المرصد

«المجد للكاريكاتير»

خصص رسام كاريكاتير مصري صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، خلال شهر رمضان المبارك، لكتابة محور واحد فقط، وهو عبارة عن سلسلة كتابة عن «بعض» رسامي الكاريكاتير العرب، ممن التقاهم أو أثروا في مسيرته، فتحولت الكتابة إلى مادة توثيقية ومثيرة للجدل، ومفيدة في الوقت نفسه.

جمعت السلسلة التي كتبها الفنان ورسام الكاريكاتير، سمير عبدالغني، قليلاً من الانطباعات الذاتية والحكايات الشخصية، التي لها معنى وسياق، بفيض من الكتابة النقدية الهادئة عن الرسام وسيرته وبصمته الخاصة وتطوره، وأرفق الكاتب مع كل كتابة ــ فيما يشبه الخدمة الصحافية الشاملة ــ صوراً ورسومات للرسام، ففتحت كل كتابة طاقة تذكّر عشاق الكاريكاتير العربي بهذا الفضاء الثقافي الجميل، وتستحثهم على فتح مزيد من النوافذ عبر المشاهدة، والمطالعة، والقراءة (حسب التسلسل التعبيري المطلوب في هذا الحقل).

تناولت السلسلة كتابات متباينة، رغم عدم شموليتها، كان لكل ضرورته، حيث ضمت رسامين موهوبين، تم تهميشهم رغم امتلاكهم الموهبة، مثل محمد عفت الذي «كان حالماً وبسيطاً، ولم يكن لديه المخالب لينتصر في صراع الحياة»، لذا «اتجه إلى نشر رسومه عبر الحدود، ووجد في مهرجانات العالم من يحتفل بما يقدمه»، وفنانين حساسين للتعبير عن قضايا الناس البسيطة، مثل حسن حاكم، والذي كان الكاتب الساخر، أحمد رجب، يسأل مصطفى حسين عنه، لشدة موهبته، قائلاً «هو حسن حاكم بيشرب إيه؟»، ومثل شقيقه الفنان، محمد حاكم، الذي سماه الكاتب «فيلسوف الكاريكاتير»، الذي «تحمل لوحاته رائحة الأماكن والشخوص»، و«يعرف كيف يخاطب الأطفال»، ومثل الفنان جمعة، الذي استطاع ببرنامجه التلفزيوني «جمعة كل جمعة» أن ينقل الكاريكاتير إلى البيوت وأوسع دائرة ممكنة من المتابعين، ومثل حجازي الذي وصفه صديق للكاتب بأنه «المادة الخام للضحك والسخرية»، ومثل الفنان السوري الذي اقترن اسمه بالمعارك والمتاعب، علي فرزات، ومثل الفنان، مصطفى حسين، الذي رعى الصحافيان مصطفى أمين وعلي أمين، مشروع ضمه مع أحمد رجب، ليشكلا ثنائياً ابتدع شخصيات «كمبوره»، و«عبد الروتين»، و«عبده مشتاق» و«قاسم السماوي»، ومثل بهجوري، مؤسس مدرسة الكاريكاتير الحديث في مصر، ومثل الفنان صلاح جاهين، الذي وصفه الكاتب بـ«إحدى عجائب الدنيا». وبالطبع غابت عن السلسلة أسماء عربية مهمة، لأن الكاتب كان تركيزه الأكثر على من التقاهم في حياته، فيما يشبه كتابات من نوع «حكايات في حياتي».

شملت الكتابة (التي أصبحت الآن في طور الكتاب، بعد أن عرضت مجلة كاريكاتير تحويلها إلى بي دي إف)، عشرات الكواليس لعوالم الكاريكاتير واشتباكاتها، وهي كواليس لا تكتمل صورة التأريخ الثقافي من دونها، وأحدث الكتاب عبر الكتابة الإنسانية البسيطة نوعاً من الالتفاف حول هذا الفضاء الثقافي النوعي (أي الكاريكاتير)، الذي أصبح يواجه حالياً منافسين كثيرين، في ظل تزايد أسهم الثقافة السمعية البصرية والكوميكسات، والإنتاج المتدفق الكبير لتعابير البهجة، على صفحات التواصل.

تويتر