حقوقيون: عنصرية متأصلة في سياسة الهجرة الأميركية

بايدن يمنح اللاجئين الأوكرانيين الحماية المؤقتة.. ويتجاهل آخرين من إفريقيا

صورة

فتحت الولايات المتحدة الباب أمام اللاجئين الأوكرانيين، وأغلقته أمام آخرين من إفريقيا، ويتساءل الأشخاص الفارون من الصراع في الكاميرون عن سبب عدم حصولهم على المعاملة نفسها مثل الأوكرانيين. فقد رحّب دعاة الهجرة واللاجئون الأوكرانيون بقرار إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بمد حالة الحماية المؤقتة للأوكرانيين في الولايات المتحدة، ما يوفر لهم ملاذاً آمناً من العدوان الذي تسبب فيه الغزو الروسي الوحشي لأوكرانيا.

إلا أن هذا الإجراء السريع قد أثار أسئلة جديدة، أحرجت الإدارة الأميركية بشأن تعاملها مع طالبي اللجوء من البلدان الأخرى التي مزقتها الحروب، خصوصاً الكاميرون. فقد سعى الأشخاص الفارون من الصراع والعنف في تلك الدولة الواقعة في وسط إفريقيا، دون جدوى، على مدى خمس سنوات، للحصول من واشنطن على الحماية نفسها التي تم منحها للأوكرانيين، بعد أسبوع واحد فقط من العدوان الروسي على بلادهم.

ازدواجية أميركية

ويرى المدافعون عن اللاجئين ونشطاء حقوق الإنسان، أن ازدواجية تعامل الولايات المتحدة في التعامل مع اللاجئين من أوكرانيا والكاميرون يعكس بوضوح نهج إدارة بايدن في سياسات الهجرة واللاجئين. ويجادلون بأن بايدن ظل بطيئاً للغاية في التعامل مع الهجرة واللاجئين، مقارنة بإدارة سلفه دونالد ترامب، ويقولون إن اندفاع بايدن لمنح حالة الحماية المؤقتة للأوكرانيين، في الوقت الذي يحجب فيه الحماية نفسها عن الكاميرونيين، يشير إلى عنصرية متأصلة في سياسة الهجرة الأميركية.

شعور بالسخط

وتقول مديرة الإسناد بمنظمة العفو الدولية، آمي فيشر «يشعر الكثير منا بالسخط بأن الأوكرانيين يمكنهم أن يحصلوا على مثل هذا التصنيف في مثل هذا الوقت القصير، بينما لايزال الكاميرونيون ينتظرون». وتضيف فيشر: «من الواضح أنه لا توجد طريقة سوى النظر إلى الأمر من منظور بلدين، أحدهما يحتل العناوين الرئيسة سكانه بيض، وآخر لا يتصدر عناوين الأخبار على الإطلاق، يغلب على سكانه اللون الأسود».

ولم ترد وزارة الأمن الداخلي ومجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض على طلب للتعليق، لكن إدارة بايدن ومسؤولي الأمن الداخلي أوقفوا في الماضي تمديد الحماية المؤقتة لطالبي اللجوء من السودان وجنوب السودان والصومال، لمواجهة الادعاءات بأن نظام الهجرة واللاجئين يميز ضد الأفارقة.

وتعاني الكاميرون، منذ عام 2017، أعمال عنف وعدم استقرار، تسببت في أزمة إنسانية واسعة النطاق، أجبرت مئات الآلاف من الأشخاص على ترك منازلهم. وهناك صراعان رئيسان يؤججان عدم الاستقرار في البلاد. الأول هو الصراع بين الحكومة الكاميرونية، بقيادة الرئيس بول بيا، والانفصاليين من الأقلية الناطقة باللغة الإنجليزية. وأدى هذا الصراع، الذي بدأ في عام 2017، إلى مقتل 4000 مدني على الأقل، وأجبر أكثر من 700 ألف على الفرار من ديارهم، وترك أكثر من 2.2 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية. وتواجه الكاميرون أيضاً تمرداً عنيفاً من جماعة «بوكو حرام» المتطرفة في شمال البلاد، التي أدت إلى نزوح نحو 340 ألف شخص.

بطء التدابير

انزعج نشطاء حقوق اللاجئين من التدابير البطيئة لإدارة بايدن في توفير الحماية المؤقتة للاجئين الكاميرونيين، قائلين إن الإدارة لم تكن صريحة معهم بشأن ما إذا كان سيتم تمديد وضع الحماية للكاميرونيين في الولايات المتحدة. وإذا لم يتم منح هذه الحماية، فإن المدافعين يريدون على الأقل معرفة سبب حجبها عنهم. وبدلاً من ذلك، ظل القرار عالقاً في مأزق بيروقراطي، حيث ينتظر قراراً نهائياً من المسؤولين في وزارة الأمن الداخلي والبيت الأبيض.

ويقول دانيال تسي، وهو أحد المدافعين عن طالبي اللجوء الكاميرونيين في منظمة هايتيان بريدج ألايانس غير الربحية: «هذا شيء نحاول منذ فترة طويلة جداً التحقق منه». ويعتبر تسي أن هذه هي معركته الشخصية، فقد فر إلى الولايات المتحدة من الكاميرون، واستطاع أن يحصل على حق اللجوء، ولكن بعد احتجازه في مرافق الاحتجاز التابعة لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية لأكثر من عام. وعلى مدار العامين الماضيين، كان ينظم حملة مناصرة لمساعدة الكاميرونيين على اكتساب حق الحماية المؤقتة مع مجموعات الشتات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، ومنظمات حقوق المهاجرين الأخرى.

وقال إنه يشعر بخيبة أمل بسبب بطء إدارة بايدن في تصنيف الكاميرون على قائمة المرشحين، مقارنة بأوكرانيا. وقال: «إذا كان النظام لا يحبذ دول الأقليات، فلن نفاجأ حقاً»، ويسترسل «لكن يؤلمني فقط أن العالم وإدارة بايدن يواصلون خذلاننا، بعد أن قطعوا كل هذه الوعود».

ويمنح نظام الحماية المؤقتة، الذي تشرف عليه وزارة الأمن الداخلي - يمنح وضعاً قانونياً وتصاريح عمل لمواطني البلدان التي تعصف بها أزمات، مثل النزاع المسلح المستمر أو الكوارث الطبيعية. والأهم من ذلك، أن الحماية المؤقتة يتم منحها فقط للأجانب الموجودين بالفعل في الولايات المتحدة، وليس لمن يحاولون دخول البلاد. وعادةً ما تسري صلاحية الحماية المؤقتة لمدة ستة أو 12 أو 18 شهراً، ولكن يمكن تمديدها لمدة أطول. البلدان الأخرى التي يحق لمواطنيها الحصول على الحماية المؤقتة، إضافة إلى أوكرانيا، هي ميانمار، والسلفادور، وهايتي، والصومال، وجنوب السودان، والسودان، وسورية، وفنزويلا، واليمن.

ومن المفترض تطبيق تصنيف الحماية المؤقتة على ما يقرب من 40 ألف لاجئ كاميروني موجودين في الولايات المتحدة حالياً، وفقاً لتقديرات منظمات حقوق المهاجرين واللاجئين.

تعاطف شديد

ووجدت قضية اللاجئين الكاميرونيين تعاطفاً شديداً في الكونغرس، حيث هاجم الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي بايدن، لكونه بطيئاً للغاية في التراجع عن السياسات التقييدية المتعلقة بالسماح بتدفق المهاجرين وطالبي اللجوء إلى الولايات المتحدة. وفي مجلس النواب، وجهت النائبة الديمقراطية زوي لوفغرين، وتشغل منصب رئيسة اللجنة الفرعية للهجرة والمواطنة، دعوات إلى بايدن، لمنح الكاميرونيين الحماية المؤقتة. وعلى جانب مجلس الشيوخ، بعث السناتور تامي بالدوين و17 من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الآخرين برسالة إلى بايدن في مارس للمطالبة بتخصيص حماية مؤقتة للكاميرون، مستشهدين جزئياً بالمعاملة القاسية من قبل الحكومة الكاميرونية لطالبي اللجوء الذين أعادتهم الولايات المتحدة قسراً إلى الوطن.

وكتب أعضاء مجلس الشيوخ: «استمرار حملات القمع التي تشنها الحكومة الكاميرونية على المعارضة السياسية، والاعتقال الموثق لقوات الأمن وتعذيبها المعتقلين بعيداً عن أنظار العالم من شأنه أن يخلق مخاطر لأي شخص يتم ترحيله إلى الكاميرون».

إخفاق صارخ

ويقول المدافعون عن اللاجئين إن عدم منح الكاميرونيين تصنيف الحماية المؤقتة هو إخفاق صارخ من قبل إدارة بايدن. وخلص تقرير أصدرته «هيومن رايتس ووتش» في فبراير، وهي منظمة غير ربحية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى أن الكاميرونيين الذين أعيدوا قسراً إلى بلادهم الأصلية تعرضوا للاضطهاد وانتهاكات جسيمة أخرى لحقوق الإنسان. وخلص التقرير إلى أن الولايات المتحدة «انتهكت مبدأ عدم الإعادة القسرية، وهو حجر الزاوية في القانون الدولي للاجئين وحقوق الإنسان». عدم الإعادة القسرية هو مبدأ دولي يحظر على أي بلد إعادة طالبي اللجوء قسراً إلى وطنهم، إذا كان من المحتمل أن يتعرضوا للاضطهاد أو العنف هناك.

وخلص تقرير آخر أيضاً إلى أن وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية، التي تشرف على ترحيل الكاميرونيين الذين طلبوا اللجوء في الولايات المتحدة، قد «أخفقت في حماية وثائق اللجوء السرية أثناء عمليات الترحيل، ما أدى إلى مصادرة الوثائق، والانتقام الواضح من قبل السلطات الكاميرونية». وقد وثقت «هيومن رايتس ووتش» في تقريرها حالات لمواطنين كاميرونيين، رُحلوا قسراً، تعرضوا للضرب والتعذيب والاغتصاب من قبل عملاء الدولة الكاميرونيين، بعد ترحيلهم من الولايات المتحدة.

• سعى الأشخاص الفارون من الصراع والعنف في الكاميرون الواقعة في وسط إفريقيا، دون جدوى، على مدى خمس سنوات، للحصول من واشنطن على الحماية نفسها التي تم منحها للأوكرانيين، بعد أسبوع واحد فقط من العدوان الروسي على بلادهم.

• يرى المدافعون عن اللاجئين ونشطاء حقوق الإنسان أن ازدواجية الولايات المتحدة في التعامل مع اللاجئين من أوكرانيا والكاميرون تعكس بوضوح نهج إدارة بايدن في سياسات الهجرة واللاجئين.

تويتر