يتركون المدرسة لكسب لقمة العيش في الشوارع

الفِتيان في أفغانستان أصبحوا المُعيلين لأسرهم

صورة

قبل تسعة أشهر، كان كرزاي بالوشخل طالباً في الصف العاشر، يتعلم الرياضيات والفيزياء، وحتى القليل من تاريخ الفن. واليوم، هو بائع متجول يبيع المناديل الورقية. وفي يوم جيد، يمكنه جني أربعة دولارات أو أكثر، وهو ما يكفي لعائلته لتناول الطعام.

وكرزاي، البالغ من العمر 16 عاماً، هو من بين آلاف الطلاب الذين اضطروا إلى ترك المدرسة، أو الانقطاع عن دروسهم للعمل، منذ استيلاء حركة «طالبان» على السلطة، في أغسطس. ومع عدم دخول أي مساعدات أجنبية، تقريباً، إلى البلاد، ووجود عدد كبير من البالغين العاطلين عن العمل، أصبح المزيد من الفتيان في سن الدراسة يعولون أسرهم.

في كابول، خلقت الحرب والفقر، منذ فترة طويلة، طبقة دنيا دائمة من الأطفال المتسولين، الذين يجمعون القمامة ويلمّعون الأحذية، لكن أعدادهم تضاعفت في الأشهر الأخيرة. واليوم، يتجول الفتيان في شوارع العاصمة، يكدحون في الأسواق والمرائب ومقالب القمامة.

وبينما أثارت حكومة «طالبان» غضباً دولياً لمنع الفتيات من الالتحاق بالمدارس الثانوية، إلا أنها شجعت الفتيان على الحصول على التعليم. وقال المتحدث باسم وزارة التعليم، عزيزالرحمن ريان، إن ستة ملايين فتى، في المدارس حالياً، بالإضافة إلى 2.7 مليون فتاة.

وفي العاصمة الأفغانية، يذهب بعض الفتيان إلى المدرسة في الصباح، ثم يعملون بعد الظهر. وفي برنامج غير ربحي يسمى «أشيانا»، يحضر أكثر من 1500 فتى عامل دروساً، في الصباح، ويتناولون الغداء قبل نزولهم إلى الشوارع. ويقول مدير البرنامج، يوسف نوابي، إن «حاجة هؤلاء قد ارتفعت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة»، موضحاً «لقد رحل الأثرياء، وأصبح الفقراء إلى حد ما أكثر فقراً، والفقراء جداً في حالة يأس». وأشار إلى أنه خلال العقدين الماضيين، تدفقت الأموال الدولية للبرامج الاجتماعية، وذهب الكثير منها إلى الأطفال، «والآن توقف كل هذا».

بالنسبة للفتيان، مثل كرزاي، الذين نشأوا في عصر التوقعات المتزايدة للشباب الأفغاني، مع مدارس جديدة في جميع أنحاء البلاد، وازدهار الجامعات الخاصة، كان إجبارهم على العمل غير اللائق، أمراً صعباً بشكل خاص. كما اضطر شقيقه الأصغر (شهيد - 14 عاماً)، إلى ترك المدرسة ومرافقته في جولاته اليومية. ويقول كرزاي: «أحاول إبقاء عقلي حياً، لكنني أحمل حجراً على كتفي كل يوم». وفي أحد الأيام من الأسبوع الماضي، توجه الأخوان إلى المدينة مبكراً، واشتركا في سيارة أجرة مقابل 10 سنتات. وتوقفا عند أحد الموردين، حيث التقطا أكياساً بلاستيكية من لفائف ورق المطبخ والحمام، ثم انطلقا. وفي البداية عرضا بضاعتهما عند مداخل تجار الهواتف المحمولة، وصالونات التجميل، ومحال الأجهزة، لكن لم يكن هناك إقبال عليها.

وبينما كانا يشقان طريقهما بين حشود المتسوقين والمتسولين، التقيا زبائن محتملين، إلا أنهم قالوا إن سعر الكيس البالغ 1.10 دولار كان مرتفعاً للغاية. وعلى طول الطريق، مرّ كرزاي بالعديد من المطاعم، إذ كان يبيع هناك بانتظام. والآن تم إغلاقها جميعاً في شهر رمضان. ويمشي الأخوان طوال اليوم دون أكل أو شرب. وقال كرزاي: «الجو حار، والأمر صعب بشكل خاص بالنسبة لي ولأخي».

وبعد ذلك، جرّبا حظهما مع مجموعة من متاجر المجوهرات المضاءة بألوان زاهية، لكن الحارس أبعدهما. وأخيراً، عرض رجل يبيع العملات على طاولة أنه سيشتري لفة من ورق الحمام. وحينها تبادل الأخوان الابتسامات السريعة.

دخل متدنٍّ

سأل رجل، يدعى نجيب بشير، 35 عاماً، عن وضع كرزاي وأخيه، ثم ضحك بأسى. وقال: «أنا في الوضع نفسه الذي هما فيه». وقبل استيلاء «طالبان» على السلطة، عمل الأب لأربعة أطفال، لصالح البنك الدولي، ولكن البنك أغلق مكتبه في كابول، وظل الشاب الأفغاني عاطلاً عن العمل، منذ ذلك الحين. وكان يأمل في الحصول على تأشيرة أجنبية. والآن، يكسب أكثر قليلاً من أربعة دولارات في اليوم، ويعلق بالقول: «هذا ليس كافياً، ولكن ما هو الخيار الذي أملكه؟».

• في كابول، خلقت الحرب والفقر، منذ فترة طويلة، طبقة دنيا دائمة من الأطفال المتسولين، الذين يجمعون القمامة ويلمّعون الأحذية، لكن أعدادهم تضاعفت في الأشهر الأخيرة.

تويتر