مدارس ومطار من بين المشروعات

الصين تسهم بقوة في إعمار البنى التحتية العراقية

صورة

في العراق الغني بالنفط والفقير في البنى التحتية، وجدت الصين لها موطئ قدم. وبالإضافة إلى عمل شركاتها في مجال النفط، تبني بكين مدارس ومطاراً، في مشروعات يحتاج إليها هذا البلد، لكنها تضعه في مواجهة خطر الوقوع في فخّ الديون في وقت ليس بعيداً.

والحضور الصيني في العراق ليس جديداً، ولكن بكين نوّعت مشروعاتها ووسّعتها أخيراً في هذا البلد الذي عانى الحروب والنزاعات لأكثر من 40 عاماً. ويشير مدير مشروع الشرق الأوسط وآسيا في معهد الشرق الأوسط، جون كالابريز، في تصريحات لوكالة «فرانس برس»، إلى أن «العراق بحاجة ماسة إلى الاستثمار الأجنبي، لاسيما في مجال البنى التحتية الخاصة بالطاقة».

وهنا وجدت الصين الفرصة، فالجمهورية الشعبية بحاجة إلى تأمين حاجاتها من الطاقة وتنويع مصادرها، وأصبحت أوّل مستورد للنفط العراقي. وهي وحدها تستورد 44% من صادرات النفط العراقي، حسبما ذكر مستشار رئيس الوزراء، مظهر صالح، لوكالة الأنباء العراقية.

وفي مجال الطاقة «الوضع نشط»، كما يقول السفير الصيني، تسوي وي، رداً على سؤال لفرانس برس، في مؤتمر صحافي، لكنه يضيف «مازلنا في مرحلة الدخول إلى العراق ونتعاون مع الجانب العراقي، وكذلك مع الشركات الأجنبية التي تعمل في العراق». ويوضح تسوي أنه من «حيث عدد وقيمة المشروعات في مجال الطاقة، لايزال الجانب الصيني في مرحلة البداية».

من جهته، يرى كالابريز أنه وراء الأهداف التجارية الواضحة «يقبع أيضاً طموح الصين في استعراض عملها وتلميع صورتها وترسيخ نفسها بعمق في بلد ومنطقة هيمن عليها الغرب، خصوصاً الولايات المتحدة» لوقت طويل.

الحزام والطريق

أصبح العراق، في 2019، واحداً من شركاء الصين في مبادرة «الحزام والطريق»، مع توقيع البلدين اتفاقية في هذا الشأن. وتهدف مبادرة «الحزام والطريق» إلى بناء مشروعات بنى تحتية بحرية وبرية، تصل الصين بشكل أفضل بآسيا وأوروبا وإفريقيا.

لكن الغرب يرى فيها أداة لتعزيز نفوذ الصين في الدول الفقيرة، مندداً، خصوصاً، بتسبب هذه المشروعات في تراكم مديونية كبيرة على تلك البلدان. كما يشتبه الغربيون في وجود ممارسات فساد وانتهاكات لحقوق الإنسان.

وقال متحدّث باسم وزارة الخارجية الصينية لفرانس برس، إن «الصين تشارك بشكل نشط في إعادة بناء الاقتصاد العراقي»، مؤكداً أن بغداد «شريك مهم» في مبادرة «الحزام والطريق».

وفي إطار هذه المبادرة «بقي العراق الشريك الثالث الأكثر أهمية» للصين في قطاع الطاقة «بين عامي 2013 و2022»، كما ذكر تقرير لكريستوف نيدوبيل، لمصلحة مركز التنمية والتمويل الأخضر في جامعة فودان بشنغهاي.

وعلى سبيل المثال، في محافظة ميسان، جنوب العراق، يتمّ تطوير حقل «الحلفاية» مع ائتلاف شركات تقوده شركة «بتروتشاينا» الحكومية الصينية، إلى جانب مجموعتي «توتال» الفرنسية و«بتروناس» الماليزية، كما أوضح مدير شركة نفط ميسان في تصريح لوكالة الأنباء العراقية.

أما التبادل التجاري بين البلدين، فهو مزدهر وبلغ في عام 2020، 30 مليار دولار، كما نقلت وكالة الأنباء العراقية عن مسؤول في السفارة الصينية.

ونظراً لأهمية إعمار البنى التحتية، يندرج العديد من المشروعات التي تقوم بها الصين في هذا المجال في إطار الاتفاق الموقّع بين البلدين في 2019 تحت عنوان «الإعمار مقابل النفط». ومن هذه المشروعات 1000 مدرسة ومطار الناصرية.

في مدينة الناصرية في جنوب العراق، تقوم شركة «باور تشاينا»، بالعمل على إحدى هذه المدارس، وهي واحدة من شركتين صينيتين تنفذان مشروعاً يقضي ببناء عدد من المدارس على ثلاث مراحل، وتجري المرحلة الأولى منه التي تشمل 1000 مدرسة في 15 محافظة عراقية.

دروس لغة

تموّل هذه المشروعات من بيع العراق 100 ألف برميل نفط يومياً إلى الصين، تودع إيراداتها في حساب يديره البنك المركزي العراقي في الصين. ولا يمكن أن تُستخدم هذه العائدات إلّا في مشروعات تقوم بها شركات صينية حصراً في العراق.

وعلى الشركات الصينية كذلك العمل مع شركات مقاولة محلية عراقية «لتوفير الأيادي العاملة والمواد الأولية»، كما يشرح لفرانس برس المتحدّث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حيدر مجيد.

ويعتبر الخبير الاقتصادي في معهد «ميدل إيست إيكونوميك سرفي»، يسار المالكي، أن توفير فرص عمل لليد العاملة العراقية «أمر إيجابي»، لكن «هناك شائعات أن غالبية الشركات العراقية متّصلة سياسياً، وغير معروفة، لذلك توجد مخاوف من وجود فساد».

وقال مجيد إن هناك خططاً لإدراج «مشروعات طرق وجسور وسكك حديد وطاقة ونفط وصحة» أيضاً في الاتفاقية. لكن المالكي يحذّر من أن «تستخدم السلطات العراقية الاتفاقية في مشروعات غير مجدية، وينتهي بها المطاف بكثير من الديون، كما هي حال الكثير من الدول الإفريقية».

تجذب الصين، أيضاً، عراقيين راغبين في تعلّم لغتها. من هنا، أسست «جمعية الصداقة العراقية الصينية» معهداً لتعليم اللغة الصينية هو الوحيد في العراق، باستثناء إقليم كردستان، قبل أقلّ من عام.

على مقاعد الدراسة هنا طلّاب راغبون في استكمال تعليمهم في الصين وتجار يستوردون بضائعهم من هذا البلد. أما المدرّس سجاد القزاز (25 عاماً)، فقد تعلّم اللغة خلال ست سنوات درس فيها الطب بالصين. ويقول القزاز: «عندما عدت إلى العراق من الصين، وجدت أن الكثير من الناس يرغبون في تعلم اللغة الصينية».

وغالبية الطلاب تجار، مثل ليث أحمد، إذ يقول: «أملك شركة استيراد أجهزة كهربائية من الصين». وأضاف «أذهب إلى هناك دائماً وأجد صعوبة بالتعامل مع الصينيين، لأن غالبيتهم لا يتكلمون اللغة الإنجليزية، لذلك قررت أن أتعلم الصينية حتى أسهّل التواصل معهم».

 الصين بحاجة إلى تأمين حاجاتها من الطاقة وتنويع مصادرها، وأصبحت أوّل مستورد للنفط العراقي.

لا يمكن أن تُستخدم عائدات النفط المصدر إلى بكين إلّا في مشروعات تقوم بها شركات صينية حصراً في العراق.

100000

برميل نفط يبيعها العراق يومياً إلى الصين لتمويل المشروعات.

30

مليار دولار قيمة التبادل التجاري بين الصين والعراق في 2020.

تويتر