يصيب العشرات سنوياً

الحمّى الروماتيزمية مرض مناعي مُميت يهدّد الأطفال في نيوزيلندا

صورة

كان ناثنيال هارلاند في الرابعة من عمره عندما لاحظ معلمو الحضانة أن الصبي كان خاملاً ومنعزلاً في الزاوية. وفي ذلك اليوم، فحص طبيب صدر الطفل، ونصح أسرته بأن تأخذه مباشرة إلى المستشفى، فقد أصيب بنفخة قلبية.

وأظهرت اختبارات أخرى أن قلبه قد تضرر من نوبة سابقة من الحمى الروماتيزمية غير مشخصة، وهي مرض خطر، ولكن يمكن الوقاية منه تماماً، وقد تم القضاء عليه تماماً في معظم البلدان المتقدمة، لكنه لايزال موجوداً في نيوزيلندا وأستراليا.

وقالت والدته، ناتاشا هارلاند: «كانت تلك صدمة كبيرة. لقد كان تغييراً كبيراً في حياتنا»، متابعة «كنت في المستشفى على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع مع ناثنيال، بينما تولى زوجي دور مقدم الرعاية بدوام كامل في المنزل».

وناثنيال، البالغ من العمر الآن 12 عاماً، يجب أن يخضع لحقن منتظمة ومؤلمة، وقد تم تشخيصه، أخيراً، بمرض الرئة. وقالت ناتاشا إنه عانى خفقاناً غير منتظم ونوبات من فقدان الوعي، «لديه ألم شديد، لذلك عندما يقول إنه ليس على ما يرام، فهذا هو الوقت المناسب لنا لاستدعاء سيارة إسعاف، لأن الأمر يتفاقم بسرعة كبيرة».

ويمكن أن تكون الحمى الروماتيزمية أحد أمراض المناعة الذاتية المميتة، التي يسببها عدم معالجة التهاب الحلق البكتيري، أو كما اكتشف باحثون نيوزيلنديون، أخيراً، التهابات جلدية غير معالجة. ويمكن أن يكون المرض مؤلماً، ويسبب آثاراً عصبية، ويمكن أن يتطور إلى أمراض القلب الروماتيزمية التي لا شفاء منها، ما يتطلب علاجاً دوائياً طويل الأمد، وفي بعض الأحيان، جراحة صمام القلب.

ولا يصيب المرض الأعراق المختلفة في نيوزيلندا، بالشدة نفسها، إذ إن 93٪ من الحالات موجودة في أطفال «باسيفيكا» والماوريين. ويُدخل أطفال باسيفيكا إلى المستشفى بسبب الحمى الروماتيزمية 140 مرة أكثر من الأطفال الذين ينتمون إلى الأعراق «الأوروبية أو غيرها»؛ بينما يُدخل أطفال الماوري 50 مرة أكثر. وفي المتوسط، يموت 140 شخصاً من أمراض القلب الروماتيزمية، كل عام. ويتم تشخيص نحو 160 حالة جديدة، كل عام، ولكن العديد من الحالات لا يتم الإبلاغ عنها.

ولا يوجد علاج، لكن يجري تنفيذ مشروع تموله الحكومة في نيوزيلندا لتقييم ما إذا كان اللقاح ممكناً. ومثل العديد من الأطفال المصابين بالحمى الروماتيزمية، فإن ناثنيال من العرق الماوري. ولم تواجه أسرته الضغوط الاجتماعية والاقتصادية وضغوط الإسكان، كما فعل العديد من المصابين بالمرض. وفي الغالب، فإن الحمى الروماتيزمية هي مرض الفقراء.

وكشف بحث جديد نُشر في مجلة «ذا لانسيت» عن أقوى دليل، حتى الآن، على أن أولئك الذين يعيشون في مساكن مزدحمة يصابون بالتهابات جلدية، وأولئك الذين يفتقرون إلى الرعاية الصحية الأولية هم أكثر عرضة للإصابة بالحمى الروماتيزمية الحادة. وقال المؤلف الرئيس للدراسة، الدكتور مايكل بيكر، من جامعة أوتاجو، إن هذه هي المرة الأولى التي يحقق فيها الباحثون في عوامل الخطر الخاصة بالعدوى بالمكورات العقدية من المجموعة «أ»، في الحلق (التهاب الحلق)، والجلد (الجلد العقدي)، التي يمكن أن تسبب الحمى الروماتيزمية.


دليل حقيقي

يعتقد الدكتور مايكل بيكر، أن الحمى الروماتيزمية هي «الآن أكثر الأمراض خطورة على الأرجح في نيوزيلندا». وقال إنها خطوة كبيرة إلى الأمام لتحديد مسار رئيس يقود لخطر الإصابة بهذه الحمى، «هذا هو الدليل الحقيقي الذي نحتاجه لإقناع الأطباء بضرورة بذل قصارى جهدهم في علاج التهابات الجلد».

ويعيش أكثر من 10٪ من سكان نيوزيلندا في مساكن مكتظة. والأسباب كثيرة، لكن أهم العوامل هي سوق الإسكان المتقلب، والإيجارات المرتفعة، وركود الأجور، ونقص الإسكان الاجتماعي، وارتفاع تكاليف المعيشة. وفي الوقت نفسه، تعاني البلاد مشكلات واسعة النطاق مع المساكن الرطبة المتعفنة.

ووجدت الدراسة أن توفير السكن المناسب، وتقليل الازدحام في المنزل، يمكن أن يقللا من الإصابة بالحمّى الروماتيزمية الحادة.

الأشخاص الذين يعيشون في مساكن مزدحمة يصابون بالتهابات جلدية، والذين يفتقرون إلى الرعاية الصحية الأولية أكثر عُرضة للإصابة بالمرض.

تويتر