هوغو شافيز دأب على شتم جورج بوش الابن

الإهانات الدبلوماسية بين القادة والمسؤولين لها تاريخ طويل

صورة

عندما سافرت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تروس، إلى موسكو في العاشر من فبراير، لإجراء محادثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، كان من المؤكد أنها كانت تأمل أن يساعد تدخلها في تخفيف التوترات بشأن أوكرانيا. ولكن الأمور لم تسر كما كان مخططاً لها. وفي مؤتمر صحافي، بعد المحادثات، قارن لافروف التجربة بحوار «الطرشان»، قبل أن يغادر ويترك تروس تواجه الكاميرات وحدها. ولافروف ليس معروفاً بلباقته، على كل حال، ففي عام 2015، سُمع عبر ميكروفون قريب، وهو يشير إلى مسؤولين عرب بـ«الحمقى». ولافروف ليس أول من استخدم الإهانات كأداة دبلوماسية، إذ هناك تاريخ طويل لتبادل قادة العالم الانتقادات اللفظية.

زمن الإمبراطورية العثمانية

وفي زمن الإمبراطورية العثمانية، كانت الأفعال أعلى من الأقوال. وعندما أراد السلطان سليم (1512 إلى 1520)، إعلان انتصاره على «بنو ذو القدر»، وهي دولة عازلة بين إمبراطوريته وسلطنة المماليك في مصر، أرسل مبعوثاً إلى القاهرة. وعندما تم استقبال السفير، فتح حقيبة وألقى على قدمي السلطان المملوكي الرأس المقطوعة لحاكم إمارة «ذو القدر»، الذي كان أحد أقرب حلفائه. لم تكن الأمور أكثر وداً، وغزا العثمانيون مصر في نهاية المطاف. وفي تصعيد قاتم آخر، في عام 1827، قام والي الجزائر بضرب السفير الفرنسي بمروحته، ما جلب 132 عاماً من الاستعمار.

وتميل الدبلوماسية الحديثة إلى أن تكون أقل مادية، ولكنها مشحونة بالقدر نفسه من التشنج، وربما لا يثير الدهشة أن المستبدين يظهرون ازدراءً لأعدائهم المنتخبين ديمقراطياً.

شافيز

وكان رئيس فنزويلا الراحل، هوغو شافيز، الذي حكم لمدة 14 عاماً، معروفاً بخطاباته وانتقاداته اللاذعة للرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، وكان يشير بانتظام إلى الأخير على أنه الشيطان، وأشهر هذه الهجمات اللفظية كان في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما انفعل قائلاً «ما زال ينبعث منه رائحة الكبريت»، وكان لدى شافيز معجم خاص للتهكم. وفي خطاب متلفز، في عام 2006، قال عن بوش «أنت جاهل، أنت حمار، سيد خطر!»، متابعاً «أنت جبان وقاتل ومرتكب إبادة جماعية. أنت مدمن على الكحول، وسكران، وكاذب»، ولم يكن لدى القادة الآخرين سوى القليل من الوقت لتصحيح شافيز، وفي اجتماع لرؤساء الدول، في عام 2007، وبّخ ملك إسبانيا علناً شافيز، قائلاً، «لماذا لا تصمت؟».

تحسين السمعة

ولا تؤدي الإهانات العنيفة إلى تحسين سمعة القائد في العالم، لكنها تجذب الانتباه، وهو ما يتوق إليه عادةً الشعبويون، وعلى الرغم من أن القليل منهم قد يهتم بالاحترام الدولي، إلا أنهم قد يستمتعون بإبراز الشعور بالقوة والثقة بالنفس، لمواطنيهم، لأنه يُنظر إليهم على أنهم يتحدون الآخرين، وقبل ما يقرب من عقدين، عندما سخر رئيس زيمبابوي آنذاك، روبرت موغابي، من أن رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، «صبي يرتدي بنطالاً قصيراً»؛ حصل على تأييد متردد حتى من خصومه المحليين، وربما لأسباب مماثلة، وصف دبلوماسيون صينيون رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، بأنه «صبي».

ومن بين الحكام المستبدين الآخرين الذين يفتقرون إلى رجاحة العقل، رئيس الفلبين، رودريغو دوتيرتي، الذي أصدر في عام 2016 «اللعنة عليك» مع إشارة غير لائقة، في حق الاتحاد الأوروبي، بعد أن انتقد أعضاء البرلمان الأوروبي حربه الوحشية على المخدرات. ووصف رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، نظيره الأميركي، دونالد ترامب، بأنه رجل «خَرِف»، في عام 2017، لكنه فعل ذلك رداً على سخرية ترامب، الذي وصفه بـ«رجل الصواريخ الصغير».

تركيا وإسرائيل

وفي عام 2010، كان هناك خلاف دبلوماسي بين تركيا وإسرائيل لأن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي أجلس السفير التركي على أريكة منخفضة، في اجتماع ثنائي. وجربت أنقرة، في وقت لاحق، خدعة مماثلة من خلال تهميش رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، على أريكة عادية، بينما كان أردوغان ورئيس المجلس الأوروبي، تشارلز ميشيل، يجلسان على كرسيين كبيرين. وفي عام 2007، أزعج رئيس روسيا، فلاديمير بوتين، المستشارة الألمانية آنذاك، أنغيلا ميركل، بحضور كلب أسود ضخم، خلال استقبالها في الكرملين، على الرغم من رهاب ميركل المعروف من الكلاب. وقال بوتين لاحقاً «أردت أن أفعل شيئاً لطيفاً لها».

ومما لا شك فيه أن الانتقادات اللاذعة والشتائم ستستمر في الساحة السياسية، وتوفر الدبلوماسية الحديثة فرصاً أكثر من أي وقت مضى لأشكال جديدة من المشاحنات. ويتبادل الدبلوماسيون الإهانات والتوبيخ بطرق مختلفة. وفي عام 2018، عندما أرسل المرشد الأعلى لإيران «تغريدة» تشير إلى إسرائيل على أنها «ورم سرطاني خبيث»، ردت سفارة إسرائيل في أميركا بصورة للقطة من فيلم «فتيات لئيمات»، وهو فيلم عن طالبات مدرسة ثانوية مشاغبات، وجاء في التعليق عن الصورة «لماذا أنت مهووس بي؟».

• لافروف ليس أول من استخدم الإهانات كأداة دبلوماسية، وهو ليس معروفاً بلباقته، على كل حال.

• عندما سخر رئيس زيمبابوي  روبرت موغابي، من أن رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، «صبي يرتدي بنطالاً قصيراً»؛ حصل على تأييد متردد حتى من خصومه المحليين.

• لا تؤدي الإهانات العنيفة إلى تحسين سمعة القائد في العالم، لكنها تجذب الانتباه، وهو ما يتوق إليه عادةً الشعبويون.

تويتر