح بشدة أن يكون عام 2023 أسوأ. وكان ثلثا المتضررين من الجوع، العام الماضي، من النساء، مع تضاعف فجوة الأمن الغذائي بين النساء والرجال، بواقع ثماني مرات، منذ عام 2018.

تحمّل التكاليف

وتشدد الأمم المتحدة على أن القضية في الوقت الجاري لا تتعلق بالعرض، بل تتعلق بالوصول والقدرة على تحمّل التكاليف. وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت الأسعار بنحو 20% على أساس سنوي (بينما يبلغ تضخم أسعار المواد الغذائية 33% في إيران، و122% في لبنان). ولكن الإنتاج هو مصدر قلق متزايد. وارتفعت أسعار الأسمدة بنسبة تصل إلى 300%، في بعض البلدان في إفريقيا، بينما تعرقل الحروب والطقس القاسي زراعة محاصيل العام المقبل.

وتكشف الأزمة عن النظام الغذائي المعطل الذي يكمن وراءها، والذي يعاني فيه المستهلكون، وغالباً المنتجون، بينما يحقق الآخرون أرباحاً ضخمة. ويتركز تداول الحبوب في أيدي أربع شركات، فقط، تحقق أرباحاً قياسية من المواد الغذائية الأساسية التي يحتاج إليها العالم بإلحاح. وتم إلقاء اللوم على المضاربة والتربح في التسبب في الاحتجاجات، مثل تلك التي حدثت في العالم العربي، خلال أزمة الغذاء الماضية، والخوف هو أن المضاربة والتربح لايزالان سائدين مرة أخرى.

إن استئناف صادرات الحبوب الأوكرانية، على الرغم من الحاجة الماسة إليه، لا يمكن أن يصلح هذا حتى لو استمر. وقد يساعد الحصاد الجيد، إذا كانت المناطق الرئيسة المنتجة للغذاء أكثر حظاً مع الطقس العام المقبل. ويمكن استخدام ضريبة على الشركات، التي استفادت بشكل كبير من الوباء، للمساعدة في إطعام الناس الآن وإنشاء نظام غذائي مستدام، كما اقترحت منظمة «أوكسفام».

الحد من الانبعاثات

وسيتطلب أي حل طويل الأجل الحد من انبعاثات الكربون، وتكييف المحاصيل مع استمرار أزمة المناخ، وتقليل الاعتماد على الأسمدة الكيماوية؛ وتحدي هيمنة عدد صغير من اللاعبين في أسواق الغذاء. وحتى خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة هاجموا القمة الخاصة بالنظم الغذائية، العام الماضي، لفشلها في تضمين أصوات الفئات الأكثر ضعفاً أو إحداث أي تغيير ذي مغزى.

لقد ترك فشل الحكومات في معالجة المشكلات الحقيقية الطريق أمام الشركات لاستغلال الأسعار المرتفعة لتحقيق ربح مفرط، وتلاعبت روسيا بالغذاء من أجل أهداف سياسية؛ وهو تكتيك قد يميل الآخرون إلى اعتماده في المستقبل، وهم على دراية كاملة به؛ والكلفة مميتة.

لقد أصبح تحقيق هدف 2030، الآن، تحدياً أكثر صعوبة من أي وقت مضى. ويجب إيقاف الانزلاق للخلف.


معايير تاريخية

بلدان عربية تأثرت كثيراً بارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسة. أرشيفية

على الرغم من الارتفاع غير العادي في أسعار المواد الغذائية في الآونة الأخيرة، فإن المخزونات العالمية من السلع الأساسية الثلاث - الأرز والقمح والذرة - لاتزال كبيرة بالمعايير التاريخية.

واتخذت مجموعة السبع، أخيراً، خطوة مهمة تمثلت في التعهد بعدم فرض حظر على تصدير المواد الغذائية، واستخدام «جميع الأدوات وآليات التمويل» لتعزيز الأمن الغذائي العالمي. وتضم هذه المجموعة العديد من أكبر مصدري السلع الأساسية، بما فيهم الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي. وينبغي أن ينضم كبار مصدري المواد الغذائية، مثل أستراليا والأرجنتين والبرازيل، إلى هذا الالتزام.

ودعت منظمات دولية إلى أن يكون الحفاظ على استمرار التدفقات العالمية للمواد الغذائية، لاسيما في وقت تزايد الضغوط الاقتصادية والجيوسياسية، كحد أدنى مطلوب من واضعي السياسات، في كل مكان، حتى لا يلحق الضرر بأي طرف. إن توفير المساعدات الغذائية بلا انقطاع يعود بالفائدة على مواطني جميع البلدان. ومن شأنه أيضاً أن يتيح لواضعي السياسات الوطنية فرصة أفضل بكثير للتغلب على جميع الصدمات الأخرى الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.

20 %

نسبة ارتفاع الأسعار على الصعيد العالمي.

345

مليون شخص في «حالة طوارئ الجوع»، حالياً، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة.

ثلثا المتضرّرين من الجوع، العام الماضي، من النساء، مع تضاعف فجوة الأمن الغذائي بين النساء والرجال، بواقع ثماني مرات، منذ عام 2018.

تويتر