في ظل تهديدات روسيا والصين

كاتب أميركي: العالم يتجه بسرعة بالغة إلى اللحظة الأسوأ في التاريخ

بوتين وشي يدركان أنهما يملكان قوة تدميرية هائلة يمكن أن تفني العالم. أرشيفية

دعا المدير التنفيذي الإعلامي، دميتري كيسيليوف، الذي يوصف غالباً بـ«لسان حال بوتين»، عبر التلفزيون الروسي، في أول مايو الجاري، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى إطلاق مركبة مسيّرة تحت الماء من طراز بوسيدون تحمل «رأساً حربياً تبلغ قوته التفجيرية 100 ميغا طن».

وقال كيسيليوف إن التفجير سيؤدي إلى موجة مد كبيرة بطول 1640 قدماً من شأنها أن «تدفع بريطانيا إلى أعماق المحيط».

وقال جوردون جي. تشانغ، وهو أستاذ جامعي وكاتب ومؤرخ أميركي، اشتُهر بكتابه «الانهيار القادم للصين»، في تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي، إن هذا التهديد جاء عقب تهديد أطلقه في 28 أبريل الماضي، آلكسي جورافليوف، رئيس حزب رودينا (الوطن) الموالي للكرملين.

وفي برنامج «60 دقيقة» الذي تبثه القناة الأولى بالتلفزيون الروسي، ناشد جورافليوف الرئيس بوتين مهاجمة بريطانيا بأسلحة نووية باستخدام الصاروخ سارمات، وهو الصاروخ الأكبر والأثقل في العالم. ويطلق حلف شمال الأطلسي (ناتو) على الصاروخ سارمات «الشيطان 2».

إطلاق تهديدات

وشارك بوتين نفسه في إطلاق مثل هذه التهديدات، فقبل إرسال قواته عبر حدود أوكرانيا، حذر «من عواقب لم تواجهوها مطلقاً في تاريخكم».

وفي السابع والعشرين من شهر فبراير الماضي وضع قواته النووية في حالة تأهب عالية. وفي أول مارس الماضي، تفقد الزعيم الروسي بالفعل غواصاته المزودة بصواريخ باليستية، وقاذفات الصواريخ المتحركة على الأرض في ما أُطلق عليه تدريب.

وأضاف جي تشانغ، أحد كبار الزملاء البارزين بمعهد جيتستون الأميركي وعضو المجلس الاستشاري للمعهد، أن لدى روسيا عقيدة نووية معروفة بـ«التصعيد لخفض التصعيد» أو على نحو أكثر دقة «التصعيد للانتصار»، التي تتضمن التهديد بأسلحة نووية أو استخدامها مبكراً في حرب تقليدية.

وخلال هذا القرن ومن حين لآخر قامت الصين، التي أصدرت في الرابع من شهر فبراير الماضي بياناً مشتركاً مع روسيا بشأن شراكتهما التي لا حدود لها، بتوجيه تهديدات لا مبرر لها بتدمير مدن دول أساءت لها بطريقة ما.

تهديد

وفي شهر يوليو العام الماضي، هدد النظام الصيني، على سبيل المثال، بضرب اليابان بأسلحة نووية بسبب دعمها لتايوان.

وفي شهر سبتمبر الماضي، أطلقت الصين تهديداً مماثلاً ضد أستراليا، لأنها انضمت إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في اتفاق أوكوس، وهو ترتيب للحفاظ على الاستقرار في المنطقة.

وفي شهر مارس الماضي، توعدت وزارة الدفاع الصينية «بأسوأ العواقب» بالنسبة للدول التي تساعد تايوان على الدفاع عن نفسها. وبدا أن التهديد كان موجهاً بصفة خاصة إلى أستراليا.

وفي الشهر الجاري، قالت كوريا الشمالية إنه، بالإضافة إلى استخدام الأسلحة النووية للرد على أي هجوم، فإنها قد تهاجم دولاً أخرى بأسلحة نووية.

ولا يمكن أن يكون تهديد روسيا والصين وكوريا الشمالية في الوقت نفسه بإطلاق الأسلحة الأكثر تدميراً في العالم، إشارة جيدة.

وفي مارس الماضي قال بيتر هوسي، وهو زميل رفيع المستوى في معهد هودسون، إن «الانسحاب الفاشل من أفغانستان وعدم الرغبة لدعم أوكرانيا بشكل فعّال قد دفع الأعداء المسلحين بأسلحة نووية إلى تصعيد التهديدات للولايات المتحدة وحلفائها». وتابع «إنهم يشعرون بضعف أميركي متزايد».

وقال ريتشارد فيشر، من مركز التقييم والاستراتيجية الدولية، ومقره فيرجينيا بالولايات المتحدة، بعد وقت وجيز من الغزو الروسي لأوكرانيا «الحزب الشيوعي الصيني، مثل فلاديمير بوتين، فقد خوفه من القوة الأميركية».

اللحظة الأخطر

ويقول كثيرون إن اللحظة الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية كانت أزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر عام 1962. وربما كان الأخطر منها، المواجهة عند نقطة تفتيش تشارلي في الجدار الفاصل بين برلين الشرقية والغربية بين دبابات سوفييتية وأميركية في شهر أكتوبر عام 1961.

وأدرك الرئيس الأميركي السابق، جون كينيدي، ورئيس الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت نيكيتا خروتشوف، أنه لا يتعين أن تكون هناك حرب يتم خلالها تبادل إطلاق الأسلحة النووية. والقضية اليوم هي ما إذا كان بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ يدركان ذلك أيضاً. وربما لا يدركان ذلك.

وربما تكشف هذه التهديدات أن زعماء هذه الأنظمة يتشاركون عقلية الأيام الأخيرة في الغرفة المحصنة.

ويحكم كل من روسيا والصين - رغم أن ذلك بطرق مختلفة - أنظمة في محنة، ما يعني أنه لاشك أن لدى زعمائهما عتبات منخفضة من المخاطر.

ومهما كان السبب وراء إطلاق التهديدات، أبلغ بوتين وشي الجميع بما يعتزمان عمله. وللأسف، الزعماء الغربيون مصممون على عدم تصديقهما.

ورداً على التهديدات الروسية، قال الرئيس الأميركي جو بايدن في الثامن والعشرين من شهر فبراير الماضي، إنه لا يتعين على الشعب الأميركي أن يقلق إزاء اندلاع حرب نووية. وعلى العكس تماماً، هناك كل الأسباب للشعور بالقلق.

وتماشياً مع التفكير الغربي، تجاهل الرؤساء ورؤساء الوزراء، دائماً تقريباً، التهديدات النووية، على أمل عدم إضفاء أهمية عليها.

وتابع جي تشانغ أنه للأسف، أدى هذا الموقف فقط إلى تشجيع مُطلقي التهديدات على توجيه المزيد منها. وكلما تأخر المجتمع الدولي في التصدي للروس والصينيين والكوريين الشماليين العدوانيين، كلما أصبحت المواجهات أكثر خطورة.

لذلك، فإن العالم يبدو أنه يقترب بسرعة من اللحظة الأسوأ في التاريخ.

وقال بايدن في شهر يونيو العام الماضي: «لا يمكن الفوز في حرب نووية ولا يجب إطلاقاً خوضها»، ربما يكون الأمر كذلك.

واختتم جي تشانج تقريره بقوله إنه ربما يعتقد بوتين، الذي أطلق تلك الكلمات على نحو مشترك مع الرئيس الأميركي، أن بإمكانه شن حرب نووية، وحتى الانتصار فيها.

• يحكم كلاً من روسيا والصين - رغم أن ذلك بطرق مختلفة - أنظمة في محنة، ما يعني أنه لاشك أن لدى زعمائهما عتبات منخفضة من المخاطر.

• خلال هذا القرن ومن حين لآخر قامت الصين، التي أصدرت في الرابع من شهر فبراير الماضي بياناً مشتركاً مع روسيا بشأن شراكتهما التي لا حدود لها، بتوجيه تهديدات لا مبرر لها بتدمير مدن دول أساءت لها بطريقة ما.

تويتر