أطفال لا تتجاوز أعمارهم 11 عاماً تورطوا فيها

حوادث السطو العنيفة تتزايد في المدن النيوزيلندية

صورة

في وقت متأخر من المساء، يصبح شارع كوين ستريت، الذي يعتبر شريان التسوق الرئيس في مدينة أوكلاند النيوزيلندية، مهجوراً. ووسط المدينة، تغلق العديد من المتاجر أبوابها، في وقت مبكر، ويستعين أصحابها بقضبان حديدية للحماية.

وبعد أن تم إفراغها بالفعل بسبب الجائحة، تواجه بعض مدن نيوزيلندا، الآن، ارتفاعاً في معدلات الجريمة. وأشارت بيانات الشرطة إلى أن معدلات الجريمة العنيفة، في أوكلاند، وهي أكبر مدينة في البلاد، قد ارتفعت بنسبة 30% على مستويات ما قبل الوباء، وظلت ثابتة مقارنة بالعام السابق، على الرغم من أشهرٍ من الإغلاق الذي أبقى الناس في منازلهم. وفي ويلينغتون، أدت عمليات إطلاق النار الأخيرة إلى إثارة الذعر بين السكان.

وتصدرت عناوين الأخبار سلسلة عمليات السطو واقتحام المحال بالمركبات، إذ يصدم الجناة واجهات المحال الزجاجية بسياراتهم، ثم يسرقونها. وكان عمر بعض الجناة المزعومين بمثابة صدمة، إذ أفاد تقرير للشرطة بأنه ألقي القبض على أطفال لا تتجاوز أعمارهم 11 عاماً، على خلفية جرائم سرقة.

ووفقاً للمعايير الدولية، تميل المدن النيوزيلندية إلى أن تكون آمنة نسبياً، إلا أن العناوين الرئيسة في الأشهر الأخيرة توحي أحياناً بغير ذلك. وتساءل أحدهم على شبكات التواصل: «لماذا هناك حرب عصابات في وسط ويلينغتون؟»، ويسأل آخر: «ماذا يحدث بحق السماء؟ عملية سطو واقتحام أخرى في أوكلاند!».

وتقول وكالات الخدمة الاجتماعية والشرطة إن وراء هذه الأحداث الكثير من الحرمان الاجتماعي، الذي تفاقم بسبب ضغوط الوباء، ما جعل العديد من النيوزيلنديين خارج مخططات الدعم الحكومية.

وفي وسط أوكلاند، ينتقل «حراس المدينة» عبر منطقة التسوق في مجموعات صغيرة، يرتدون السترات ذات اللون الفوسفوري. وتوقفت مجموعة لتجاذب أطراف الحديث مع المارة، وأعطوا سيجارة لامرأة يسمونها «العمة». إنها تجلس بالقرب من «برج سكاي»، الرمز الأكثر شهرة لمدينة أوكلاند، وقدماها حافيتان.

وتقول بيلين هويتي، وهي عضو في مجموعة الحراسة الليلية في وسط أوكلاند «ننادي الأشخاص بألقاب، مثل العمة، والعم، وابن العم، لأن هؤلاء الناس هم بالتأكيد أقارب لأشخاص آخرين»، متابعة «الأمر بهذه البساطة».

ويُطلق الحراس على أنفسهم «عيون وآذان» المدينة. وأمضى الكثير منهم سنوات في توزيع الطعام والمساعدات، أو المشي في الدوريات المجتمعية. ويقولون إن اليأس «يتزايد في الشوارع».

وفي ذلك تقول الناشطة غريس نغاريماتا «على الرغم من أن الحكومة قد أنفقت الكثير من الأموال خلال الجائحة، فلاتزال هناك فجوة»، متابعة «أولئك الذين يسقطون من خلال تلك الشقوق لا أحد ينظر إليهم، لذلك يعانون ويعودون إلى الشوارع، ويبدأون بجرائم صغيرة».

إن الحراس قلقون بشكل خاص على الأطفال والمراهقين، الذين دخلوا في عزلة عندما أغلقت المدارس. وفي الأسبوع الماضي، قال مديرو المدارس إن واحداً من كل خمسة طلاب تغيب عن الدراسة خلال الفصل الماضي.

• الحراس قلقون بشكل خاص على الأطفال والمراهقين، الذين دخلوا في عزلة عندما أغلقت المدارس.

• ٪30 نسبة ارتفاع الجريمة في أوكلاند، مقارنة بمستويات ما قبل الوباء.


 

أوصياء قادرون

قد يكون خلو الشوارع من الناس سبباً رئيساً لارتفاع معدلات الجريمة، داخل المدينة، كما يقول عالم الجريمة في جامعة كانتربري، غارود غيلبرت. ويستشهد بالنظرية القائلة بأنه لكي تحدث معظم الجرائم، فإنها تحتاج إلى «مجرم محتمل، وهدف مناسب، وغياب وصي قادر، أي الأشخاص الذين بمجرد وجودهم يمنعون الجريمة من الحدوث».

وفي مدن نيوزيلندا في الوقت الجاري «هناك مشكلة الأوصياء القادرين»، كما يقول غيلبرت «المساحات التي يسكنها عدد كبير من الناس تمنع الجريمة، ويمكن للفراغ أن يولد الفراغ، فإذا شعر الناس بعدم الأمان، فمن غير المرجح أن يخرجوا، ما يجعل الأماكن تبدو على نحو متزايد بأنها مهجورة وضعيفة».

وأصبح تصاعد الجريمة نفسها، واندفاع التغطية الإعلامية التي رافقتها، قضية سياسية للحكومة، التي أعلنت هذا الشهر عن تمويل إضافي للشرطة بأكثر من نصف مليار دولار، وهي واحدة من أكبر حزم الإنفاق التي تم الإعلان عنها.

 

تويتر