يتقاضون رواتب مُجزية

المجنّدون في الجمهوريات الروسية يعقّدون المشهد الأوكراني

صورة

قلة من الناس في جمهورية باشكورتوستان الروسية سمعوا عن كمال يدينوف، قبل شهر مايو عندما كتب منشوراً على الإنترنت، يدعو فيه السكان المحليين إلى الاشتراك في كتيبة «باشكير»، للمشاركة في الهجوم الروسي على أوكرانيا.

وفي غضون يومين فقط، أعرب أكثر من 800 شخص من عرقية الباشكير، تراوح أعمارهم بين 18 و50 عاماً، عن اهتمامهم بالانضمام، وفقاً ليدينوف، 46 سنة، الذي يقول: «لقد ألهمني تاريخنا»، وسلط الضوء على قصة وحدة سلاح الفرسان المحلية، التي تشكلت خلال الحرب العالمية الثانية.

ومع دخول الصراع في أوكرانيا شهره السادس، مع معاناة روسيا من نقص حاد في القوة البشرية، يبدو أن وحدات مثل كتيبة الباشكير - المكونة من متطوعين برواتب كبيرة ومُزودة بتدريب عسكري محدود - جزء من محاولة الكرملين للعثور على حل مجزأ. وكانت فكرة يدينوف ناجحة للغاية لدرجة أن ممثلي مجموعة من المحاربين المظليين الباشكير القدامى أعلنوا تشكيل كتيبة محلية ثانية بعد شهر.

ما لا يقل عن 14 منطقة أخرى - بما في ذلك جمهورية تتارستان ومنطقة الشرق الأقصى ومدن موسكو وسانت بطرسبرغ - اتبعت منذ ذلك الحين نموذج باشكورتوستان؛ وأعلنت عن تشكيل وحدات محلية ليتم إرسالها إلى أوكرانيا. ولن تكون إدارة هذه الكتائب مكلفة فحسب، بل ستكون معرضة لخطر الخسائر الكبيرة، وفقاً لخبراء عسكريين. وقال معهد دراسات الحرب، وهو مركز أبحاث أميركي، في تقرير نُشر الشهر الماضي، «من المرجح أن ينتج عن هذه الحملة جنود بجودة أقل من المجندين العاديين في الجيش الروسي، بكلفة تقترب من كلفة الجنود المحترفين».

وبما أن الكتائب القادمة من باشكورتوستان لاتزال تنتظر الانتشار، فإن الوحدات الإقليمية الوحيدة التي تقاتل حالياً، في أوكرانيا، هي من جمهوريات شمال القوقاز الروسية في أوسيتيا الشمالية والشيشان. ويعتقد المراقبون المحليون أن الوحدات الموالية للزعيم الشيشاني رمضان قديروف، كانت مصدر الإلهام لكتائب الباشكير. وقال الناشط الباشكيري المعارض، رسلان غاباسوف: «رئيس جمهورية باشكورتوستان، راضي خبيروف، يشعر بالغيرة من شهرة قديروف وتأثيره»، متابعاً «هذه الفكرة قادت خبيروف للاقتراب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكسب ثقته».

معنويات عالية

وقال يدينوف إن الروح المعنوية ستكون عالية في كتائب باشكير، لأن الجنود سيقاتلون إلى جانب مواطنيهم. وغالباً ما تم تصوير الجنود في الوحدة وهم يرتدون علم باشكورتوستان الأزرق والأبيض والأخضر. ولكن المحلل العسكري المستقل، بافيل لوزين، قال إن هذا المنطق «يتعارض بشكل جذري مع التقليد المتكامل» للقوات المسلحة الروسية. ومنذ القرن التاسع عشر، تم تنويع تركيبة مجندي الجيش الروسي، عن عمد، للمساعدة في ضمان ولاء الجنود للإمبراطورية. وأوضح لوزين «تمثل الوحدات التي تشكلت على أساس الأصول العرقية المشتركة خطراً أكبر»، متابعاً «عندما يختلط الجميع، يمكن قمع عدم الولاء من خلال قلب الوحدة بأكملها ضد (الجندي) غير الموالي، ولكن هنا يمكن للوحدة بأكملها أن تنقلب ضد القائد».

وعلى الرغم من الخسائر الكبيرة في أوكرانيا، لايزال الكرملين غير راغب في إعلان تعبئة أوسع. وبدلاً من ذلك، يسعى على ما يبدو لدفع الرجال إلى المقدمة من خلال تقليل متطلبات التدريب، وتقديم مكافآت كبيرة وتشجيع مبادرات مثل إنشاء الكتائب الإقليمية. وإذا قامت كل منطقة روسية بتكوين كتيبة من نحو 400 رجل، فقد يعني ذلك توجه ما يصل إلى 34 ألف مقاتل إضافي إلى الخطوط الأمامية، في أوكرانيا.

وكما هو الحال مع الحملة العسكرية الروسية الأوسع نطاقاً، يبدو أن المال هو أحد العوامل الرئيسة المحفزة لمن ينضمون إلى الكتائب الإقليمية، إذ تُعرض على الجنود رواتب أكبر بمرات عدة من المتوسط المحلي. وسيحصل أولئك الذين يخدمون في كتائب باشكير على 220 ألف روبل (3593 دولاراً) شهرياً، بالإضافة إلى مكافأة قتالية قدرها 8000 روبل يومياً، وفقاً لمنشور نُشر على صفحة يدينوف على منصة «فكونتاكتي». وتعهد مسؤولو باشكورتوستان بدفع مكافأة تسجيل انضمام إضافية قدرها 200 ألف روبل، وزيادة يومية قدرها 2000 روبل. وهذا يعني أن الجندي تحت قيادة يدينوف سيحصل على ما مجموعه 520 ألف روبل (8465 دولاراً) لمدة شهر من القتال في أوكرانيا - ما يقرب من 13 ضعف متوسط الراتب في باشكورتوستان.

وذكرت وكالة الأنباء الإقليمية «بروفي»، في يونيو، أن معظم المجندين من الباشكير شاركوا في حملات عسكرية روسية سابقة. وقال جندي باشكيري في مقابلة على موقع يوتيوب: «كنت في سورية لمدة ثلاثة أشهر، في 2019»، في إشارة إلى الحملة العسكرية الروسية، في هذا البلد، التي قيل إنها اعتمدت بشدة على المقاتلين المرتزقة.

فاعلية محدودة

وعلى الرغم من الوجود البارز على وسائل التواصل الاجتماعي للكتيبة، إلا أن هويات جنود الباشكير، الذين يخدمون في الوحدة محمية بشكل كبير. ومن الأسباب المحتملة للسرية، أن المجندين ليسوا محل هذا القدر الكبير من الإعجاب أو عددهم ليس بالكبير لهذا الحد، كما يود المسؤولون أن يظن الناس، وفقاً للناشط غاباسوف، الذي يقول: «هم في الغالب أشخاص يحتاجون إلى المال، ومعظمهم أكبر من 40 عاماً، وربما كانت لديهم بعض الخبرة أثناء تمركزهم في قاعدة عسكرية في جمهورية الشيشان، قبل 20 عاماً، لكنهم ليسوا محترفين». ويتساءل محللون عسكريون عن مدى فاعلية هؤلاء الجنود في القتال ضد الجيش الأوكراني الذي أثبت أنه ماهر في الدفاع وقادر على إلحاق خسائر كبيرة بالقوات الروسية المهاجمة.

وقال لوزين: «هذا لن يغير مسار الحرب». وبحسب المحلل العسكري، فإن الوحدات العسكرية من جمهوريات روسيا العرقية، يمكن أن تكون عرضة بشكل خاص للتمرد، أو قد تؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي عند عودة أفرادها إلى ديارهم من القتال. وأوضح لوزين «قد يعتقد هؤلاء الجنود أنه يتم إجبارهم على القتال من أجل أهداف غبية كما لو كانوا مستعمرين»، متابعاً «إنه كوكتيل متفجر».

وتم عرض كتائب باشكير، التي يبلغ قوامها نحو 800 رجل، في مقاطع فيديو الشهر الماضي، إذ تم إرسالهم للتدريب. وكان برفقتهم رئيس جمهورية باشكورتوستان، خبيروف، ومسؤولون محليون وصحافيون، وحشد صغير من المتفرجين. وعلى قناة «تلغرام» الخاصة بالكتائب، يمكن مشاهدة المجندين وهم يتدربون على الرماية، والإسعافات الأولية الأساسية، والقيام بعمليات الانسحاب. ومن المتوقع أن يتم نشرهم في أوكرانيا في وقت لاحق من هذا الشهر.


يتساءل محللون عسكريون عن مدى فاعلية هؤلاء الجنود في القتال ضد الجيش الأوكراني، الذي أثبت أنه ماهر في الدفاع وقادر على إلحاق خسائر كبيرة بالقوات الروسية المهاجمة.

8465

دولاراً راتب الجندي في كتيبة الباشكير، نظير شهر من القتال في أوكرانيا.

34000

مقاتل يُتوقع تجنيدهم للقتال في المناطق الروسية المختلفة.

تويتر