لتعزيز مفاوضات فيينا

بايدن ينتهج سياسة القوة أمام روسيا.. واللين أمام إيران

صورة

ثمة تباين واضح بين موقف الولايات المتحدة ضد التهديد المتزايد لروسيا على سيادة أوكرانيا، والسياسة المترددة لواشنطن إزاء إيران. وفي الوقت الذي تعمل فيه الإدارة الأميركية على تهديد روسيا بالعقوبات المدمرة، وحتى عن طريق تسليح حملة حرب عصابات، إذا قامت روسيا بغزو جارتها، يبقى ردها على سلوك إيران الخبيث صامتاً.

وتبدو سياسة الانتقام التي ينتهجها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واضحة، وتمثل تهديداً للدول ذات السيادة للكتلة السوفييتية السابقة، وعلى مصالح وقيم الولايات المتحدة. ويشكل سعي المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، للسيطرة الإقليمية أيضاً، تهديداً كبيراً في هذه الأيام من خلال تدخلات إيران في العراق، وسورية، واليمن.

ومع ذلك، فإن سياسة إيران في ظل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في حالة تناقض، فقد عمدت إلى رفض حملة الضغوط القصوى التي فرضها عليها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وسمح لها بانتهاك العقوبات الأميركية، وبذلت جهوداً كبيرة لإحياء الاتفاق السياسي المعروف بخطة العمل المشتركة (الاتفاقية النووية الإيرانية)، وتقوض الخطاب القوي الذي تستخدمه الإدارة الأميركية ضد إيران. وأصبحت إيران أكثر عدوانية، وتطلُّباً، سواء في فيينا أو في منطقة الشرق الأوسط.

والحقيقة المزعجة أن إيران تواصل استراتيجيتها بالخداع، وإثارة الفوضى، والعنف، والتي تنشرها منذ عقود، ولم ينجح التصالح والملاطفة معها مطلقاً.

تضارب في السياسة

وحتى ضمن مفاوضات فيينا، ثمة تضارب في سياسة الولايات المتحدة بين روسيا وإيران. وأوضحت نائب وزير الخارجية الأميركية، ويندي شيرمان، أنه لن تكون هناك أي مناقشات بشأن أوكرانيا، من دون أوكرانيا، وأنه لن تكون هناك مناقشات بشأن أمن أوروبا دون وجود أوروبا، وهذه ليست طريقة التفاوض التي تحدث مع إيران. ولطالما تم رفض منح إسرائيل والدول العربية مقعداً في مفاوضات فيينا، وهذا أمر خاطئ، لأن الاستراتيجية الناجحة ضد إيران يمكن أن تنجح فقط بمساعدة جيران إيران، وهم حلفاء وشركاء للولايات المتحدة، وعندها فقط سيتم ضمان المحاسبة والأمن.

ويبدو أن عدم احترام روسيا للمعايير الدولية من خلال سلوكها الذي شهدناه في كل من جورجيا وسورية وأوكرانيا، يجد شريكاً جيداً في سخرية إيران من السلام والنية الحسنة للعالم، وقام بوتين بتغيير الحدود الدولية عن طريق القوة، وأمر بتسميم خصومه السياسيين، وحبسهم، والتخلص منهم.

وتحت أنظار بوتين، قامت روسيا بشن حملات المعلومات المضللة في المجتمعات الحرة، والتدخل في الانتخابات الحرة في الولايات المتحدة، والانخراط في هجمات سيبرانية عدوانية. إنها ضربات طبول العدوانية الثابتة، وإيران ترقص عليها.

ويستهدف النظام الإيراني الأميركيين بصورة مباشرة، ويواصل شركاؤه الإرهابيون ووكلاؤه إطلاق الطائرات بدون طيار «درون»، والصواريخ على قواعد الجيش الأميركي في العراق، وسورية، وعلى حلفائه وشركائه في المنطقة.

وتواصل إيران الاحتفاظ بالرهائن الأميركيين، وأخيراً نشرت قائمة عقوبات، اعتبرت على نطاق واسع بأنها قائمة للقتل، تحوي أسماء مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين، بمن فيهم سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، وتقوم الآن بتقديم المشورة لمنظمة «متحدون ضد إيران النووية».

تهديدات متكررة

وهددت طهران مراراً بشن عمليات إرهابية داخل الولايات المتحدة. وفي بداية العام الجاري، أعلن قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قآني، متبجحاً، شن حملة إرهابية ضد الولايات المتحدة من «داخلها»، وفي العام الماضي أشارت وزارة العدل الأميركية إلى شبكة استخبارات إيرانية، تحاول اختطاف المعارضة الأميركي من أصل إيراني، مسيح علي نجاد، على الأراضي الأميركية. وواجهت واشنطن هذه الاستفزازات بمجرد إطلاق البيانات، وفرض عقوبات بسيطة، لأن التركيز الأساسي على تعزيز الاتفاق الإيراني النووي.

وربما يرى البعض أن الولايات المتحدة قد وصلت إلى الحد الأقصى لما يمكن أن تفعله في الواقع ضد إيران، بخلاف ما هو الحال في ما يتعلق بروسيا، التي لم تخضع للدرجة نفسها من العزلة، ولكن ذلك وببساطة، ليس صحيحاً، إذ إن عدم تطبيق الولايات المتحدة العقوبات ضد إيران، خصوصاً في ما يتعلق بالتجارة العلنية للنفط مع الدول الأخرى، والافتقار إلى الردع المهم، والقلق الظاهر من قبل الولايات المتحدة كي تظل على طاولة المفاوضات في فيينا، بغض النظر عن السلوك الإيراني، لم يحقق النجاح المنشود. وفي الحقيقة يتعين على الولايات المتحدة أن تكون سياستها واضحة وقوية، وكلما ترددت واشنطن في ذلك زاد تهديد إيران على المنطقة والولايات المتحدة ككل.

• الاستراتيجية الناجحة ضد إيران يمكن أن تنجح فقط بمساعدة جيران إيران، وهم حلفاء وشركاء للولايات المتحدة.

• عدم احترام روسيا للمعايير الدولية من خلال سلوكها الذي شهدناه في كل من جورجيا وسورية وأوكرانيا، يجد شريكاً جيداً في سخرية إيران من السلام والنية الحسنة للعالم.

جوزيف ليبرمان ■ عضو كونغرس سابق ورئيس منظمة «متحدون ضد إيران النووية».

مارك ولاس ■ سفير أميركي سابق لدى الأمم المتحدة والمدير التنفيذي لمنظمة «متحدون ضد إيران النووية».

تويتر