الجمهوريون متهمون بالتسبب في تراجع الديمقراطية الأميركية

عدم محاكمة ترامب بشأن أحداث 6 يناير قد يشجع على تكرارها

صورة

يكره الديمقراطيون تذكيرهم بأن المنقذ للديمقراطية الأميركية هو نائب الرئيس السابق، مايك بنس، الذي استمر في ولائه الراسخ للرئيس السابق، دونالد ترامب، حتى اللحظة الحاسمة الأخيرة. ولحسن حظ الجمهوريين، قاوم بنس في 6 يناير هجوماً حرض عليه ترامب حشداً من الغوغاء الذين دخلوا مبنى الكابيتول هيل من أجل تغيير نتيجة الانتخابات.

وفي ذلك الوقت حذر ترامب نائبه قائلاً له: «إما أن تسجل في التاريخ بأنك وطني غيور أو أن تصبح شخصاً تافهاً»، اختار بنس الخيار الأول وأيد شهادة الهيئة الانتخابية. لكن بالنسبة له، قد لا يعتبر الرئيس الحالي جو بايدن رئيساً له.

مرونة محسوبة

سيكون من الخطأ أن ننسب مثل هذه المرونة إلى نظام الولايات المتحدة ككل. فقد قامت ديمقراطيات أخرى، بما في ذلك كوريا الجنوبية، وبيرو، وليتوانيا، وباراغواي، والبرازيل، بإزاحة رؤسائها، وفي بعض الحالات سجنهم. الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، حُكم عليه بالسجن لمدة عام واحد (ظل يقضيه في المنزل) منذ سبتمبر، بتهمة تمويل حملة انتخابية بطريقة غير قانونية. وبالمقارنة مع ترامب، فإن معظم تجاوزات هؤلاء كانت تافهة. وأظهرت ديمقراطيات أخرى، بعضها شابة ومتذبذبة، أنها أكثر قدرة على معاقبة تجاوزات السلطة.

إن عدم محاسبة ترامب يجعل من المرجح أن يتكرر ما حاول فعله. معظم اللوم في تراجع الديمقراطية الأميركية يعود إلى ترامب والحزب الجمهوري، الذي اصطف وراء ادعائه الكاذب بأن بايدن سرق انتخابات 2020. كما قامت الولايات خلال إدارتها من قبل الجمهوريين بتمرير مشروعات قوانين تسهل من إلغاء نتيجة الانتخابات. ومثل هذه الجهود، بدورها، ستجعل من السهل على القضاة الأميركيين المتعاطفين الأخذ بحرفيتها الشرعية وتجاهل الروح الكامنة وراء التخريب.

لكن قدراً كبيراً من اللوم ينصب أيضاً على بايدن، الذي يبتعد بشكل مثير للإعجاب عن إقحام نفسه في مسؤولية ما حدث في تلك الأوقات. الأمر نفسه ينطبق على المدعي العام الأميركي، ميريك غارلاند، الذي يرى أن واجبه الأساسي ينصب في استعادة استقلال وزارة العدل بعد أربع سنوات من تدخل ترامب الروتيني. ويستحق آخر مدّعٍ عام لترامب، بيل بار، الثناء بجانب بنس لرفضه توسلات ترامب للطعن في نتيجة انتخابات 2020. ومثل بنس، لبّى بار نزوات ترامب حتى أصبح الأمر مهيناً.

صاحب مبادئ

غارلاند، قاضٍ سابق، وهو صورة طبق الأصل من بار. فهو صاحب مبادئ عالية في عمله اليومي، ومع ذلك يواجه خطراً شديداً من عدم الاهتمام بالصورة الكبيرة. لا يهم ما إذا كان البعض يصف ما حدث في 6 يناير بأنه «محاولة انقلاب»، أو «تمرد» أو انقلاب فاشل، وهذا الأخير هو الوصف المفضل لدي، حيث يخبرنا التاريخ أن الديمقراطيات التي تفشل في حماية نفسها بقوة القانون لن تنجو من الانقراض.

وبصفته «مؤسسياً»، يرفض غارلاند محاكمة رئيس سابق على الرغم من أن لديه الكثير من الأدلة التي تبرر ذلك. في عام 2019، وثق المستشار الخاص روبرت مولر بوضوح 10 حالات عطل فيها ترامب العدالة. لكن بار نسف هذا التقرير. وحتى بعد أن ترك منصبه، لم يعد ترامب في منجى من الملاحقة القضائية.

ولكل من بايدن وغارلاند مبرراته في تقاعسه عن إدانة ترامب. لكن عليهما التمعن جيداً في التحقيق الجاري في مجلس النواب فيما حدث في 6 يناير، والذي كشف هذا الأسبوع عن المزيد من أدلة الإدانة. ومع ذلك، يتمتع الكونغرس بسلطة إنفاذ ضئيلة. استغرق غارلاند وقتاً طويلاً للموافقة على محاكمة الاستراتيجي السابق لترامب، ستيف بانون، بتهمة ازدراء الكونغرس لتجاهل مذكراته. لن تبدأ محاكمة بانون حتى يوليو المقبل. وإذا تمت إدانته، يمكنه تقديم استئناف. الوقت يجري في صالح ترامب. ففي نوفمبر المقبل، من المرجح أن يستعيد الجمهوريون سلطتهم على مجلس النواب ويغلقوا التحقيق نهائياً. فهل يستطيع غارلاند أن يفعل شيئاً بعد ذلك؟

يمكن لبايدن أن يلقي باللوم في فشل تمرير مشروعات قوانين حماية عملية الانتخابات الأميركية على القسمة المتساوية بين أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين والديمقراطيين (50:50). واستطاع مجلس الشيوخ هذا الأسبوع أن يجد طريقة للالتفاف على هذه القسمة لرفع سقف الديون الأميركية عن طريق التصويت بالأغلبية البسيطة. ويبدو أن حماية الديمقراطية تعتبر لديهم أولوية أدنى من تجنب أزمة في السوق.

قد يكون من الصعب على الأميركيين أن يتقبلوا حقيقة أن نظامهم في خطر. البلدان ذات التاريخ المختلف جذرياً، مثل كوريا الجنوبية، تجد الأمر أسهل من ذلك بكثير. لكن الولايات المتحدة تجد أن الأمر يصعب عليها. ويبدو أن ما حدث في السادس من يناير سيمضي من دون عقاب، ما يعني إمكانية تكراره مرة أخرى.

• أظهرت ديمقراطيات مختلفة عبر العالم، بعضها شابة ومتذبذبة، أنها أكثر قدرة من أميركا على معاقبة تجاوزات السلطة.

أدوارد لوس ■ كاتب رأي بـ«الفايننشال تايمز»

 

تويتر