المحلل الأميركي ويليام راينش:

تأثير العقوبات على روسيا يحتاج إلى أشهر وسنوات.. وليس أسابيع

بوتين لن يشعر بتأثير العقوبات الآن. À إي.بي.إيه

يفرض ملف العقوبات الأميركية على روسيا نفسه بشدة على موائد النقاش السياسي والاقتصادي، وربما العسكري في الولايات المتحدة، مع فرض حزمة جديدة من هذه العقوبات، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، بسبب غزو روسيا لأوكرانيا، وتورطها في أعمال وصفتها مصادر مختلفة بالوحشية في العديد من المدن الأوكرانية.

ويقول أستاذ كرسي شول للأعمال الدولية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، وليام راينش، في تحليل نشره المركز على موقعه الإلكتروني، إنه بعد ثمانية أسابيع من بدء الغزو الروسي، وفرض حزم متتالية من العقوبات على موسكو، يمكن الوصول إلى بعض الاستنتاجات بشأن تلك العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها وأصدقاؤها.

ويضيف راينش الذي عمل لمدة 15 عاماً رئيساً للمجلس الوطني للتجارة الخارجية الأميركي، المعني بتشجيع الأسواق المفتوحة، ودعم بنك الاستيراد والتصدير الأميركي، ومعارضة العقوبات أحادية الجانب، أنه يمكن تصنيف العقوبات التي تم فرضها على روسيا بعد غزو أوكرانيا إلى أربع فئات، أولها عقوبات مالية، وتشمل الاستبعاد من نظام إدارة المعاملات المصرفية الدولية «سويفت»، وتجميد الأصول، والحرمان من المزايا الضريبية، وثانيها عقوبات على الاستيراد، وتتضمن فرض قيود على الواردات القادمة من روسيا، وحرمانها من مزايا منظمة التجارة العالمية، وفرض حظر على بعض الواردات، ثم عقوبات تصديرية، وتشمل فرض قيود على الصادرات وتدفق رؤوس الأموال إلى روسيا، وأخيراً منع روسيا من استخدام أجواء ومطارات الدول التي فرضت العقوبات على موسكو، ومصادرة وتجميد أصول الأثرياء الروس المرتبطين بنظام حكم الرئيس فلاديمير بوتين، وحرمان روسيا من المشاركة في الأحداث الرياضية والثقافية الدولية.

فشل التهديد بالعقوبات

ويمكن للمرء القول إنه طالما أن التهديد بكل هذه العقوبات فشل في منع روسيا من غزو أوكرانيا، فإنها تعتبر فشلت. والحقيقة أن أقوى فاعلية للعقوبات تتحقق عندما يؤدي التهديد بها إلى منع الطرف المستهدف من القيام بالتحرك المرفوض من الأساس. وإذا لم يحقق التهديد بالعقوبات الردع المطلوب، كما حدث مع روسيا الآن، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها في موقف دفاعي منذ البداية، لذلك من المهم تحديد أهداف العقوبات بوضوح، فإذا كان الهدف هو إجبار الخصم على تغيير رأيه والانسحاب، فالأمر لن يحدث مع روسيا. أما إذا كان الهدف هو إلحاق ألم فوري كبير بالخصم، مع التعهد بفرض المزيد من العقوبات اللاحقة، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تغيير موقف الخصم فيما بعد، فإنه لا يمكن حتى الآن تقييم مدى فاعلية العقوبات الجارية، ولا يمكن التثبت من هذا في وقت قريب، لذلك فإن أقصى ما يمكن عمله الآن بالنسبة للمراقب هو التعليق على الجوانب الفعالة، والأخرى غير الفعالة في العقوبات.

تأثيرات سريعة على القطاع المالي

ويقول راينش إنه ومعظم المراقبين فوجئوا بالتأثيرات السريعة للعقوبات على روسيا، خصوصاً على القطاع المالي. فبشكل عام أبدت الولايات المتحدة وحلفاؤها قوة ووحدة في تنفيذ العقوبات بصور تفوق توقعات الجميع، بما في ذلك بوتين. في الوقت نفسه، أصبح من الواضح أن هذه العقوبات ستكون لها آثارها على المدى الطويل، مضيفاً أنها يمكن أن تلحق أضراراً جسيمة بالاقتصاد الروسي، لكن الأمر سيحتاج إلى أشهر وسنوات وليس أسابيع.

والسبب الرئيس الذي يحد من قوة التأثيرات السريعة للعقوبات على روسيا هو الثغرات في العقوبات على الواردات. فأوروبا مازالت تستورد الغاز الطبيعي والنفط من روسيا، لأن أوروبا لا تستطيع الاستغناء عن الإمدادات الروسية من السلعتين، رغم إدراكها أن استمرار استيراد النفط والغاز الروسيين يمد موسكو بتدفقات نقدية ضخمة، تساعد اقتصادها في تحدي العقوبات، وتمويل العملية العسكرية في أوكرانيا. وأصبح الدرس الواضح الذي يجب أن تدركه أوروبا هو أنه «من دون أمل لا توجد مكاسب».

تأثيرات طويلة المدى

كما أن تأثيرات فرض قيود على التصدير إلى روسيا أو الاستثمار فيها ستكون على المدى الطويل، لأن روسيا لديها الآن ما يكفي لمواصلة الحرب على المدى القصير. والعقوبات ستحرمها من تعويض ما تفقده، وكذلك من التكنولوجيا التي ستحتاج إليها للحفاظ على كفاءة آلتها العسكرية. معنى هذا أن هذه العقوبات ستنجح على المدى الطويل إذا استمر تنفيذها بصرامة. وهناك دائماً ثغرات في التنفيذ، وسيتوقف الأمر كثيراً على تصرفات الصين، لأن العقوبات تشمل الصادرات الصينية التي تحتوي على تكنولوجيا تستخدمها تحصل عليها من الدول الغربية، حيث يتوقع المراقبون ألا تلتزم الصين بالعقوبات بشكل كامل، كما هو الحال في معظم الحالات المماثلة.

وأخيراً، يرى وليام راينش، الذي عمل وكيلاً لوزارة التجارة الأميركية لشؤون التصدير في عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، أن السمة الإيجابية الجديدة في الحرب الجارية هي «العقاب الذاتي»، حيث نجد الكثير من الشركات والهيئات تقرر معاقبة روسيا بشكل طوعي، في ظل الأعمال الوحشية التي ترتكبها القوات الروسية في أوكرانيا، ويوثقها الكثيرون من الأوكرانيين بالصوت والصورة، وينشرونها على العالم.

• أقوى فاعلية للعقوبات تتحقق عندما يؤدي التهديد بها إلى منع الطرف المستهدف من القيام بالتحرك المرفوض من الأساس. وإذا لم يحقق التهديد بالعقوبات الردع المطلوب، كما حدث مع روسيا الآن، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها في موقف دفاعي منذ البداية.

• أوروبا لا تستطيع الاستغناء عن الإمدادات الروسية من السلعتين، رغم إدراكها أن استمرار استيراد النفط والغاز الروسيين يمد موسكو بتدفقات نقدية ضخمة، تساعد اقتصادها في تحدي العقوبات وتمويل العملية العسكرية في أوكرانيا.

تويتر