نتيجة إغلاق الحرم الإبراهيمي ومحال البلدة القديمة بدعوى الأعياد اليهودية

مظاهر العيد تغيب قسراً عن أسواق «عصب الضفة».. خليل الرحمن

صورة

تُعد مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية من أكبر المدن الفلسطينية مساحة واكتظاظاً بالسكان، فيما تشتهر بلدتها القديمة، التي يقطنها 40 ألف فلسطيني، بأسواقها التجارية التي تشتهر بلقب «عصب الضفة»، حيث يرتادها الفلسطينيون من شتى مدن وبلدات الضفة، خصوصاً في مواسم الأعياد وشهر رمضان المبارك.

هذا العام تعرضت أسواق البلدة القديمة التي تسهم بنسبة كبيرة في إنعاش اقتصاد مدينة الخليل، إلى ضربة قاضية قصمت ظهر السكان وأصحاب المحال التجارية والبسطات المتنقلة في جميع الأسواق، حيث أغلقت قوات الاحتلال الحرم الإبراهيمي أمام المسلمين، وفتحته أمام المستوطنين الذين استباحوا حرمته لتأدية طقوسهم التلمودية في عيد الفصح، حسب التقويم العبري، الأمر الذي انعكس سلباً على حركة البيع والشراء داخل أسواق البلدة.

وشهدت مدينة الخليل، خصوصاً البلدة القديمة فيها، توتراً شديداً في أعقاب أحداث اقتحام الاحتلال المسجد الأقصى المبارك، وإغلاق الحرم الإبراهيمي خلال أيام الشهر الفضيل، ما أضعف الحركة التجارية مرة أخرى في أسواق البلدة القديمة، التي تعيش حالة حرجة من الركود الاقتصادي، نتيجة ممارسات قوات الاحتلال التعسفية، واعتداءات المستوطنين المتصاعدة.

انعدام حركة الأسواق

تمهيداً لاقتحام المستوطنين شارع بئر السبع المجاور للحرم الإبراهيمي في الأسبوع الثالث من شهر الصيام، أجبرت قوات الاحتلال أصحاب المحال التجارية على إغلاق أبوابها في هذا الشارع، وفي منطقة باب الزاوية وسط بلدة الخليل القديمة.

ويوضح مدير لجنة إعمار الخليل عماد حمدان، أنه في إطار المخطط الاستيطاني التهويدي الهادف إلى تفريغ منطقة البلدة القديمة من سكانها، وإقامة تكتل استيطاني كبير في قلب مدينة الخليل، تنتهج سلطات الاحتلال سياسة الخنق الاقتصادي بحق التجار وأصحاب المحال التجارية، لإجبارهم على إخلاء محالهم.

ويقول حمدان في حديث خاص لـ«الإمارات اليوم»، إن الاحتلال يدرك تماماً أن النشاط الاقتصادي في مدينة الخليل، هو المعزز الأكبر لصمود سكانها، لذلك ترى إسرائيل في سياسة إغلاق الحرم الابراهيمي أمام المصلين المسلمين، والدفع بالمستوطنين لمهاجمة المواطنين والمتسوقين، الأسلوب الأنجح، لممارسة الضغط الاقتصادي بحق تجار البلدة القديمة، فزوار الحرم الإبراهيمي، خصوصاً في شهر رمضان، يشكلون النسبة الأكبر من حجم المتسوقين. ويضيف «يوجد في ساحة باب البلدية داخل البلدة القديمة 10 محال تجارية، مازالت تفتح أبوابها، إلا أن اجراءات الاحتلال واعتداءات مستوطنيه تنذر بإغلاقها، تماماً كما أغلقت بقية المحال في البلدة».

وتغلق القوات الإسرائيلية 1800 محل تجاري في أسواق البلدة القديمة، منها 530 محلاً أبوابها موصدة بأوامر عسكرية منذ سنوات عدة، الأمر الذي فاقم من حالة الركود الاقتصادي التي تواجهها هذه الأسواق، لتنعدم مظاهر الحركة الشرائية استعداداً لاستقبال عيد الفطر المبارك.

وكان المجلس النرويجي للاجئين قدّر إجمالي الخسائر المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن إغلاق المحال التجارية في بلدة الخليل القديمة بأوامر عسكرية منذ عام 1994، وحتى عام 2019، بنحو 485 مليون دولار، أي ما يعادل 1.6 مليون دولار في الشهر الواحد.

منطقة مغلقة

ووفقاً لمدير مسجد الحرم الإبراهيمي، غسان الرجبي، فإن قوات الاحتلال أغلقت المسجد بالكامل منذ الساعة العاشرة ليلاً من يوم الإثنين، وحتى فجر يوم الأربعاء من الأسبوع الثالث لشهر رمضان المبارك، أمام المسلمين، ومنعتهم من الدخول إليه، بحجة تأمين احتفالات المستوطنين بالأعياد اليهودية.

ويقول الرجبي: «إن قوات الاحتلال تفرض سيطرتها الكاملة على رابع أقدس مكان إسلامي في العالم، باستخدام قوة السلاح، والتحكم في إغلاقه وفتحه، واغتصابه لصالح المستوطنين، فأثناء إغلاق الحرم الإبراهيمي لم يتمكن أي فلسطيني أو زائر من الدخول إليه، إذ اعتبر الاحتلال الأماكن القريبة منه منطقة أمنية مغلقة».

ويشير إلى أن الاحتلال يفرض سياسة التقسيم الزماني والمكاني بحق المسجد الإبراهيمي منذ مجزرة قتل المصلين بداخله في شهر رمضان من عام 1994، ليسلب 63% من إجمالي مساحة الحرم، فيما يستبيح كامل باحاته على مدار 10 أيام متفرقة خلال العام الواحد، مضيفاً «يقتحم المستوطنون أروقة المسجد الداخلية، وباحاته، ويؤدون صلوات راقصة وماجنة، بعضها يتخللها شرب الخمور».

معاناة طويلة الأمد

على مدار السنوات الماضية، يعاني سكان الخليل مضايقات قاسية، وخسائر فادحة، على أيدي المستوطنين داخل خمس بؤر استيطانية في البلدة القديمة، والقوات الإسرائيلية، حيث أغلقت محالهم التجارية، وشوارعهم الرئيسة، أمام حركة تنقلهم، أبرزها شارع الشهداء المغلق منذ 28 عاماً.

ويقول أبوأسعد الفاخوري صاحب أحد المحال التجارية في منطقة باب الزاوية المجاورة للحرم الإبراهيمي: «يوجد داخل البلدة القديمة أحياء عدة لا يمكن للفلسطيني دخولها، إلا إذا كان مقيماً، وبالتالي لا يسمح لأحد بزيارتها، بينما لا يمكن دخول الأحياء الأخرى، إلا من خلال الحواجز العسكرية، وبوابات التفتيش الحديدية».

ويضيف أن «سياسة التحكم بحركة الدخول والخروج هذه، انعكست سلباً على حركة البيع والشراء داخل أسواق البلدة، وما زاد الطين بلة، أن أحداث الإغلاق الأخيرة، تزامنت مع موسم عيد الفطر المبارك، الذي ننتظره على أحر من الجمر، لتعويض حجم الخسائر الكبيرة التي نتعرض لها على مدار العام، نتيجة حالة الركود الاقتصادي، الناجمة عن ممارسات الاحتلال، وقيوده».

• تمهيداً لاقتحام المستوطنين شارع بئر السبع المجاور للحرم الإبراهيمي في الأسبوع الثالث من شهر الصيام، أجبرت قوات الاحتلال أصحاب المحال التجارية على إغلاق أبوابها في هذا الشارع، وفي منطقة باب الزاوية وسط بلدة الخليل القديمة.

• تغلق القوات الإسرائيلية 1800 محل تجاري في أسواق البلدة القديمة، منها 530 محلاً أبوابها موصدة بأوامر عسكرية منذ سنوات عدة، الأمر الذي فاقم من حالة الركود الاقتصادي التي تواجهها هذه الأسواق، لتنعدم مظاهر الحركة الشرائية استعداداً لاستقبال عيد الفطر المبارك.

تويتر