مستشار الأمن القومي السابق في أفغانستان حمدالله مهيب:

إنترفيو.. الفساد صنعه المجتمع الدولي بالأموال التي ضخّها لشراء الذمم

حمدالله مهيب. أرشيفية

تحدث مستشار الأمن القومي السابق في أفغانستان، حمدالله مهيب، عن الأوضاع في أفغانستان، وفسّر في مقابلة نادرة مع مجلة «فورين بوليسي» الأميركية الأسباب التي أدت إلى انهيار أفغانستان، إضافة إلى أسباب الفساد في بلاده، وانتصار «طالبان». وفيما يلي مقتطفات من المقابلة:

■ كيف تقيِّم الوضع في أفغانستان؟

■■ لطاما كنا نأمل أن يصل هذا الفصل من المعاناة إلى نهاية سلمية. لقد آلمني كثيراً أنه بعد نحو 40 عاماً من الحرب تستمر المعاناة في أفغانستان، حتى مع انخفاض وتيرة العنف إلى حد كبير، ولكن الوضع الإنساني والاقتصادي يبدو بالغ السوء، ونحن على شفا انهيار اقتصادي، وفقدنا التنوع السياسي، وتم قمع المعارضة والمجتمع المدني. أما وسائل الإعلام فقد أصبحت تخضع للرقابة.

■ لماذا انتصرت «طالبان»؟

■■ أحد الأسباب الرئيسة كان تغيير الولايات المتحدة أولويات سياستها الخارجية، التي ظهرت إبان إدارة الرئيس دونالد ترامب، والتي تم تنفيذها خلال إدارة الرئيس جو بايدن. ويبدو أن إدارة كل من الرئيس باراك أوباما وترامب وبايدن قررت أنه حان الوقت لوقف الحروب الأميركية التي بدت وكأنها لا تنتهي، وتم اتخاذ قرار انسحاب الأميركيين من أفغانستان في أبريل 2021، مهما كلف الأمر. ويبدو أن الحصول على ضمانات من «طالبان» كان أهم من بقاء دولة أفغانستان.

■ كيف ترد على الاتهامات التي تقول إن الرئيس الأفغاني أشرف غني، وأنت، والحكومة بشكل عام، كنتم بعيدين عن الواقع وما يحصل في البلد، وأن «طالبان» كان انتصارها مؤكداً؟.

■■ لا أعتقد أننا كنا منفصلين عن الواقع، على الرغم من تكشف العديد من الحقائق بسرعة كبيرة في شتى أنحاء أفغانستان في الأسابيع التي سبقت انهيار الدولة. وفي 15 أغسطس 2021، أدركنا أنه لم يبق لنا أي خيار سوى المغادرة، لمنع سفك الدماء في شوارع العاصمة وتعرض الرئيس للاغتيال.

■ هل الفقر والفساد هما الإرث الذي خلّفته جمهورية أفغانستان؟ وهل يدفع سكان أفغانستان ثمن قلة كفاءتكم في الحكم؟

■■ الفساد والفقر كانا مشكلتين مستفحلتين في أفغانستان لسنوات عدة، وهو الأمر الذي حاولت حكومة غني مكافحته خلال برنامجها الإصلاحي، إثر إصدار العديد من قوانين الإصلاح، بما فيها أول قانون ضد الفساد. وهناك العديد من الأسباب لمشكلة الفساد، ولكن أعتقد أن هذه المشكلة تجذرت بقوة عام 2001، عندما قام المجتمع الدولي بضخ كميات ضخمة من المال في أفغانستان، عبر أقنية غير رسمية، وكان الهدف من خلالها شراء ذمم وولاء بعض الأطراف من أجل أهداف سياسية، واستمر هذا هذا النموذج من الفساد خلال الـ20 سنة من وجود التحالف الدولي في أفغانستان، وبعد ذلك أصبح المجتمع الدولي يتهم أفغانستان بالفساد.

■ أنت والرئيس غني متهمان بسرقة مبالغ مالية ضخمة.. هل هذا صحيح؟

■■ بالتأكيد لا، وأنا أرفض هذا الاتهام، فقد خدمت هذا البلد بأمانة ونزاهة. وأعتقد أن الأشخاص الذين يعرفونني، وعملوا معي، وحتى الذين يختلفون معي سياسياً، يدركون أن ذلك غير صحيح.

■ هل تعتقد أن «طالبان» يجب الاعتراف بها رسمياً كحكومة شرعية لأفغانستان؟ وهل ينبغي أن يسمح لها بالوصول إلى الاحتياطي الأجنبي للدولة؟

■■ أعتقد أنه ثمة مغالطة تقول إن العقبات التي تواجه «طالبان» هي التي تمنعها من الحكم بصورة ملائمة، وتخفيف الأزمة الاقتصادية والإنسانية في الدولة. وأولاً، لا أعتقد أن الأمر بهذه البساطة، وثانياً ثمة اعتراف فعلي بحكم الواقع بـ«طالبان» من قبل العديد من الدول التي تفاعلت مع «طالبان»، وبعضها فتح سفارات في كابول. ولا أعتقد أن الأسلوب الحالي يمكن أن يؤدي إلى نتائج مرجوة بشأن حقوق الإنسان والحرية السياسية ومحاربة الإرهاب. و«طالبان» ليست حكومة نموذجية، وهي غير منتخبة من الشعب، واستولت على السلطة بالقوة، وتحكم بالقوة، وهي حركة دينية لديها أيديولوجية متشددة، وليست حركة سياسية.

• الفساد والفقر ظلا مشكلتين مستفحلتين في أفغانستان لسنوات عدة، الأمر الذي حاولت حكومة غني مكافحته خلال برنامجها الإصلاحي، الذي تخلله إصدار أول قانون ضد الفساد.

تويتر